عندما التقى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة في قمة هلسنكي عام 2018، أجرى الرجلان محادثة مطولة من دون حضور مستشارين. وعندما ظهرا لاحقًا في مؤتمر صحفي، قدم بوتين لترامب كرة قدم كهدية لابنه بارون، قبل أن يفاجئ ترامب الجميع بإعلانه أنه يصدق بوتين أكثر من أجهزة الاستخبارات الأميركية فيما يتعلق بتدخل روسيا في انتخابات 2016.هذا التصريح أثار عاصفة من الانتقادات في واشنطن، مما أجبر ترامب على التراجع سريعًا عن موقفه. خلال 24 ساعة، وتحت ضغط من الكونغرس ومستشاريه، وافق ترامب على فرض عقوبات جديدة على روسيا. لكن الأوضاع تغيرت اليوم، حيث يبدو أن القيود التي كانت تحد من تحركاته لم تعد بنفس القوة، وفقًا لصحيفة *وول ستريت جورنال*. تحولات في السياسة الأميركيةوفقًا لمارك شورت، المستشار السابق لنائب الرئيس الأميركي، فإن القاعدة الجمهورية لم تعد مهتمة بالدفاع عن أوكرانيا كما في السابق، مضيفًا أن "مجلس الشيوخ الجمهوري لم يعد مكترثًا" بمواجهة بوتين. في الفترة الأخيرة، أظهر ترامب تغييرًا جذريًا في سياساته الخارجية، حيث هاجم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووصفه بـ"الدكتاتور"، كما ردد بعض التصريحات التي يروج لها الكرملين حول الحرب في أوكرانيا.على الرغم من أن تحركات ترامب تبدو مفاجئة للبعض، إلا أن مساعديه السابقين يرون أنها استمرار لموقفه القديم. فمنذ قمة هلسنكي، كان ترامب يعامل بوتين بإعجاب واحترام. جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، قال إن ترامب يرى في بوتين "صديقًا" دون أن يدرك أنه يتعرض للاستغلال.وقال مسؤول سابق في إدارة ترامب إن الأخير كان مفتونًا بالقادة الاستبداديين مثل بوتين، لأنهم يتمتعون بسلطة مطلقة ولا يواجهون معارضة من الكونغرس أو المحاكم، وهو ما كان ترامب يطمح إليه. لم يبدأ اهتمام ترامب بروسيا خلال رئاسته، بل يعود إلى عقود مضت. ففي عام 1987، زار الاتحاد السوفييتي بحثًا عن فرص استثمارية، وبعد ذلك بعام حاول لقاء ميخائيل غورباتشوف خلال زيارته لنيويورك. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أقام ترامب علاقات مع رجال أعمال روس أصبحوا أثرياء بعد تفكك الدولة، حتى أنه باع عقارًا في بالم بيتش عام 2008 لرجل أعمال روسي مقرب من الكرملين مقابل 95 مليون دولار.نقاط ضعف ترامبوفقًا لمسؤولين سابقين، كان بوتين يستغل مكالماته مع ترامب بمهارة، حيث كان يتحدث باللغة الروسية، مما يعني أن ترامب كان عليه انتظار الترجمة قبل الرد. هذا منح بوتين فرصة لتوجيه المحادثة بالطريقة التي يريدها، وإيصال رسائله دون مقاطعة. قال أحد المسؤولين: "كان على ترامب أن يستمع إلى كل ما يقوله بوتين قبل أن يرد، مما جعله يتلقى السرد الروسي بالكامل دون مقاطعة".مع تزايد احتمالات عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يثار تساؤل حول مدى تأثير هذه العلاقة على السياسة الخارجية الأميركية، خصوصا فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا والعلاقة مع روسيا. يبدو أن بوتين نجح في بناء علاقة قوية مع ترامب، مما قد يؤثر على التوازنات الدولية في المستقبل.(ترجمات)