تقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة البرية والجوية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة والتي استأنفتها الأسبوع الماضي أدت إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص، نحو ثلثهم أقل سن 18 عاما.وبعد وقف إطلاق نار اتسم بهدوء نسبي على مدار شهرين في الحرب التي استمرت 18 شهرا، استأنفت إسرائيل حملة جوية وبرية شاملة على حركة "حماس" يوم الثلاثاء الماضي، ويقول مسؤولون صحيون فلسطينيون إن حوالي 700 شخص قُتلوا منذ ذلك الحين.وبدأت الحرب بعد هجوم شنته "حماس" في السابع من أكتوبر من عام 2023 تقول إسرائيل إنه تسبب في مقتل أكثر من 1200 معظمهم من المدنيين واحتجاز 253 أسيرا.وأصدرت وزارة الصحة الفلسطينية قائمة جديدة تتضمن أسماء وأعمار ونوع القتلى حتى 22 مارس، وتضمنت 50021 شخصا، أعمارهم بين حديثي الولادة و110 سنوات. ومن بين هؤلاء، 15613، أي 31%، أعمارهم أقل من 18 سنة.وتشير بيانات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في فلسطين (بتسيلم) إلى أن عدد القتلى الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية يتجاوز بكثير الذين سقطوا في جولات القتال السابقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة منذ 2005.وتتناول هذه النظرة الفاحصة طريقة إحصاء القتلى الفلسطينيين، ومدى مصداقية هذه الأعداد، وتفاصيل حول الخسائر البشرية في صفوف المدنيين والمسلحين وما يقوله كل جانب.كيف تحسب السلطات الصحية في غزة عدد القتلى؟في الأشهر الأولى من الحرب، كان يُجرى حساب أعداد القتلى بالكامل من خلال إحصاء الجثث التي تصل إلى المستشفيات. وكانت البيانات تتضمن أسماء معظم من لاقوا حتفهم وأرقام بطاقات الهوية الخاصة بهم.وفي ظل احتدام الصراع وقلة عدد المستشفيات والمشارح التي لا تزال تعمل، بدأت السلطات في اتباع أساليب أخرى.وبداية من أوائل مايو 2024، حدّثت وزارة الصحة بياناتها حول إجمالي حصيلة الوفيات لتشمل الجثث مجهولة الهوية، والتي تمثل نحو ثلث العدد الإجمالي للقتلى. وتعمل السلطات الصحية منذ ذلك الحين على تحديد هوياتهم، ولم يُدرج أي منهم في عدد الوفيات.وقال زاهر الوحيدي مدير وحدة العلاقات العامة والإعلام بوزارة الصحة في غزة إن السبب في إحراز تقدم بشأن تحديد هويات أصحاب الجثث هو استعادة قاعدة بيانات مركزية من مستشفى الشفاء وتطبيق نظام جديد يسمح للعائلات بتقديم معلومات يتحقق منها الأطباء والشرطة بعد ذلك عن القتلى.وأضاف أن العمل تسارع خلال الشهرين اللذين شهدا هدوءا نسبيا خلال وقف إطلاق النار الذي بدأ في يناير 2025.وأظهر فحص أجرته "رويترز" لقائمة سابقة أصدرتها وزارة الصحة في غزة لعدد القتلى أن أكثر من 1200 أسرة قتل جميع أفرادها، إحداها تتكون من 14 فردا.هل حصر القتلى في غزة شامل؟تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن الأعداد لا تعكس بالضرورة جميع من لاقوا حتفهم، لأن جثثا كثيرة ما زالت الأنقاض تطمرها. وقدّرت الوزارة أن نحو 10 آلاف جثة لم يتم إحصاؤها ضمن الأعداد الرسمية، ولم يُنتشل منها سوى بضع عشرات منذ وقف إطلاق النار.ووفقا لدراسة خضعت لمراجعة الأقران ونُشرت في دورية ذا لانسيت في يناير فمن المرجح أن تكون الإحصاءات الفلسطينية الرسمية للوفيات المباشرة في حرب غزة أقل من عدد الضحايا بنحو 40% في الأشهر الـ9 الأولى من الحرب وسط تدهور البنية التحتية لمرافق الرعاية الصحية في القطاع.