المواقف الرسمية والسلوك السياسي للسلطة الفلسطينية الذي رافق تطورات هجوم 7 أكتوبر، وما تبعه من حرب إسرائيلية ما زالت تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وضعها في دائرة الانتقاد والاتهام من قبل خصومها ومنتقديها، بل إن فئة واسعة من الشارع الفلسطيني، اعتبرت أن المواقف التي سجّلتها السلطة الفلسطينية "فاترة".فيما رأت شريحة أخرى من الفلسطينيين، بأن السلطة الفلسطينية بطبيعة تكوينها السياسي، لا يمكنها الذهاب إلى أبعد من ذلك في التصريحات والمواقف، والتي تتركز حول العمل الدبلوماسي على الساحة الدولية، والاستنكار والإدانة، فيما لا تغيب عبارات "إصلاح وتقوية السلطة الفلسطينية للمشاركة في إدارة غزة بعد الحرب" عن تصريحات المسؤولين الأميركيين. تزامنا، أكدت السلطة الفلسطينية أن ما يجب أن يكون بعد الحرب، هو الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية، وفي ضوء التباين بين الموقفين الفلسطيني والأميركي، والرفض الإسرائيلي لكل ما هو فلسطيني، أثار سؤال فرضته الحرب في الشارع الفلسطيني، حول دور السلطة الفلسطينية وأدائها، والأهمية السياسية والإستراتيجية لها، فهل باتت عاجزة سياسياً، وأين هو دورها من مفاوضات التهدئة والصفقات؟عجز سياسي أم تغييب متعمّد؟وحول سؤال منصة "المشهد" للناطق باسم حركة "فتح" عبد الفتاح دولة عن دور للسلطة الفلسطينية وما هو موقعها من كل ما يجري من مفاوضات للتبادل والتهدئة، يقول "تواجه السلطة الفلسطينية ضغوطات مضاعفة نابعة من توجّه حكومة بنيامين نتانياهو المتطرفة، التي ترى أن منع قيام دولة فلسطينية يتطلب إضعاف السلطة الفلسطينية، فتعمّد استهدافها واتهامها بممارسة "الإرهاب" والإرهاب السياسي والدبلوماسي"، وتتماهى بعض الدول مع عملية الضغط على السلطة، تحت مبررات الإصلاح وحرف الاهتمام عن أصل المشكلة المتمثلة في استمرار العدوان والاحتلال". وأكد دولة قائلاً: "ما قام به مجلس النواب الأميركي بحظر دخول أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، إلى الولايات المتحدة جزء من هذا الاستهداف الخطير، الذي مسّ بمكانة المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وأعاق بالتالي أي مسعى سياسي ينهي الاحتلال ويقود للدولة الفلسطينية، وبالتالي باتت غير قادرة على القيام بدورها كما يجب في الحرب الإسرائيلية على غزة، خصوصا في صفقات التبادل، لكن جهد السلطة والقيادة الفلسطينية مستمراً لوقف العدوان على أكثر من مستوى عربي ودولي وعالمي". السلطة الفلسطينية مكبّلة؟وفي السياق ذاته، يقول المحلل السياسي نهاد أبو غوش لمنصة "المشهد" إن "قواعد السياسة للمؤثرين والأقوياء، لكن السلطة الفلسطينية مقيدة بقيود من اتفاقية أوسلو حتى يومنا هذا، ولا تستطيع التحرك أو اتخاذ مواقف مهمة وجدية، طالما تلتزم بها وتراهن على الزمن والمعجزات وتدخلات أوروبية، السلطة للأسف ضعيفة وشبه عاجزة عن التأثير، ليس فقط في مفاوضات التهدئة وصفقات التبادل، بل في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي برمته". وأضاف أبو غوش قائلاً: "ولذلك هي تجاوزت دورها من الأحداث الجارية في الحرب الحالية، وسمعنا كلمة سيئة ومسيئة من قبل بعض قادة السلطة، الذين قالوا يجب محاسبة "حماس" أثناء الحرب، وهناك من وصفها بالإرهابية، لذلك السلطة من البداية ربطت نفسها بمعادلة الترقب والانتظار، أن يعطى لها دور بالعودة إلى غزة، بالمقابل لم تقدّم مبادرات تعزّز مسؤولياتها، وهي مسؤولة عن الشعب أصلاً، وهذا التمثيل للشعب الفلسطيني يتطلب مبادرة وحراكا ودورا وبرنامج طوارئ وانفتاحا على جميع القوى السياسية خصوصا حماس".تغليب المصلحة الإسرائيلية على الحل السياسيوحول الأوضاع التي تعيشها السلطة الفلسطينية، وصفها المحلل السياسي يوآف شتيرن في حديث لـ"المشهد" بالضعيفة، ويوضح بأن هناك عوامل وراء هذا الضعف:أثبتت السلطة الفلسطينية ضعفها خلال أزمة الحرب الحالية بين إسرائيل وحركة "حماس"، وبالتالي أضحت مهمشة، وباتت غير قادرة على أن تلعب دوراً محورياً سواء في وقف إطلاق النار أو صفقات التبادل. تم تهميش السلطة الفلسطينية فيما يخص موضوع غزة في خضم الحرب الحالية، من قبل حركة "حماس" والدول العربية التي تدعمها مثل قطر، وبالتالي "حماس" عملت على جعل السلطة الفلسطينية بعيدة كل البعد عن ما يحدث في غزة، وسلختها عنها.كذلك حكومة بنيامين نتانياهو المتطرفة ليست معنية ولن تكون معنية في يوم من الأيام، بأن تلعب السلطة الفلسطينية دوراً سياسياً إستراتيجياً مهماً، بل هي أضعفت السلطة لمصالحها وأسبابها الخاصة، فحكومة نتانياهو هي من قوت ودعمت "حماس" وشجعت الانقسام الفلسطيني لإضعاف السلطة، والنتيجة نراها الآن."هل هذا الوضع على المدى البعيد يخدم إسرائيل؟ بالتأكيد لا.. لكن جنون الحكومة الحالية سيقود إسرائيل إلى الهاوية"، يختم شتيرن تصريحه.( المشهد)