يجتمع وزراء دول عربية عدة في مدينة العقبة الأردنية، اليوم السبت، وذلك لبحث مستقبل الدولة السورية بعد أيام من سقوط نظام بشار الأسد وإعلان الفصائل المعارضة إقامة حكومة مؤقتة. وعلى الرغم من عدم وجود ممثل للدولة السورية في الاجتماع الذي سيشارك فيه وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والإمارات والبحرين وقطر، إلا أنّ محللين قالوا لمنصة "المشهد" إن الاجتماع يكتسب أهمية كبيرة إذّ سيؤسس لموقف عربي واضح تجاه مستقبل سوريا. أهمية الاجتماع أيضًا تكمن في مشاركة لاحقة لوزيري خارجية الولايات المتحدة وتركيا وبعض المسؤولين الدوليين، حيث من المتوقع أن يخرج اللقاء برؤية عربية إقليمية دولية حول مستقبل الأوضاع في دمشق. وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان لها، إنّ الهدف من المحادثات هو ضمان عملية سياسية شاملة تحت قيادة سورية تشمل كل الجماعات داخل الدولة المقسمة.موقف عربي تجاه سوريافي التفاصيل، قال الوزير السابق في الحكومة الأردنية والمحلل السياسي، الدكتور محمد أبو رمان، إن الاجتماع يضم مجموعة الاتصال المختصة بالشأن السوري وهي مجموعة تأسست قبل سقوط نظام بشار الأسد، لافتا إلى أن هذه المجموعة كانت معنية بتطبيع علاقة النظام السوري السابق بالدول العربية بعد أن جرى تجميدها على خلفية اندلاع الاحتجاجات في البلاد. وأوضح أبو رمان، في حديث لـ"المشهد" أنّ الدول العربية بحاجة إلى تطوير موقف واضح بشأن الأوضاع في سوريا من خلال توحيد الرسائل تجاه الوضع الجديد في البلاد، مشيرا إلى أن سوريا دولة مهمة ومحورية على المستوى الإقليمي. وأضاف "هناك أجندات إقليمية في المنطقة.. لاحظنا كيف أن إسرائيل لديها أهدافها وتركيا وإيران أيضا.. بالتالي على المنظومة العربية أن يكون لها موقف ودور واضح خصوصا دول الجوار متمثلة في الأردن والعراق". وأشار أبو رمان إلى أنه من المتوقع أن تصدر رسائل واضحة حول مستقبل سوريا، لافتا إلى أن الاجتماع يكتسب أهمية أيضًا لأنه سيضم لاحقا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية التركي، هاكان فيدان. وتحدث الوزير الأردني السابق عن الدور التركي الواضح في الأزمة السورية، لافتا إلى أن تحركات أنقرة تشير إلى أن لها حضورا ونفوذا واضحين في هذا الملف، مشيرا إلى أهمية الدور الأميركي الذي سيكون محاولة للتجسير بين الموقف العربي والإقليمي والموقف الدولي. وقال إن الاجتماع على درجة كبيرة من الأهمية كونه: سيناقش كيفية تعامل دول المنطقة والعرب والمجتمع الدولي مع المرحلة الجديدة في سوريا.سيتطرق الاجتماع أيضا إلى ما هو المطلوب من المعارضة السورية التي تتولى الإدارة حاليا في الحكم.هناك بعض المخاوف من دول عربية حول طبيعة النظام السوري في المرحلة المقبلة ارتكازا إلى المواقف السابقة لهيئة تحرير الشام.هناك مخاوف أيضا دولية تتعلق بحقوق الأقليات في سوريا بالإضافة إلى ضمان عدم سيطرة قوة معينة ذات طابع أيديولوجي.وأشار أبو رمان إلى أن هناك رسائل إيجابية من الدول العربية في محاولة لسد الفجوة سريعا، قائلا "هناك رغبة عربية في عدم ترك سوريا في المرحلة المقبلة من خلال تقديم دعم سياسي ومالي من أجل إعادة إعمار سوريا".مخاوف أردنيةبدوره، قال الخبير العسكري والإستراتيجي الأردني، نضال أبو زيد، إن اجتماع العقبة له دلالات عدة تتعلق برغبة الأردن في حشد موقف عربي موحد حول الوضع الذي نشأ في سوريا وتحويله إلى حالة عربية تخدم سوريا ودول جوار سوريا. وقال في حديث لـ"المشهد" يبدو أن الأردن "قلق من وقوع سوريا مرة أخرى فريسة مشروعات إقليمية قد تؤدي إلى فوضى سياسية".وأشار أبو زيد إلى أنّ الأردن يريد "حشد زخم إقليمي ودولي لمنح سوريا فرصة قوية من أجل ترتيب الشأن الداخلي سياسيا وأمنيا بمنأى عن تدخلات قد تحول سوريا إلى بؤرة جاذبة للفوضى"، لافتا إلى رغبة الأردن في إعادة إنتاج سوريا الجديدة ضمن معادلة تقاطع المصالح الإقليمي. ورأى الخبير الإستراتيجي أن الأردن لديه تخوفات مشروعة منها: وجود جيوب تنظيم "داعش" الإرهابي في البادية السورية القريبة من الزاوية الأردنية العراقية السورية.قلق من عودة حالة الفوضى إلى سوريا لأن الأردن يرغب في استقرار سوريا ووحدة أراضيها.أيضا هناك رغبة في ترتيب ملفات كانت تؤرق المملكة على رأسها ملف اللاجئين وملف انسياب الحركة التجارية مع سوريا وملف ضبط الحدود بين البلدين.منع حدوث فراغ سياسي وأمني قد يتم إشعاله من قبل دول إقليمية تتعارض مع الأردن ببعض الرؤى الإستراتيجية لبعض القضايا الإقليمية لذلك عمد الأردن على الذهاب سريعا وقبل أن تتبلور الحالة السياسية في سوريا إلى عقد هذا الاجتماع لإبقاء سوريا الجديدة في محيط عربي يمكن أن يمنع ملء الفراغ السياسي والأمني الذي تمر به البلاد.إسناد دبلوماسي واقتصاديبدوره، قال مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، السفير محمد حجازي، إنّ المشهد السوري في حاجة إلى إسناد دبلوماسي واقتصادي وربما معنوي عربي وإقليمي ومن هنا يأتي أهمية اجتماع العقبة. وأضاف في حديث لـ" المشهد" أنّ الجهود العربية تشكل رافعة لإسناد الدولة السورية عقب الإطاحة ببشار الأسد، وذلك وفقا للقانون الدولي والقرارات الأممية الخاصة بسوريا والتي أكدت على ضرورة سلامة ووحدة الأراضي السورية والدعوة إلى مرحلة انتقالية تنتهي باختيار قيادة للدولة السورية. وأشار إلى وجود توافق دولي وأممي حول هذه الرؤية التي تتمثل في الحفاظ على الأراضي السورية ودعوة الأطراف للتأكيد على هذا القرار، لافتا إلى أن الاجتماع سيركز على بحث مسار عملية الانتقال والتي تتمثل في انتخاب برلمان سوري يقوم بدوره بتنظيم عملية اختيار القيادة الجديدة للبلاد. وأشار مساعد وزير الخارجية المصري إلى أن المجموعة العربية التي تجتمع في العقبة اليوم تعمل أيضًا على عدم ترك المجال في سوريا لطرف وحيد، لافتا إلى الوجود التركي الواضح في الأيام الماضي. وقال إن كل التصريحات الصادرة في هذا الشأن تسير بمنحى إيجابي و"نأمل أن يلتف الجميع حول المشهد السوري لوضعه في طريقه الصحيح". (المشهد)