كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن حجم المعاناة الكبير التي يتعرض له السودانيون، في ظل الصراع المُسلح الذي تشهده البلاد، منذ نحو عام ونصف العام. وأشارت الصحيفة إلى أنّ فريقًا من صحفيّيها قاموا بجولة في 5 مدن سودانية وسردوا حجم الكارثة التي تعانيها البلاد. وتتعرض السودان لحرب أهلية من قبل القوات الموالية لحليفين سابقين، هما قائد الجيش السودانيّ عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ويبدو أنّ كلا الجانبين عازم على زيادة إراقة الدماء مع امتداد الحرب في جميع أنحاء البلاد بعد اندلاعها في العاصمة الخرطوم في أبريل 2023.روايات مروّعة في السودانفي أقسام الطوارئ، كانت أيدي الأمهات المزينة بالحنّاء، تداعب أضلاع الأطفال الذين يكافحون من أجل التنفس، وتحدث آباء آخرون عن أطفال قُتلوا في أسرّتهم عندما سقطت قذائف المدفعية على أحيائهم، بحسب رواية الصحيفة. وأضافت، "تحدّث السجناء والجنود على حدّ سواء عن شباب أُطلِق عليهم النار بعيدًا عن منازلهم، وتحللت جثثهم في الحرارة، قبل أن يتم إلقاؤهم في قبور مجهولة". ووافقت الأطراف المتحاربة على المشاركة في مفاوضات جديدة، بتيسير من جهد مشترك بقيادة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ومن المقرر أن تُعقَد في سويسرا الشهر المقبل. قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، في بيان الأسبوع الماضي: "تهدف المحادثات في سويسرا إلى التوصل إلى وقف للعنف على مستوى البلاد، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى كل المحتاجين، وتطوير آلية مراقبة وتحقق قوية لضمان تنفيذ أيّ اتفاق".وتحذر منظمات الإغاثة من أنّ الجيش السودانيّ الذي يمثل الفصيل المعترف به رسميًا كحكومة السودان من قبل الأمم المتحدة، يعيق تدفق المساعدات الغذائية الحيوية إلى المناطق الغربية من البلاد التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. غالبًا ما تكون الإمدادات التي تعبر الحدود عرضة للتحويل أو النهب، في حين تساهم عمليات الهياج التي تقوم بها قوات الدعم السريع عبر مناطق سلة الخبز في السودان في نقص الغذاء.بالنسبة لمجموعات الإغاثة، فإنّ الوصول إلى المجتمعات المعرضة للخطر والموارد اللازمة لمساعدتها أمر نادر.أطفال دارفوروفي استطلاع صدر الأسبوع الماضي، قالت "ميرسي كوربس"، إنّ ربع الأطفال في ولاية وسط دارفور يعانون سوء التغذية، لدرجة أنهم قد يموتون قريبًا، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".وقالت إنّ واحدة من أسوأ المجاعات منذ عقود على وشك أن تندلع في ثالث أكبر دولة في إفريقيا، فالسودان في قبضة أكثر من 15 شهرًا من الصراع المدنيّ المدمر الذي أدى إلى كارثة ورعب لا يمكن وصفهما. ورغم أنّ أرقام الضحايا ليست واضحة، فقد كشف المبعوث الأميركيّ الأعلى إلى المنطقة مؤخرًا، أنّ نحو 150 ألف شخص ربما لقوا حتفهم منذ انفجر الصراع بين أمراء الحرب المتنافسين في العام الماضي.والآن، تزعم الأمم المتحدة أنّ نحو 750 ألف شخص على وشك المجاعة. ويشبّه المسؤولون الغربيون ما يحدث بالمجاعة في الصومال في عام 2011، حيث توفي ربع مليون شخص، نصفهم من الأطفال.السودان موطن الأزماتوأظهر تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية الأسبوع الماضي، "التدفق المستمر للأسلحة" إلى الصراع. ووثقت المجموعة وجود أسلحة وذخيرة جديدة من دول عدة، تم استيرادها "بكميات كبيرة إلى السودان" ثم انتشرت عبر ساحات المعارك، بما في ذلك في منطقة دارفور المنكوبة، والتي تخضع لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة منذ عقدين من الزمان.وقال ديبروز موشينا من منظمة العفو الدولية في بيان: "تظهر أبحاثنا أنّ الأسلحة التي تدخل البلاد قد وضعت في أيدي مقاتلين متهمين بانتهاكات للقانون الإنسانيّ الدوليّ وقانون حقوق الإنسان. ومن الواضح أنّ حظر الأسلحة الحالي الذي ينطبق حاليًا على دارفور فقط، غير كاف على الإطلاق، ويجب تحديثه وتوسيعه ليشمل السودان بأكمله. هذه أزمة إنسانية لا يمكن تجاهلها".وبحسب الصحيفة، فإنّ التأثيرات الهائلة للحرب تقاس بالفعل بصيغة المبالغة: فالسودان موطن لأكبر أزمة نزوح داخليّ في العالم، حيث أجبر القتال نحو 11 مليون شخص على الفرار من ديارهم. السودان هو موطن لأكبر أزمة تعليمية في العالم، حيث أغلقت معظم المدارس ولم يتمكن نحو 19 مليون طفل من حضور الفصول الدراسية. كما أنه موطن لأكبر أزمة جوع في العالم: حيث يقدّر أنّ 26.6 مليون شخص - أكثر من نصف السكان - "غير آمنين غذائيًا"، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة، في حين تم إعلان 14 منطقة في البلاد "معرضة لخطر المجاعة".(ترجمات)