في وقت يواجه لبنان خطر العزلة الدولية بسبب إضراب العاملين في مجال الاتصالات، طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالاستعانة في الجيش بينما برزت مطالبات شعبية بالاعتماد على شبكة إيلون ماسك للإنترنت.وزير الاتصالات يناقش الحلولويقول وزير الاتصالات اللبناني جوني قرم في تصريحات لمنصة "المشهد" إن "خيار اللجوء إلى الجيش لتسيير المرفق العام هو الخيار الأخير"، مشددا على أنه "لا يمكن الاستمرار في الفراغ مع استمرار الإضراب، ولذلك لا بد من وجود بديل يولّى إليه مهام تسيير متابعة العمل وتشغيل الخدمات".وكان ميقاتي قد طلب الخميس تدخل الجيش واستلام مراكز هيئة " أوجيرو"، في ظل استمرار إضراب موظفيها، وفقا لما كشفه القرم.وتشكل هيئة "أوجيرو" البنية التحتية الأساسية لجميع شبكات الاتصالات في لبنان بما فيها شبكات الهاتف المحمول، ومقدمي خدمات البيانات (DSP)، ومقدمي خدمات الإنترنت (ISP) وغيرها.أما عن خدمة "ستارلينك للإنترنت" الذي يملكها الملياردير الأميركي ماسك، فيؤكد قرم أن "لبنان يجري مفاوضات مستمرة مع الشركة لكن هناك عقبتين، الأولى تتعلق بالجانب الأمني خصوصا أن هذه الشبكة لا توفر معلومات ولا تسمح للحكومة بالاطلاع على البيانات حتى في حال وقوع جريمة ما". أما العقبة الثانية فهي أن "الدولة تملك الشبكة السلكية واللاسلكية بموجب القانون 126، لذلك لا يمكنها تقديم خدمات الإنترنت بالمجان ودون استفادة مالية"، بحسب الوزير. وأشار إلى أنه "يجرى التفاوض مع الشركة لامتلاك أسهم تضم للبنان الحصول على أرباح مالية لقاء تشغيل هذه الخدمة". ولفت إلى أن "شبكة ماسك تدعم الأفراد إلى حد كبير لكنها لن تخدم الشركات التي تعتبر أولوية بالنسبة لنا". وحول ما إذا كانت خدمة الإنترنت ستتوقف تماما عن لبنان الذي سيدخل في عزلة دولية، يقول قرم: "إن شاء الله لن يتوقف الإنترنت في البلاد"، مكررا: "لن نوافق على تعطيل المرفق العالم بحجة الإضراب". شبكة إيلون ماسك وتوفر "ستارلينك" خدمات الإنترنت عبر شبكة ضخمة من الأقمار الصناعية، وهي موجهة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية ولا يستطيعون الحصول على إنترنت عالي السرعة.ووُضعت الأقمار الصناعية في مدار منخفض المستوى حول الأرض، لجعل سرعات الاتصال بين الأقمار الصناعية والأرض عالية قدر الإمكان.هذا واعتمدت أوكرانيا في حربها الجارية ضد روسيا على شبكة "ستارلينك للإنترنت"، واستمر ماسك في تمويل الأوكرانيين لاستخدام خدمة الإنترنت ستارلينك الخاصة به، على الرغم من تهديداته السابقة بسحب التمويل، حتى أصبح نظام الأقمار الصناعية أداة مهمة للقوات المسلحة الأوكرانية وحكومتها.ويقول الأمين العام المؤسس لحزب "سبعة" (معارض)، جاد داغر، في حديث لمنصة "المشهد" أن "شبكة ماسك لا تحل مكان الشبكة الاعتيادية لكنها تؤمن احتياجات الناس والشركات والمصارف والمؤسسات الإعلامية".