وتقول مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الأرقام التي تعلنها السلطات الفلسطينية ربما تكون أقل من الواقع. وذكرت أن أرقامها في الصراعات السابقة بين إسرائيل و"حماس" كانت تتجاوز أحيانا أرقام السلطات الفلسطينية.وأكدت المفوضية لرويترز أن الوفيات التي تحققت منها حتى الآن تظهر أن 70% من النساء والأطفال.ما مدى مصداقية عدد القتلى في غزة؟قال خبراء الصحة العامة لرويترز إن غزة قبل الحرب كانت تتمتع بإحصاءات سكانية قوية ونظم معلومات صحية أفضل من تلك الموجودة في أغلب دول الشرق الأوسط.ووجدت دراسة أجرتها منظمة إير وورز غير الربحية، التي تتخذ من لندن مقرا لها وتجمع قوائم تفصيلية عن القتلى من جميع المصادر، أن هناك تطابقا بنسبة 75% على الأقل بين قوائمها وقوائم السلطات في غزة التي تتضمن آلاف الأشخاص الذين قُتلوا خلال الفترة الأولى من الحرب.وتعتمد الأمم المتحدة غالبا على أعداد حصيلة القتلى الصادرة عن وزارة الصحة وعبرت منظمة الصحة العالمية عن ثقتها الكاملة بهذه الأعداد.هل تتحكم "حماس" في الأرقام؟رغم أن "حماس" تدير غزة منذ عام 2007، تقع وزارة الصحة في القطاع تحت إدارة وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية.وتدفع حكومة "حماس" في غزة رواتب كل الموظفين المُعينين في الدوائر الحكومية، ومن بينها وزارة الصحة، منذ عام 2007. ولا تزال السلطة الفلسطينية تدفع رواتب الموظفين المٌعينين قبل ذلك التاريخ.ماذا تقول إسرائيل؟وقال مسؤولون إسرائيليون إن هذه الأرقام مشكوك فيها بسبب سيطرة "حماس" على الحكومة في غزة.وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية أورين مامورشتاين أن هذه الأرقام تم التلاعب فيها و"لا تعكس الواقع على الأرض".غير أن الجيش الإسرائيلي أقر أيضا في إفاداته بأن أعداد القتلى الإجمالية في غزة موثوقة إلى حد كبير.ويقول الجيش الإسرائيلي إن 407 من جنوده قُتلوا منذ بدء عمليته البرية في غزة في 27 أكتوبر 2023.كما يقول إنه بذل قصارى جهده لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين. ويقول إن "حماس" تستخدم المدنيين في غزة كدروع بشرية من خلال العمل داخل المناطق المكتظة بالسكان والمناطق الإنسانية والمدارس والمستشفيات، وهو ما تنفيه الحركة.كم عدد القتلى من المسلحين؟لا تفرق وزارة الصحة بين المدنيين وعناصر "حماس"، الذين لا يرتدون زيا رسميا أو يحملون بطاقات هوية مختلفة، في إحصاء أرقام القتلى.وتصدر إسرائيل تقديرات دورية لعدد عناصر "حماس" الذين تعتقد أنهم قتلوا. وجاء في تقديراتها في الآونة الأخيرة أن عدد القتلى الفلسطينيين من العناصر يبلغ 20 ألفا. وتقول إسرائيل إن مدنيا واحدا فقط قُتل مقابل كل عنصر، وتحمّل "حماس" المسؤولية عن ذلك لاستخدامها منشآت مدنية.ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه تم التوصل إلى مثل هذه التقديرات من خلال مزيج من إحصاء الجثث في ساحة المعركة، واعتراض اتصالات "حماس"، وتقييمات المخابرات للأفراد الذين كانوا موجودين داخل الأهداف التي تم تدميرها.وتقول "حماس" إن التقديرات الإسرائيلية لخسائرها مبالغ فيها، لكنها لم تذكر عدد القتلى في صفوف العناصر.(رويترز)