في ضربة جديدة لـ"حزب الله" اللبناني، قتلت إسرائيل الاثنين القيادي في "كتيبة الرضوان" وسام طويل المعروف باسم "الحاج جواد"، بعد استهداف سيارته في جنوب لبنان، ليكون بذلك ثاني مسؤول بارز يتم اغتياله من الحزب خلال أقل من أسبوع. وأعلن "حزب الله" في بيان بعد ساعات من عملية الاستهداف التي جرت في ساعات الصباح، مقتل الحاج جواد، في ذات صيغة بياناته السابقة والتي حملت في طياتها قبل أيام إعلان مقتل القياديّ حسين يزبك ومرافقيه. ووصف أحد المصادر الأمنية التي تحدثت لوكالة "رويترز" الاستهداف بـ"الضربة المؤلمة للغاية"، إذ تأتي في وقت يثير استمرار التصعيد عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية الخشية من توسع نطاق الحرب في غزة. وتفتح عملية اغتيال الحاج جواد بابا من التساؤلات حول إمكانات إسرائيل المختلفة في رصد واستهداف القادة العسكريين التي تنظر إليهم بمثابة الأعداء داخل الأراضي اللبنانية، حيث إنه المسؤول الثالث في أسبوع بعد القيادي "حماس" صالح العاروري الذي قتل في ضربة إسرائيلية استهدفت مكتبًا للحركة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وحسين يزبك الذي قتل بعد وقت وجيز من خطاب للأمين العام حسن نصر الله، حذر فيه إسرائيل. كيف اغتالت إسرائيل قائدا كبيرا في "حزب الله"؟ وتعليقا على العملية، اعتبر الخبير العسكري خليل الحلو خلال حديثه مع منصة "المشهد"، أن عمليات الاغتيال تمثل جزءا من الحروب، وعادة ما يتم التركيز في مثل الحرب الجارية على استهداف أبرز القادة، وهو ما تقوم به إسرائيل منذ أيام، مشيرا إلى أن "حزب الله" لن يتوانى عن اغتيال قادة إسرائيليين في حال سنحت له الفرصة. وتوعدت إسرائيل منذ اندلاع الحرب مع "حماس" في قطاع غزة، بملاحقة قادة "حماس" في الداخل والخارج انتقامًا لهجوم 7 أكتوبر، لكن لم تكشف بشكل واضح أي نوايا لاستهداف "حزب الله" الذي انخرط في الصراع منذ اليوم الأول من خلال إطلاق صواريخ موجهة على المواقع العسكرية والبلدات القريبة من الحدود. وحول اغتيال القيادي في "حزب الله" وسام طويل، والذي جرى من خلال طائرة مسيّرة حسبما تقول وسائل إعلام لبنانية، يؤكد الخبير العسكري خليل الحلو أن إسرائيل لديها المزيد من الإمكانات والقدرات فائقة التطور في الطائرات المسيّرة والقادرة على رصد ومتابعة الأهداف بدقة، حتى من دون تدخل بشري. وأضاف: "ليس مستغربا أن تنفذ إسرائيل عملية اغتيال لقائد كبير في (حزب الله) باستخدام مسيّرة. هذا لا يشير إلى أن الحزب مخترق من قبل عملاء أو جواسيس بالتأكيد"، مشيرا إلى أن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تراقب تحركات عناصر "حزب الله" في الجنوب على مدار الساعة. وتابع بالقول: "طائرات الاستطلاع الإسرائيلية موجودة في كل مكان. إسرائيل قادرة على الرصد والمتابعة والتجسس من خلال الأقمار الاصطناعية وغيرها من التقنيات المتطورة التي تستخدمها المسيّرات".لكن الحلو عاد ولم يستبعد خلال حديثه أن يكون هناك بعض العملاء أو المخبرين على الأرض الذين يعملون لرصد الأهداف لصالح إسرائيل، "لكنهم ليسوا من (حزب الله)". وتمتلك إسرائيل طرازات مختلفة من الطائرات المسيّرة أبرزها طائراتا "هيرون" و"هيرميس 900"، التي يقول الجيش الإسرائيلي إنها تستخدم قنابل غير موجهة لا تُحدث ضوضاء أو ينبعث منها دخان أثناء سقوطها مما يجعل من الصعب على الأعداء توقعها أو تفاديها. وبحسب المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مؤسسة فكرية للأمن والدفاع ومقرها لندن، تُعد إسرائيل من كبار المبتكرين للطائرات المسيّرة حول العالم، وأيضًا للأنظمة المضادة للطائرات من دون طيار، مشيرًا إلى أن أكثر من 50 دولة تستخدم طائرات مسيّرة إسرائيلية الصنع. احتمالات رد "حزب الله" على إسرائيل منذ بدء التصعيد عبر الحدود بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني، كان ينظر الخبراء والمحللون إلى الضربات المتبادلة باعتبارها تندرج تحت ما يُعرف بـ "القواعد المتعارف عليها"، والتي تمّ وضعها بشكل غير رسمي، للحدّ من سوء التقدير منذ حرب عام 2006. وظلت هذه المواجهات مستمرة لأكثر من شهرين تقريبا، قتل خلالها 182 شخصا في لبنان، بينهم 136 عنصرا من "حزب الله"، فيما أحصى الجيش الإسرائيلي من جهته مقتل 14 شخصا بينهم 9 عسكريين. غير أنه بحسب الخبير العسكري خليل الحلو، حدث تحول في الموقف منذ أكثر من شهر فيما يتعلق بجانب المبادرة، "إذ أصبحت إسرائيل تبادر بالهجوم ضد أهداف تابعة لـ(حزب الله) على طول الحدود، وأصبح الحزب يرد على ذلك"، مشيرا إلى أن "الحزب كان منذ البداية مبادرا في استهداف إسرائيل". لهذا يقول الحلو إن خيارات "حزب الله" للردّ على عمليات اغتيال القادة محدودة، على رغم من استهدافه لمواقع إسرائيلية وتدميرها على طول الحدود خصوصا خلال الأيام القليلة الماضية. ووضع الخبير العسكري 3 احتمالات لرد "حزب الله" على إسرائيل بعد اغتيال الطويل، معتبرا في الوقت نفسه أن أي احتمال من الثلاثة يُدخل المنطقة في دوامة تصعيد لن تنتهي، وقال "وهذا ما نخشاه خصوصا إن هناك أصواتا في إسرائيل تؤيد القيام بعملية عسكرية برية في لبنان". وبحسب الحلو فإن احتمالات رد "حزب الله" الـ3 هي: إطلاق صواريخ بعيدة المدى تصل إلى عمق إسرائيل وتستهدف مدنا مثل حيفا ويافا، والتي عادة ما استخدمها "حزب الله" بشكل محدود منذ بداية التصعيد على الحدود. إطلاق صواريخ دقيقة لاستهداف منصات الغاز الإسرائيلية والتي تقع بالفعل ضمن مرمى نيران الحزب. القيام بعمليات خاصة في الخارج لاستهداف المصالح الإسرائيلية مثل التي كان يسعى لتنفيذها أعضاء من الحزب في البرازيل والأرجنتين.(المشهد)