وداغر من بين أوائل المطالبين بالسماح لهذه الخدمة بالعمل في لبنان، قائلا: "المشكلة الوحيدة تتمثل بعدم توقيع الحكومة اللبنانية على ترخيص السماح للشركة بتوفير خدماتها في لبنان"، معتبرا أنه "لا يوجد مبرر لعدم السير بذلك في ظل انعدام الحلول الأخرى خصوصا أن الأمر لن يتطلب تجهيزات من الدولة وإنما يمكن للمواطنين والشركات شراء الصحون والأسلاك المخصصة لهذه الخدمة". إدارة الجيش وحول ما إذا كان القانون يسمح بتولي الجيش مؤسسة مدنية، يقول المحامي جورج سلوان في تصريحات لمنصة "المشهد" إنه "يقوم الجيش بتأمين سلامة الأمن القومي بموجب مرسوم عام منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن هذا الأمر لا يجيز له الدخول إلى المؤسسات العامة من دون مرسوم حكومي يحدد المهمة ومدتها الزمنية".وعن شروط المرسوم الذي يسمح للجيش الدخول لمؤسسة الاتصالات، يوضح سلوان أنه "لا يمكن للحكومة إصدار هذا المرسوم إلا في العصيان المدني أو في ظل حالة طوارئ"، معتبرا أنه "لا يمكن تصنيف الإضراب بأنه عصيان مدني طالما أنه لم يترافق مع ممارسات عنيفة". وأشار إلى أن "انقطاع الإنترنت عن البلاد قد يهدد الأمن القومي وبالتالي يستدعي تفعيل حالة الطوارئ لكن ذلك يتطلب مرسوما إعلانيا بذلك ومن ثم مرسوم خاص بتكليف الجيش بإدارة المؤسسة"، متسائلا حول ما إذا كان "يعود لحكومة تصريف الأعمال القيام بذلك علما أن صلاحياتها ضيقة".وأعرب المحامي اللبناني عن مخاوفه على حرية التعبير في البلاد واستخدام "ذريعة الأمن القومي لقمع الحريات ومواجهة الإضراب"، معتبرا أن "مطالب العاملين في المؤسسة محقة خصوصا أن رواتبهم لا تضمن لهم العيش الكريم".نقص مادة المازوت ويفاقم الإضراب الذي ينفذه العمال والموظفون في هيئة الاتصال "أوجيرو" أزمات هذا القطاع الذي يعاني نقصا في مادة المازوت وتراجع القدرة على تأمين قطع الصيانة والخدمات الأخرى.ودخل موظفو الهيئة في إضرابهم الثاني بعد إضراب مماثل في أغسطس الماضي، انتهى بتسوية أعطت الموظفين بعضا من مطالبهم.ويستمر إضراب الهيئة هذه المرة منذ نحو أسبوع، بموازاة توقف سنترالات تزوّد المناطق بالإنترنت، وإحجام بعض الموظفين عن تغذية السنترالات الرئيسية بالمازوت لتوليد الكهرباء، على الرغم من الوساطات التي انطلقت لتسوية بين الوزارة والموظفين.ومضى الموظفون في "أوجيرو" في خطوات تصعيدية، حيث أعلنت نقابتهم الأسبوع الماضي أنها لن تبادر إلى تصليح الأعطال التي طرأت على 7 سنترالات باتت متوقفة عن العمل، وهو ما أثار استياء وزير الاتصالات.وتقرّ وزارة الاتصالات بأن مطالب الموظفين محقة، كونهم يعانون كما يعاني أي موظف أو مواطن من جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية والمالية التي يمرّ بها لبنان وخاصة القطاع العام، فيما يبدو أن المفاوضات بين الوزير والموظفين وصلت إلى طريق مسدود.بدورها أكدت الوكالة الوطنية للإعلام أن حالة من الغضب والاستنكار سادت أجواء المستخدمين والعاملين في هيئة "أوجيرو"، على خلفية تصريح لوزير الاتصالات عن تدخل الجيش لكسر إضراب العاملين في الهيئة، الأمر الذي اعتبروا أنه يؤكد مرة أخرى تنصل وزير الوصاية من تحمل مسؤولياته، وقالوا إن "لهم كامل الثقة في حكمة قيادة الجيش التي لم تكن إلا إلى جانب الحقوق، سواء أكانت للعسكريين أم للمدنيين".من جهته، أعلن المجلس التنفيذي لنقابة "أوجيرو" في بيان "ترحيبه بالجيش اللبناني حامي الوطن والقلعة الصامدة المنيعة وجميع المراكز والمكاتب هي بتصرّفه من المركز الرئيسي إلى آخر مركز على مساحة الوطن"، مؤكدا الاستمرار بالإضراب المفتوح والاستعداد لمتابعة التفاوض حينما تهدأ النفوس". (المشهد)