حذر العالم أجمع إسرائيل من مغبة العملية العسكرية على رفح المكتظة بالغزيين، والتي ستؤدي لمجازر مروعة، يقيم فيها أكثر من 1.3 مليون نازح، و250 ألفاً من سكانها، بمساحة لا تتعدى 64 كيلومتراً مربعاً، فيما لا تدعم الولايات المتحدة هذا الهجوم البري وفاقم حدة التوتر في العلاقات بين الجانبين.تجاهل نتانياهو التحذيرات الدولية المتنامية من تبعات الهجوم، وتعهد بالقضاء على "حماس"، مصرحاً "الذين لا يريدون لنا الوصول إلى رفح، لايريدون لنا النصر"، فالنصر عند رئيس الحكومة الإسرائيلية مرتبط في ساحة رفح، الذي يخطط بقيادة جيشه لمهاجمتها بعد الانتهاء من القتال في خان يونس، مما يعني رفع مستوى التوتر مع مصر، التي ترفض تهجير مئات آلاف الفلسطينيين نحوها، أو السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي.تسعى الإدارة الأميركية إلى ضبط إيقاع المعركة، وتخشى من جر القدس والضفة الغربية إلى الصراع الجاري في المنطقة، خصوصا من إثارة التوترات الإسرائيلية في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، فيما جهود حثيثة تقوم بها الدول العربية لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار. بدورها ضغطت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على المستوى السياسي الإسرائيلي خشية التصعيد، ودفعت من أجل إدخال تسهيلات قبل حلول رمضان، تشمل عودة العمال إلى إسرائيل، والسماح لأعداد من الفلسطينيين بالوصول إلى الأقصى، ودفع خطوات لتعزيز السلطة الفلسطينية، حيث جرت اتصالات بين الجانبين لمنع تحول الضفة الغربية إلى جبهة ثالثة محتملة. رفح .. الورقة التفاوضيةوحول إيعاز نتانياهو للجيش الإسرائيلي بإنهاء معركة رفح قبيل شهر رمضان، يوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية فراس ياغي: "نتانياهو ينفذ طلب بايدن بالضغط على حركة حماس وفصائل المقاومة في غزة من خلال التهديد بالمناورة البرية في رفح، من أجل جلبهم إلى طاولة المفاوضات لتبادل الأسرى وفقاً للشروط الأميركية الإسرائيلية". وأضاف ياغي لمنصة "المشهد" "لا أعتقد بأن القوات الإسرائيلية سوف تنتهي من ساحة المعركة في رفح قبل شهر رمضان، تلك القوات عالقة في خان يونس، ووسط غزة، وبعض المناطق في الشمال، بكل الأحوال نتانياهو يريد استمرار الحرب، وخلال الساعات المقبلة سيتضح موقف حماس سياسياً من عملية رفح".أفادت القناة 12 العبرية بأن خلافات نشبت بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، قبل عدة أيام بشأن العملية المتوقعة في رفح.وذكرت القناة أن نتانياهو أخبر الجيش الإسرائيلي بضرورة الانتهاء من معركة رفح في خلال شهر قبل حلول شهر رمضان بسبب الضغوط الدولية.وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط أن العملية قد تبدأ خلال أسبوعين.من جانبه، يقول المحلل السياسي عادل شديد: "في الجانب الإسرائيلي لا يمكن أن يكون هناك وقف شامل لإطلاق للنار خلال شهر رمضان، نتانياهو لايريد أن ينهي المعركة إلا وقد حقق إنجازا ما يشفع له في المرحلة المقبلة، الأمن الإسرائيلي فوق أي اعتبار، والنصر أهم من شهر رمضان وغيره". وأشار شديد في حديثه مع منصة "المشهد": "لا يوجد محرمات في عقلية نتانياهو، وهو ماض في الحرب على غزة إلى ما لا نهاية، بل ويسعى لبسط السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليها، وأرجح بأن يوافق على هدنة وقف إطلاق نار لمدة 45 يوما لتبادل الأسرى وتكون خلال رمضان، من يعتقد بأن اشتعال القدس والضفة ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية فهو مخطىء، ولم يعد سلاحاً كفلسطينيين نهدد به إسرائيل للتهدئة في جبهة غزة". وأضاف "أما على صعيد الإدارة الأميركية فهي تتخوف من تجمع مئات الملايين من المسلمين في المساجد في رمضان، وحين تكون مذابح في رفح وغزة يكون محور الحديث، وهذا سيؤدي إلى تأجيج مشاعر المسلمين وسيشكل مصدر إحراج للأنظمة العربية خاصة السنية، واقع لا يصب في مصلحة المشروع الأميركي بالمنطقة، لذلك تسعى الإدارة الأميركية لإنهاء الحرب قبل رمضان".ضغوط على إسرائيلويوضح المحلل السياسي يوآف شتيرن، لمنصة "المشهد" بأن هناك "ضغوطا كبيرة تمارس على إسرائيل من قبل الولايات المتحدة، وعدة دول عربية لمنع القيام بعملية عسكرية في رفح خلال شهر رمضان المقبل، الحرب مستمرة وعلى ما يبدو بأنها ستتواصل لحين إطلاق سراح المحتجزين، في ظل عدم التوصل إلى هدنة أو صفقة لوقف النار، لذلك سيستمر العمل العسكري في غزة". وتابع شتيرن قائلاً "على الرغم من النجاحات العسكرية الإسرائيلية في غزة، إلا أنها لا تلمح إلى انكسار شوكة حماس، فهي تعود تدريجياً إلى المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، ولم يتم تصفية زعيمها السنوار، لذلك لابد من استمرار المعارك وبسط السيطرة أكثر فأكثر لتحقيق أهداف الحرب" وأضاف "التخوف الإسرائيلي حيال انفجار الوضع بالقدس والضفة الغربية في رمضان ما زال قائماً، بفعل الحرب في غزة، وحالة الاحتقان وتردي الأوضاع الاقتصادية، لذلك تسعى السلطات الأمنية الإسرائيلية، لبحث تقديم تسهيلات للفلسطينيين في رمضان للحيلولة دون حدوث انفجار، منها الحظر الإسرائيلي على العمالة الفلسطينية، والسماح لعدد من المصلين المسلمين من الضفة الغربية للصلاة في الأقصى".(المشهد)