احتل سؤال "اليوم التالي" للحرب مكانة محورية منذ نشوب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لليوم 435 توالياً، ليأتي الاقتراح من القاهرة باسم "اللجنة الإدارية" والتي تلعب دوراً محورياً في ملف المصالحة الفلسطينية، والذي عرف لا حقاً بـ"لجنة الإسناد المجتمعي" قبل قرابة عام، لإدارة شؤون قطاع غزة بعد الحرب، كفرصة عملية للخروج من استعصاء اليوم التالي للحرب، إثر فشل معظم محاولات تشكيل أطر بديلة لحكومة حركة "حماس" في غزة.المقترح قوبل بانتقادات كثيرة حول جدية وجدوى السير فيه، من قبل "حماس" وفتح، وبعد إعلان "حماس" موافقتها على المقترح المصري لتشكيل لجنة إدارة غزّة، كان من المقرر أن يصدر الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس موقفاً حيال اللجنة، لكن ذلك لم يحصل، وأفادت معظم التصريحات والتسريبات بأنه رفض المقترح، "لما سيترتب عليه من فصل بين غزة والضفة، وإدارة غزة من قبل إسرائيل".المقترح المصريملف المقترح المصريّ فتح باب التصريحات والتسريبات الإعلامية على مصراعيه، لتنقشع العقبات وتتوالى الخلافات، وينجلي طريق الاتفاق لتشكيل اللجنة الإدارية لإدارة قطاع غزة بعد الحرب بالإخفاق، رغم حالة الاستبشار والارتياح التي طغت على اجتماعات الحركتين المكثفة مؤخراً بالعاصمة المصرية القاهرة، ليعود التشاؤم ليسيطر على ملف إدارة غزة مجدداً. وأمام هذا التطور، صرح قياديّ رفيع في حركة فتح لمنصة "المشهد"، بأنّ "الموقف الرسميّ الفلسطينيّ حيال المبادرة المقدمة من القاهرة لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة قلب الصفحة ولن يتعامل مع المبادرة المصرية لتنفيذها، خشية إضعاف دور السلطة الفلسطينية، وإفساح المجال أمام التدخلات الخارجية، والسيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة، وأيضاً اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تحفظت على المقترح المصريّ، حيث تعتقد بأنه يعزز الانقسام الفلسطينيّ".وأكد القياديّ في حركة فتح أنّ "الجانب المصريّ يدركُ أسباب رفض المقترح ويتفهمها جيداً، ونحن لا نريد إغلاق قنوات الحوار والمصالحة الوطنية مع حركة "حماس"، لكن المقترح لا يتقاطع معنا، والتحرك السياسيّ في المشهد الفلسطينيّ يجب أن يكون من قبل منظمة التحرير الفلسطينية". في الجانب الآخر، أكد القياديّ في حركة "حماس" باسم نعيم لـ"المشهد" بأنّ "الرفض يأتي في وقت حساس تمرُّ به القضية الفلسطينية خصوصًا قطاع غزّة، وفي ظل الظروف الراهنة من المفترض أن تكون السلطة الفلسطينية داعمة للإجماع الوطني". ودعا القيادي في "حماس" نعيم أن "تراجع حركة فتح قرار رفض لجنة الإسناد المجتمعي، والذي من شأنه أن يعزز الانقسام الفلسطيني، ويعطي إسرائيل حجة لمواصلة الحرب على قطاع غزة، فالمواقف الوطنية للسلطة الفلسطينية يتوجب أن تكون للمصالح العليا للشعب الفلسطيني". وأضاف قائلاً: "هذا الرفض للمقترح المصريّ برعاية عربية، كالعثرة التي ستعطل مسار الشعب الفلسطيني لوقف الحرب على قطاع غزة، وخلاصه من الاحتلال الإسرائيلي، فالفصائل الفلسطينية تدعم وترحب بتشكيل جسم وطني لإدارة شؤون قطاع غزة بعد الحرب". اتفاق وشيك لوقف الحرب من جانب آخر، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن "الاتفاق يتشكل"، والجهود حثيثة للتوصل إلى اتفاق مع حركة "حماس" في قطاع غزة، قد يكون محدوداً لوقف إطلاق النار، ومن شأنه أن "يوقف القتال في غزة ويعيد بعض الأسرى المحتجزين في القطاع".يأتي ذلك تزامنا مع زيارة جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن إلى تل أبيب، لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ثم إلى مصر وقطر، اللتين تلعبان دور الوساطة مع الولايات المتحدة، والدفع نحو اتفاق.وأشارت تصريحات لقادة إسرائيليين بشأن "نجاح المباحثات"، وصرح وزير الخارجية جدعون ساعر "إسرائيل أصبحت الآن أكثر تفاؤلاً بشأن صفقة محتملة للإفراج عن الأسرى". وفي هذا الإطار، يقول الباحث والمحلل السياسي روني شاكيد لـ"المشهد" إنه "رغم وجود فجوات، إلا أنه يوجد هناك تقدم ملموس في المحادثات، والتفاؤل الحذر ما يزال سيد الموقف في إسرائيل، خصوصًا على الصعيد السياسيّ الرسميّ، والشعبيّ كذلك".وتابع "الفريق الإسرائيلي المفاوض يسعى قدماً لتنفيذ صفقة جزئية للإفراج عن الأسرى، النساء والرجال فوق سن الخمسين، ومن يعانون من حالة طبية خطيرة، وتمت مناقشات حول أسماء الأسرى في المرحلة الأولى، والمرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يترافق مع ذلك حراك سياسيّ دوليّ وزيارات رسمية لإسرائيل وغيرها لإنجاح الاتفاق المرتقب". ومن وجهة نظر الخبير بالشأن الإسرائيلي أشرف العجرمي، فأوضح أن "الظروف ماضية لاتفاق وقف إطلاق النار، الوسيط الأميركي له دور في تسريع هذه العملية، لأنّ الرئيس المنتخب ترامب يريدُ التوصل لوقف الحرب قبل دخوله البيت الأبيض، ومع ذلك نتانياهو يناور من أجل إطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة والحصول على تنازلات أكبر من قبل "حماس" التي لينت موقفها بعض الشيء".وقال: "باتت حماس لا تشترط وقف الحرب بشكل كامل للتوصل لصفقة جزئية، ونتانياهو يحاول استكمال عملية التدمير قبل الوصول لوقف كامل أو جزئي لإطلاق النار، خصوصًا بالمنطقة الوسطى والشمال لتنفيذ المخططات الإسرائيلية في غزة، لهذا يتأجل مؤخراً اتفاق وقف إطلاق النار". (المشهد - القدس)