بعد دخول الحرب على غزة شهرها الرابع، يبدو أن "حزب الله" هو الهدف الثاني لإسرائيل، التي حذرت من أن "الوقت ينفد" أمام فرصة الحل الدبلوماسي للنزاع مع لبنان. فوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وجه رسالة مباشرة إلى "حزب الله" اليوم لتؤكد المؤكد، وهو إما الانسحاب من الحدود أو الحرب. غالانت حذّر الحزب من مغبة الإصرار على عدم سحب قواته من الحدود اللبنانية الجنوبية في إطار اتفاق دبلوماسي، مؤكدًا أنّ ذلك سيعني إعلان حرب بالنسبة إلى إسرائيل.فماذا سيختار "حزب الله" الحرب أم الانسحاب؟التسوية مع "حزب الله" على حساب اللبنانيين المحلل السياسي ورئيس تحرير موقع جنوبية الصحفي علي الأمين، شدد على أنه لا يمكن التعامل مع التهديدات الإسرائيلية من قبل "حزب الله" باعتبارها كلام لا ينطوي على جدية في احتمال تنفيذ حرب ما، ولكن أيضا لا يمكن أن نُقلّل من شأن الاتصالات التي تجري خصوصا الأميركية والأوروبية وهي تحتاج إلى ضغوط وهي تأتي من خلال الحديث عن الحرب والمواجهات الجارية. ورأى الأمين أن المندوبين الدوليين يحملون مخاوف من أن يُجر لبنان إلى حرب مع إسرائيل، مشيرا إلى أن لبنان الذي يعاني من هذه المواجهات التي تشكل استنزافاً للجنوبيين وتهجيراً لهم، يقابلها أيضاً مأزق لدى المستوطنين الإسرائيليين الموجودين في الشمال وهذا ما تحدّث عنه غالانت الذي قال بشكلٍ واضحٍ إما نحن ندخل بتسوية ليعود هؤلاء وإما الحرب وبالتالي ضرورة انسحاب "حزب الله" من منطقة 1701، التي حددها القرار الأممي الذي اتخذ بالإجماع في 11 أغسطس 2006 بهدف حل النزاع اللبناني الإسرائيلي، ووافقت حينها الحكومة اللبنانية بالإجماع عليه في 12 أغسطس 2006، كما أكد "حزب الله" التزامه بالقرار ووقف إطلاق النار.ولاحظ الأمين أن غياب الدولة اللبنانية بات شبه تام وكأنها تحضر بحسب رغبة الحزب، وهناك جانب آخر يتمثل بأن إسرائيل لم يعد يعنيها مع من يعقد الاتفاق، وهو معني بمن يقدّم الضمانات وهو يعرف أن "حزب الله" خلفه إيران من يقدمونها. وأكد الأمين أن العمل على المفاوضات بين الجانبين، وهي جارية بشكل واضح وجلي و"حزب الله" فتح قنواته واتصالاته على الرغم من أنه يشترط وقف العدوان على غزة. وهذا الاتفاق تخرقه موازين القوى، فالإسرائيلي يريد في النهاية أن تتم تسوية تؤمّن عودة المستوطنين إلى الشمال. واعتبر الأمين أن ظروف التسوية قائمة وغير مستبعدة ونضوجها بطبيعة الحال يتطلّب شيئا من التبرير الذي يدفع "حزب الله" لإنجازها ليُبيّن أنه حقق انتصاراً، لا أن يظهر مهزوماً وبالتالي يحتاج إلى الشكل وبتقديري الأميركي غير مزعوج من الأمر وقد يوفر له هذه الشروط لتأمين الاستقرار. ويعتقد الأمين بتقديره أن الاتفاق ينتظر مناخا ملائما في غزة وما زال يرى أن كوابح الحرب قوية ويرجح مثل هذه التسوية لأن "حزب الله" قد يندفع باتجاهها أولاً تفادياً للحرب، وثانياً لأخذ مكاسب في الداخل اللبناني من "حساب اللبنانيين". الحرب مفتوحة ويتحمل مسؤوليتها الإسرائيلي في المقابل، اعتبر الكاتب والصحفي رضوان عقيل، في حديث لقناة ومنصة "المشهد" أن كلام غالانت ليس بالجديد وهو كان قد أطلق هكذا مواقف بعد 7 أكتوبر، وهو يدخل ضمن الحرب النفسية وحرب التهديد على "حزب الله"، ولكن بالتأكيد لا يلتزم الحزب بمثل هذا الكلام. وقال عقيل: "سبق للحزب أن قالها للموفدين الأوروبيين وآخرهم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وغيره، أن أحدا لا يمكنه فرض أي شيء عليه، وهو غير مستعد للبحث بأي نقطة وأي فاصلة وأي موضوع يتعلق بالحدود بين لبنان وإسرائيل قبل وقف إطلاق النار في غزة". وأضاف: "خيار الحزب يقول أنا مستمر بهذه المواجهة هذه الحرب مفتوحة يتحمل مسؤوليتها الإسرائيلي أنا بمرحلة دفاع ولست بمرحلة هجوم ومفتاح الحرب والعدوان يبقى بيد نتانياهو وحكومته وهذا جواب الحزب". ووفق عقيل تمكن "حزب الله" في الأسابيع الأخيرة من فرض وضع صعب على الإسرائيليين من خلال تهجير عشرات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين من شمال إسرائيل، الذين يشكلون حالة ضغط على نتانياهو، فضلا عن المستوطنين الذين غادروا غلاف غزة. وتابع: "لا أحد يتوقع من حزب الله أنه سيوافق على أي مطلب إسرائيلي سواء عبر الأوروبيين أو غيرهم وفي المحصلة الحزب مستمر في هذه المواجهة علما أنه يخوض حربا صعبة فعلاً وكلاسيكية، علما أن كوادر الحزب على مستوى ضباطه وعلى مستوى قواعده العسكرية ليست في قتال جيش مقابل جيش، إلا أنه يشكل حالة من الإرباك لدى الإسرائيلي". وردا على سؤال بشأن انسحاب "حزب الله" إلى المسافة التي تطلبها إسرائيل، اعتبر عقيل أن أي كلام عن انسحاب "حزب الله" من المناطق الحدودية لن يحدث مهما كلفه الأمر، لأنه لن يقدّم خدمة كبيرة لنتانياهو وليس من واجبه أن يقدم رسائل اطمئنان للمستوطنات الإسرائيلية، وأن ما يهمه أهله وبلداته ومناطقه وبالفعل من الصعب فصل "حزب الله" عن هذه البلدات لأن أبناء الحزب هم أبناء المناطق الجنوبية.ووفق ما تقدم الجبهة اللبنانية مع إسرائيل باتت مفتوحة على احتمال التصعيد أكثر، وتزامن ذلك مع استهداف الجيش الإسرائيلي القيادي في "حزب الله" وسام طويل واغتياله بصاروخ موجه ضرب سيارته في جنوب لبنان.