في خطوة مفاجئة، أقدمت وزارة الدفاع المصرية على نشر عدد من الوثائق الرسمية والنادرة حول حرب أكتوبر من عام 1973، وذلك على الموقع الرسميّ للوزارة.وتضمنت هذه الوثائق التخطيط الاستراتيجيّ العسكريّ لحرب أكتوبر، وكذلك إدارة الحرب بمراحلها حتى وقف إطلاق النيران، على نحو يرقى إلى "أعلى درجات الفكر العسكريّ العالمي"، وفق الموقع.وأوضح الموقع أنّ هذا التخطيط شمل التوجيه السياسيّ العسكريّ للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وقرار القائد العام وإعداد خطط العمليات والخطط التكميلية، وتنظيم التعاون الاستراتيجي، والإشراف والمراجعة، واختبار التخطيط بما يؤكد قدرة القوات المسلحة على تنفيذ المهامّ المخططة.وتطرقت بعض الوثائق التي ظهرت مكتوبة بخط اليد، إلى "العملية غرانيت 2"، بمنطقة البحر الأحمر، وهي أحد الخطط العسكرية التي وضعتها قيادة الجيش المصري، التي كان الهدف منها هو "احتلال المضائق الجبلية في شبه جزيرة سيناء".دلالات نشر وثائق حرب 6 أكتوبروحول هذه الوثائق السرية التي تُنشر للمرة الأولي، التقت منصة "المشهد" عددًا من كبار العسكريّين المصريّين، من أجل الوقوف على أسباب ودلالات الإفراج عن تلك الوثائق المهمّة في هذا التوقيت. وأكد عضو لجنة الدفاع والأمن القوميّ بمجلس النواب المصريّ اللواء خالد خلف الله، أنّ الإقدام على نشر هذه الوثائق في هذا التوقيت، يحمل في طياته دلالات مهمة عدّة، خصوصًا أنّ المنطقة تشهد تحدّيات غير مسبوقة في تاريخها، وتمرّ بصراعات متعددة تهدّد حاضر ومستقبل بعض الدول. وذكر خلف الله أنّ من أبرز أهداف نشر تلك الوثائق ما يلي:رسالة ردع للجميع وتذكير للعالم بأسره بما حققه المقاتل المصريّ من انتصار الذي أثبت مدى قوّته وجاهزيته.توضيح مدى قوة الجيش المصريّ في التخطيط الاستراتيجيّ للحرب.مدى الترابط الكبير الذي جمع مختلف أفرع القوات المسلحة المصرية، والدراسة المستفيضة لكل التفاصيل والخطط في الحرب.الانبهار غير المسبوق في خطة الخداع وسرعة الإنجاز.المصريون كلهم نسيج واحد يعيشون تحت سماء واحدة ولا فرق بين مسلم ومسيحي، ويصطفون خلف جيشهم في أصعب وأحلك الظروف.رسالة للأجيال التي لم تُعاصر الحربويري خلف الله أنّ تلك الوثائق جاءت لتؤكد أنّ حرب 6 أكتوبر، ستظل أكبر معجزات الجيش المصري، وأكبر حرب في التاريخ المعاصر التي تحتوي على تخطيط استراتيجيّ لم يسبق له مثيل، على حدّ تعبيره.وأشار إلى أنه قبل الإفراج عن هذه الوثائق لم تكن الناس تصدّق من كثرة الإعجاز في تلك الحرب، لذلك فهي تمثّل رسائل مهمة للأجيال الحالية التي لم تعاصر هذه الحرب، كما تعمل على إعادة الحسّ الوطنيّ داخل المجتمع المصريّ والتفاف الشعب المصري كله حول جيشه، في أيّ إجراءات وتدابير للدفاع عن الأمن القوميّ المصري.وأشار البرلماني المصري إلى أنّ تلك المستندات المهمة أوضحت بشكل جليّ مدى الأخلاقيات العالية التي كانت لدى أفراد القوات المسلحة المصرية من ضباط وجنود في حرب أكتوبر، وكيف تعاملوا بشكل إنسانيّ ولائق مع الجنود الإسرائيليّين الذين وقعوا في الأسر آنذاك، واحترامهم لهم.وتابع، "المقاتل المصريّ لم يهدم زرعًا ولم يعتدِ على الأسرى الإسرائيليّين، فالجيش المصريّ جيش مدافع ولم يكن في يوم من الأيام باغيًا ولا معتديًا على أحد، ولكنه جيش لديه عقيدة واحدة وهى حماية الوطن من الأخطار الخارجية، وجاهز للدفاع عن وطنه في أيّ زمان ومكان".