بعد أيام من تحول تسليم المساعدات في غزة إلى كارثة مميتة، مضت إسرائيل قدُمًا في السماح لإيصال قافلة أخرى متجهة إلى شمال القطاع الأحد، حسبما قال رجل أعمال فلسطينيّ مشارك في المبادرة، في الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة من أنّ وفيات الأطفال والرضّع من المرجح أن "تتزايد بسرعة"، إذا لم يتم تسليم الإمدادات الغذائية والطبية على الفور.وأكد رجل الأعمال عزت عقل، أنّ جهود إيصال المساعدات المتجددة الأحد، جاءت بعد وصول شاحنة واحدة فقط من أصل 16 شاحنة تحمل الإمدادات إلى الشمال في اليوم السابق إلى مدينة غزة، بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.وقالت وكالة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الوكالة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق عمليات توصيل المساعدات إلى غزة، الأحد، إنّ 277 شاحنة دخلت القطاع، وهو ما قالت الوكالة إنه أكبر عدد من الشاحنات التي تدخل في يوم واحد منذ بداية الحرب. وبات توصيل الإمدادات إلى غزة وخصوصًا الشمال، أكثر إلحاحًا في الأيام الأخيرة، حيث حذرت الأمم المتحدة من أنّ نسبة كبيرة من سكان غزة على حافة المجاعة. وقال مسؤولو الصحة في غزة، إنّ أكثر من 100 فلسطينيّ قُتلوا بعد أن احتشد آلاف الأشخاص حول شاحنات محملة بالأغذية والإمدادات، في ظل روايات متباينة."نكبة إنسانية"دعت نائبة الرئيس كامالا هاريس الأحد، إلى "وقف فوريّ لإطلاق النار" في غزة، قائلة إنّ "حماس" يجب أن توافق على وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، وأنه يتعين على إسرائيل زيادة تدفق المساعدات إلى القطاع المحاصر، وسط "نكبة إنسانية".وعزّزت تصريحات هاريس، التي أُلقيت في ولاية ألاباما، الجهود الأخيرة التي بذلتها إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق، وجاءت قبل يوم واحد من اجتماعها بمسؤول كبير في مجلس الوزراء الإسرائيليّ يشارك في التخطيط للحرب، ما قد يؤدي إلى زيادة التوترات بعد أن دعا الرئيس بايدن إلى ذلك. وكانت تصريحات نائبة الرئيس الأميركيّ هي الأقوى حتى الآن في ما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط، الذي أودى بحياة أكثر من 30 ألف فلسطيني، وفقًا للسلطات الصحية في غزة ووضع القطاع على شفا المجاعة. وقالت هاريس: "الناس في غزة يتضورون جوعًا.. الظروف غير إنسانية. وإنسانيتنا المشتركة تُجبرنا على العمل".حياة الأطفال على المحكّوقالت وزارة الصحة في غزة الأحد، إنّ 15 طفلًا تُوفوا في الأيام الأخيرة بسبب ما وصفته بسوء التغذية والجفاف في مستشفى كمال عدوان بشمال القطاع. وقالت إنّ المستشفى نفد منه الأوكسجين والوقود لتشغيل مولّداته وكان يعمل بالكاد، وإمداداته محدودة للغاية. وأضافت أنّ حياة 6 أطفال آخرين في وحدة العناية المركزة كانت في خطر بسبب سوء التغذية والجفاف. وقالت مديرة اليونيسيف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أديل خضر، في بيان الأحد، إنّ 1 من كل 6 أطفال دون سن الثانية في غزة، يعاني من سوء التغذية الحاد. وتابعت عن الوفيات المبلّغ عنها في كمال عدوان: "هذه الوفيات المأسوية والمروّعة هي من صنع الإنسان، ويمكن التنبؤ بها ويمكن منعها بالكامل". وتقول الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، إنّ وقف إطلاق النار ضروريّ لوصول المساعدات إلى سكان غزة المعزولين بسبب القتال المستمر منذ أكثر من 4 أشهر.ويأتي التهديد بالمجاعة مع استمرار القتال في غزة، وخصوصًا في الجنوب، حيث قالت وزارة الصحة في غزة، إنّ غارة إسرائيلية السبت خارج مستشفى في رفح، بالقرب من الحدود مع مصر، أدت إلى مقتل 11 شخصًا على الأقل، وإصابة العشرات من النازحين الفلسطينيّين بينهم أطفال، كانوا يحتمون في خيم قريبة.مفاوضات للوصول إلى هُدنةواستمرت المحادثات بشأن وقف القتال الأحد في القاهرة، لكن لا يبدو أنّ تحقيق انفراجة سيكون وشيكًا. وأرسلت "حماس" ممثلين لكن لم يحضر أيّ مسؤول إسرائيلي، حيث قررت إسرائيل عدم إرسال وفد إلى القاهرة بعد أن أبلغ رئيس الوزراء القطريّ رئيس الموساد الإسرائيلي صباح الأحد، أنّ "حماس" رفضت طلبًا إسرائيليًا بتقديم قائمة بأسماء الرهائن الذين تم أسرهم في هجوم 7 أكتوبر وما زالوا على قيد الحياة. هناك عامل آخر ساهم في قرار إسرائيل، وهو أنّ "حماس" رفضت الموافقة على شروط مبادلة الأسرى بالسجناء الفلسطينيّين التي قدمتها الولايات المتحدة في باريس قبل نحو 10 أيام. وينصّ المخطط الأميركيّ على قيام إسرائيل بإطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيّين مقابل 40 أسيرًا، مع تبادل أعداد مختلفة من السجناء مقابل فئات مختلفة من الأسرى، وفقًا لمسؤولين مطّلعين على المفاوضات. وتضغط الولايات المتحدة من أجل وقف إطلاق النار قبل شهر رمضان، الذي يبدأ بعد أسبوع تقريبًا، لكنّ التقدم في المحادثات كان بطيئًا.وبعد مرور أكثر من 21 أسبوعًا على بدء القتال مع الغارة التي قادتها "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، والتي أسفرت، وفقًا لمسؤولين إسرائيليّين، عن مقتل 1200 شخص، فإنّ تداعيات الحرب لا تزال تنتشر في جميع أنحاء المنطقة.(ترجمات)