منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في عام 2022، أقامت روسيا علاقات عميقة مع إيران، فيما قدمت طهران دعماً كبيراً في ساحة المعركة لموسكو، بما في ذلك الطائرات بدون طيار.إلا أن روسيا تعمل في الوقت نفسه على بناء مجموعة أخرى من العلاقات التي لا تقل أهمية على الرغم من أنها أكثر دقة، بحسب تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية.على مدى العامين الماضيين، كثفت موسكو علاقاتها مع "محور المقاومة" عبر شبكة الوكلاء الإيرانيين التي تمتد من لبنان إلى العراق. وهذا المحور الذي يضم "حماس" و"حزب الله" و"الحوثيين" والميليشيات العراقية والسورية، يُعتقد أنه في مواجهة مع إسرائيل وبالتالي الولايات المتحدة. واكتسبت الحرب في قطاع غزة دعمًا جديدًا للمحور ودفعته إلى اتخاذ إجراءات عسكرية ضد القوات الأميركية والقوات الإسرائيلية والشحن الدولي. ومن خلال القيام بذلك، فقد أعطت روسيا فرصًا جديدة لإضعاف الولايات المتحدة وحلفائها. بعد هجوم 7 أكتوبر، كثّفت موسكو دعمها الدبلوماسي لـ"حماس" و"الحوثيين"، ودافعت عن أفعالهم أمام الأمم المتحدة وألقت باللوم في هجماتهم على الولايات المتحدة. وبحسب المجلة، فإن موسكو ليست محرك الدمى المسيطر على المحور، حيث سيتم قياس جهودها لتحريض أعضاء الشبكة على مزيد من الضغط على الولايات المتحدة. تريد روسيا الحفاظ على العلاقات مع الدول العربية في الخليج العربي وكذلك مع إسرائيل، وبالتالي فهي لا تستطيع أن تقدّم الدعم غير المحدود للجماعات المرتبطة بإيران. وتحتاج واشنطن إلى دفع أطراف ثالثة، خصوصا حلفاءها العرب لتقويض الشراكة بين روسيا ومحور "المقاومة". ولذلك، عملت موسكو على تحويل الانتقادات الدولية الموجهة لـ"حماس" إلى الولايات المتحدة، بحجة أن واشنطن تحتكر عملية السلام بشكل خطير، وبالتالي فهي مسؤولة عن تجدّد اندلاع أعمال العنف في الشرق الأوسط. ولا تزال روسيا تستثمر بشكل كبير في علاقاتها مع دول في الخليج منحت الكرملين فوائد اقتصادية مهمة ولكن لديها علاقة عدائية مع أعضاء المحور. وتريد موسكو أيضاً الحفاظ على حد أدنى من الكياسة مع تل أبيب، التي تستضيف عدداً كبيراً من السكان الناطقين بالروسية، وقد تقدم الدعم العسكري لأوكرانيا في المستقبل.احتواء وضغطوأشارت المجلة إلى أن روسيا والمحور مُتّحدان في العداء تجاه الولايات المتحدة، والذي يريد الطرفان تقليصه. وتتماشى أهداف الجهات الفاعلة على المدى الطويل، حيث إنه بمجرد أن تصل حرب روسيا في أوكرانيا إلى حد أقل، تريد موسكو أيضًا طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط. وحذرت هذه الجهات من أنها لن تسمح للولايات المتحدة بإملاء خطط "لليوم التالي" في غزة والمنطقة الأوسع، مما يشير إلى أن روسيا ستحاول إلقاء الشدائد على أي جهود دبلوماسية مقبلة قد تفوح منها رائحة النجاح الأميركي أو قد تسعى إلى إضعافها. إن تركيز واشنطن الحالي على إضعاف إيران وقطع دعمها للمحور لن يؤدي تلقائيًا إلى تعطيل علاقات المحور مع روسيا. ويتطلب ذلك احتواء وإضعاف الجماعات نفسها. وللقيام بذلك، وفق المجلة، يجب على الولايات المتحدة أن تعيد الانخراط بجدية مع البلدان التي تعمل فيها مجموعات المحور لتعزيز هياكل الدولة الرسمية. وتتّحد هذه الدول حالياً مع المحور في سخطها على الحملة الإسرائيلية في غزة، ولذلك لم تجعل ممارسة هذا الضغط أولوية. ولا يطمح المحور إلى طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط فحسب، بل يطمح أيضًا إلى توجيه ضربة قوية لبلد يعتبره "إمبراطورية إمبريالية شريرة". ولا ترحب موسكو بالأعمال التخريبية التي يقوم بها المحور لمجرد أنها تصرف الانتباه عن أوكرانيا، كما أن المحور ليس مواليا لروسيا لمجرد أن الكرملين يعرض المساعدة.(ترجمات)