الجيش قادر على تكرار إنجاز 1973ومن بين أهم الرسائل التي حملتها الوثائق التي أُزيح الستار عنها الليلة الماضية بحسب المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا اللواء أركان حرب عادل العمدة، أنّ:من قام بحرب 6 أكتوبر مرة، يستطيع أن يفعلها مرات عدة، في إشارة إلى أنّ الجيش المصريّ يمتلك حاليًا مصادر قوة تواكب أحدث ما في العصر من تطور لنوعيات التسليح لمواجهة مختلف التحديات. الجيش لديه طفرة نوعية وكمية هائلة في مجال التسليح غير مسبوقة في تاريخه الحديث، وهو الأمر الذي يؤكد مدى الجاهزية لدى القوات المسلحة المصرية.الجيش المصريّ قادر على أن يتعامل مع جميع الجبهات والسيناريوهات، فهو جيش لديه عقيدة واحدة وهى حماية الوطن من أيّ أخطار.وحول آلية الكشف عن هكذا وثائق عسكرية مهمة، أوضح العمدة أنّ هذا الأمر يأتي ضمن خطة الافراج عن وثائق مرّ عليها وقت يُسمح فيه بالنشر، وهو 50 عامًا، وذلك بمثابة رسالة لتذكير الجميع بالتاريخ المصريّ القريب.وأضاف أنّ جميع الوثائق يتم مراجعتها بشكل دقيق للغاية قبل النشر، وفي تلك الحالة تحمل بعض المعلومات والأرقام المسموح بنشرها، غير أنّ ارتباط ذلك بالتوقيت في مصر والمنطقة، يشير إلى ما قامت به مصر في حرب أكتوبر.الدور العربيّ في حرب أكتوبروعلى الصعيد العربي فقد تناولت الوثائق السرية الدور الكبير الذي لعبته بعض الدول العربية في دعم مصر خلال حربها مع إسرائيل، وأفادت الوثائق أنّ المغرب أخطرت مصر بأنها على أتمّ الاستعداد في معركة المصير، وأنه تم اختيار 2500 فرد بمعداتهم الحربية وهم على أتم الاستعداد للنقل، حيث ترى المغرب أن يتم نقلهم صباح 9 و10 بطائرات مغربية وجزائرية، على أن تحلّ محلّ القوات المصرية التي دخلت بالفعل سيناء، بالإضافة إلى أنه جاري تجهيز قوات الكوماندوز ويمكن أن يتم إرسالها في ما بعد.ووفقًا للوثائق، فقد أبلغ المغرب الجانب المصريّ أن الأسلحة التي ستكون مع هذه القوة يمكن الحصول على ذخائرها من قبل بعض الدول الخليجية لتماثُل الأسلحة، بالإضافة إلى أنّ المغرب سيقوم بتأمين طيران الطائرات إلى الجزائر ثم تونس وستكون مزوّدة بالبترول.ويوضح المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أنّ الدول العربية قدمت 4 طرق من الدعم لمصر في حرب السادس من أكتوبر، وتتمثل في الدعم الماليّ والسياسيّ والعسكريّ والبترولي.دور الإعلام المصري في الحربكما تضمنت الوثائق دور الإعلام المصريّ خصوصًا العسكريّ الذي لعب دورًا مهمًا في مجال الإعداد والتخطيط لحرب أكتوبر 1973، ليختلف تمامًا عن الوضع الذي كان عليه ذلك الإعلام خلال حرب يونيو 1967. وأكد الموقع الرسميّ لوزارة الدفاع، أنّ الإعلام المصريّ خرج إلى نطاق التأثير الإقليميّ والدولي، وتوجه نشاطه لكشف النوايا الإسرائيلية، والتحم بالأحداث العربية والعالمية. واكتسب الإعلام ثقة المواطن والشعب المصريّ بمصداقيّته، خصوصًا أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973، رغم أنه لم يتمكن من تغطيتها مباشرة بسبب حرص القيادة المصرية على تحقيق السرية وعدم كشف نيّة الهجوم يوم السادس من أكتوبر. (المشهد)