فيما يتواصل القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، للشهر الرابع على التوالي، تجري اجتماعات أمنية، على المستوى الدولي والعربي، بشكل مُكثف منذ أيام من أجل التوّصل إلى هدنة إنسانية من جهة، وتوحيد الصف الفلسطيني من جهة أخرى لبحث مستقبل القضية الفلسطينية بعد انتهاء الحرب.وبحسب موقع "أكسيوس" الأميركي، نقلاً عن 3 مصادر مطلعة، فإنّ مسؤولي الأمن القومي بكل من السعودية ومصر والأردن وفلسطين، اجتمعوا في الرياض قبل 11 يومًا لتنسيق خطط مرحلة ما بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة، ومناقشة سُبل إشراك السُلطة الفلسطينية في حكم القطاع.وقال مصدران للموقع، إنه تم إطلاع المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين على الاجتماع ومضمونه من قبل بعض المشاركين.كما أشارت المصادر إلى أن رؤساء الأجهزة الأمنية السعودية والمصرية والأردنية أبلغوا الجانب الفلسطيني، بأن السُلطة الفلسطينية بحاجة إلى إجراء إصلاحات جدية تمكنها من إعادة تنشيط قيادتها السياسية.ورأى محللون سياسيون، في حديث لمنصة "المشهد" أنّ إجراء إصلاحات بالسلطة الفلسطينية وتوحيد الصف، بات أمرًا حتميًا، مؤكدين ضرورة تشكيل حكومة فلسطينية تضم كافة الأطياف من أجل إدارة وإعادة إعمار غزة بعد الحرب.في غضون ذلك، انعقد بالعاصمة الفرنسية اجتماع أمني ضم كل من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل من أجل بحث إمكانية وقف إطلاق النار مُقابل صفقة لتبادل الأسرى بين الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني.زيارة مرتقبة لوفد "حماس" إلى القاهرةوقال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية إنّ الحركة تسلمت المقترح الذي تم تداوله في الاجتماع الذي عقد في باريس بشأن وقف إطلاق النار.وأوضح أن قيادة الحركة تلقت الدعوة لزيارة القاهرة من أجل التباحث حول اتفاق الإطار الصادر عن اجتماع باريس ومتطلبات تنفيذه وفق رؤية متكاملة تحقق مصالح الشعب الفلسطيني.وتوّقع محللون في حديث لـ"المشهد" أنّ يتم إقرار هدنة إنسانية في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، في إطار صفقة لتبادل الأسرى بين الطرفين ولكن لم تتحدد مدتها حتى الآن.توحيد الصف الفلسطيني بات حتميًامن جانبه، قال مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق السفير جمال بيومي إنّ المشهد الحالي فيما يخص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مُعقد للغاية خاصة في ظل الدعم الغربي المتواصل لإسرائيل.وأكد بيومي، في حديث لمنصة "المشهد" أنّ الموقف الغربي الموالي لإسرائيل يستلزم صمود أبناء الشعب الفلسطيني وصلابة الموقف العربي، لافتًا إلى أنّ الاجتماع الذي عُقد في السعودية على مستوى الأجهزة الأمنية أمر ضروري وحتمي من أجل تنسيق المواقف الفلسطينية - الفلسطينية لكي تكون قادرة على الصمود أمام الاعتداءات الإسرائيلية.وأشار إلى أنّ بحث مُستقبل السلطة الفلسطينية وإجراء إصلاحات من أجل توحيد الصف الفلسطيني أصبح أمرا حتميا، مضيفًا: " يجب أن يكون الجميع ممثلا في السلطة الفلسطينية بما فيهم حماس".وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنّ هذه المشاورات تأتي في وقت صعب ودقيق من عمر القضية الفلسطينية وبالتالي شعرت الدول العربية بضرورة توحيد الصف الفلسطيني.وحول الاجتماع الأمني الذي انقعد في فرنسا، رأى بيومي أنّ الدول الغربية تحاول الحفاظ على شعرة معاوية في علاقاتها مع الدول العربية ولكنها في الأساس داعم رئيسي ودائم لإسرائيل فهي من أوجدتها في المنطقة من البداية.