هكذا يتذكر الدكتور الإسرائيليّ يوفال بيتون صباح يوم 7 أكتوبر، عندما استيقظ بعد شروق الشمس مباشرة، بسبب اتصال من ابنته تسأله فيه: "أبي، ماذا حدث في إسرائيل؟ شغّل التلفاز".يقول بيتون إنه منذ اللحظة الأولى، كان يعلم بيقين، من كان العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر: "يحيى السنوار"، زعيم "حماس" في غزة، والنزيل رقم 7333335 في نظام السجون الإسرائيليّ عام 1989، حتى إطلاق سراحه في تبادل أسرى عام 2011. ذكرى شخصيةلكنّ هذا لم يكن كل شيء. إذ للدكتور بيتون تاريخ وذكرى شخصية مع يحيى السنوار، وفقا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".كان بيتون يعمل في مستوصف السجن الإسرائيلي، حيث كان السنوار معتقلًا، وقد جاء لمساعدته في ظروف غامضة، حين كان مريضًا آنذاك، ويذكر جيدًا كيف قال له زعيم "حماس" إنه مدين له بإنقاذ حياته. وعلى الرغم من علاقة العداوة التي كانت تربطهما كإسرائيليّ وفلسطيني، إلا أنّ الدكتور والسنوار أظهرا احترامًا متبادلًا حذرًا.وكطبيب أسنان، ومن بعدها ضابط مخابرات كبير في مصلحة السجون الإسرائيلية، أمضى الدكتور بيتون ساعات مطولة، في التحدث مع السنوار وتحليل شخصيته، وهو القائد الذي استعصى منذ بداية الحرب في غزة حتى هذه اللحظة، على القوات الإسرائيلية النيل منه.طريقة تفكير السنوارفهم الدكتور بيتون، الطريقة التي يفكر بها السنوار بشكل جيد، وأفضل من أيّ مسؤول إسرائيليّ أخر. وكان يعلم من تجربته السابقة معه، أنّ الثمن الذي سيطلبه زعيم "حماس" مقابل الإفراج عن الأسرى، قد لا يُعجب إسرائيل.وفي اليوم الذي أنقذ فيه الدكتور بيتون حياة يحيى السنوار، كان بيتون يبلغ من العمر 37 عامًا، وكان يدير عيادة طب الأسنان، في مجمّع سجن بئر السبع، في صحراء النقب بجنوب إسرائيل. وكان قد تولى الوظيفة قبل 8 سنوات، عام 1996، بعد أن ترك كلية الطب، لعلاج الحراس والموظفين الآخرين. وانتهى به الأمر لعلاج بعض السجناء الإسرائيليّين المتشددين، مثل عملاء "حماس" المسؤولين عن الهجمات الانتحارية في سوق القدس، بالإضافة إلى الإسرائيليّ القوميّ المتطرف الذي اغتال رئيس الوزراء إسحاق رابين.ويقول بيتون إنه يذكر جيدًا، حين قال السنوار ذات مرة لمؤيديه: "لقد أرادوا أن يكون السجن قبرًا لنا، ومطحنة لطحن إرادتنا وتصميمنا وأجسادنا، لكن، الحمد لله، بإيماننا بقضيتنا، حوّلنا السجن إلى ملاذ للعبادة وأكاديمية للدراسة".لقاء في مناسبات عدةوالتقى الرجلان في مناسبات عدة، فغالبًا ما كان الدكتور بيتون يتجول عائدًا إلى السجناء، بدافع الفضول، لفهم طريقة تفكير بعض "أعداء إسرائيل"، ولأنّ الثقة التي ولّدها كطبيب بينه وبين السجناء، جعلته وسيطًا مفيدًا عندما أراد مديرو السجن معرفة ما كان يحدث داخل الزنزانات. وكما تعلّم السنوار العبرية، تعلم الدكتور بيتون اللغة العربية، وأصبح يحضر بانتظام إلى الزنزانات لدرجة أنّ بعض السجناء اشتبهوا، أنه قد يكون مرسلًا من الاستخبارات.وقال بيتون إنّ السنوار نادرًا ما كان يتحدث إلى سلطات السجون الإسرائيلية، لكنه شخصيًا، كان يجتمع به بانتظام لشرب الشاي والتحدث، وكان الحديث كله مع السنوار عن العمل والعقيدة.وأضاف بيتون: "الحديث مع السنوار لم يكن شخصيًا، كان فقط عن حماس".وفهم الدكتور بيتون كثيرًا خلال تلك الفترة، طريقة تفكير السنوار، حتى أنّ تقييم السجن الذي وصف السنوار بأنه قاسٍ وماكر ومتلاعب، لم يكن صحيحًا بالنسبة لبيتون، الذي وصف السنوار بالرجل الذي يمكن الثقة به، لأنه يحتفظ بالأسرار داخل السجن وبين السجناء الآخرين.(ترجمات)