وقال إنّ التوّصل إلى هدنة في قطاع غزة مرهون بقدرة كل من إسرائيل وحماس على المرونة في المفاوضات التي تجري بين الطرفين عبر الوسطاء، لافتًا إلى أن التوّصل لوقف لإطلاق النار أمر مُعقد وشاق.وتابع الدبلوماسيّ المصريّ قائلًا: "لن توقف منظمة العدل الدولية ولا الغرب الحرب على قطاع غزة، ولكن الأمر يتوّقف على صلابة الموقف الفلسطيني والعربي".هدنة مُرتقبة في غزة خلال أيامعلى المقلب الثاني، توّقع أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب أنّ تكون هناك هدنة في غزة خلال الأيام القليلة المُقبلة، ولكن لن تكون طويلة كما أشارت وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية.وقال الرقب في تصريح لمنصة "المشهد" إنّ المبادرة التي طرحها المجتمعون في باريس لم يتم مناقشتها من الجانب الفلسطيني وبالتالي نحن في انتظار رد حركة "حماس"، لافتًا إلى وجود العديد من النقاط الجوهرية التي لم يتم حسمها حتى الآن لتنفيذ الهدنة ومنها الانسحاب الكامل لإسرائيل من قطاع غزة وكذلك أعداد الأسرى الذين من المُقرر أن يتم الإفراج عنهم.وتطرّق الرقب، إلى الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها قادة "حماس: للقاهرة، غدًا، لبحث أمر الهدنة في قطاع غزة، مُشيرًا إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من المقرر أن يقوم بزيارة للمنطقة، مطلع الأسبوع المُقبل.وأشار أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني إلى أنّ التسريبات التي تخرج في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن حجم الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم وكذلك مدة الهدنة مبالغ فيها ولكن في النهاية هناك بعض النقاط التي يجب التوافق عليها قبل بدء الهدنة.حكومة تكنوقراط فلسطينيةوحول الاجتماع الأمني الذي عُقد في السعودية، قال الرقب إنّ الاجتماع ناقش ملف مستقبل السلطة الفلسطينية وغزة بعد انتهاء الحرب، لافتًا إلى أنّ هناك حاجة لدى الشعب الفلسطيني لإجراء تعديلات على السلطة الفلسطينية، ولكن لن تكون عبر إملاءات أميركية وغربية.وأضاف: "نحن نريد حكومة تكنوقراط جديدة لديها صلاحيات لفترة كي تتولى أمر إعادة إعمار غزة وتسيير الأمور لحين التحضير لانتخابات فلسطينية جديدة".وأوضح الرقب أنّ "الولايات المتحدة منذ اليوم الأول للحرب كانت تتحدث عن ضرورة تعيين نائب لرئيس السلطة الفلسطينية وهو أمر مرفوض بالنسبة للفلسطينيين فنائب الرئيس يجب أن يأتي عبر الانتخابات وليس بالتعيين".تغيّر في الخطاب الغربيأمر آخر يرى أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني أنه "تغيّر في الخطاب الغربي وهو مستقبل "حماس"، ففي بداية الحرب كان الحديث عن ضرورة استبعاد الحركة من المشهد السياسي ولكن الآن بعد 4 أشهر من الحرب ما زالت "حماس" في قلب المشهد والمعادلة".وقال الرقب، إنّ نتانياهو لا يريد نهاية للحرب على غزة، لأنه يعلم أن نهاية الحرب معناها إجراء انتخابات مُبكرة في إسرائيل وانتهاء مستقبله السياسي وبالتالي هو يريد مد أمد الحرب وكسب المعركة من خلال القضاء على قادة "حماس" وإطلاق سراح الأسرى وهو ما فشل في تحقيقه حتى الآن.في النهاية، بحسب رأي الدكتور أيمن الرقب فإن المفاوضات الجارية الآن من المُرجّح أن ينتج عنها هدنة قصيرة الأجل يتخللها تبادل للأسرى، ولكن ليست بالشكل الذي تتحدث عنه الاجتهادات في وسائل الإعلام الإسرائيلي.(المشهد)