يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل الجمعة لمحاولة التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة فيما من المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار أميركي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في القطاع الذي مزقته الحرب.وبينما ينشغل الدبلوماسيون، تستمر الاشتباكات في قطاع غزة، بما في ذلك داخل مجمع الشفاء الطبي وفي محيطه، وهو أكبر مستشفى في القطاع. ويواصل الجيش عمليته التي قال إنه قتل فيها "أكثر من 140" مقاتلا فلسطينيا في اشتباكات خاضها معهم جنوده في المجمع ومحيطه منذ الاثنين.اقتحام مستشفى الشفاءوقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري مساء الخميس إن "العملية في مستشفى الشفاء مستمرة. إنها عملية اعتقلنا خلالها أكبر عدد من الإرهابيين منذ بداية الحرب". وبعد 5 أشهر ونصف على اندلاع الحرب، تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن "تقارب" في المفاوضات من أجل إرساء هدنة في غزة. وكان بلينكن قال لقناة "الحدث" السعودية "أعتقد أن الفجوة تضيق وأن التوصل إلى اتفاق ممكن جدًا". وتزامنا مع المفاوضات، أعلن المتحدث باسم السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة الخميس أن الولايات المتحدة ستعرض الجمعة مشروع قرار يشدد على "وقف فوري لإطلاق النار" في غزة على مجلس الأمن الدولي للتصويت عليه. وقال نايت ايفانز في بيان "تعمل الولايات المتحدة جديا مع أعضاء المجلس منذ أسابيع عدة على قرار يدعم في شكل لا لبس فيه الجهود الدبلوماسية الهادفة الى ضمان وقف فوري لإطلاق النار في غزة في إطار اتفاق حول الرهائن، يتيح الإفراج عن جميع الرهائن ويساعد في زيادة المساعدة الإنسانية". ويشدد النص الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس ومن المقرر أن يطرحه مجلس الأمن للتصويت الجمعة على "الحاجة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار لحماية المدنيين من الجانبين والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية الأساسية".عملية في رفحاستخدمت الولايات المتحدة، الحليف التاريخي لإسرائيل، حق النقض (الفيتو) ضد قرارات عدة لمجلس الأمن تدعو إلى وقف لإطلاق النار، قائلة إن ذلك كان سيصب في مصلحة "حماس". لكن في مواجهة الخسائر البشرية الفادحة وخطر حصول مجاعة، تضاعف واشنطن الآن جهودها للتوصل إلى هدنة وبالتالي تجنب هجوم بري على رفح. وقال بلينكن إن "من الخطأ" تنفيذ عملية عسكرية اسرائيلية كبيرة في رفح، مضيفا "هناك طريقة أفضل للتعامل مع التهديد المستمر الذي تمثله حماس". وتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل منذ أسابيع للامتناع عن شن هجوم بري واسع النطاق على رفح ستكون نتائجه كارثية في المدينة المكتظة التي ارتفع عدد سكانها إلى مليون ونصف مليون شخص، معظمهم نازحون. بدورهم دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27، المجتمعون في قمة في بروكسل، الخميس الى "هدنة إنسانية فورية" في غزة، وحضوا في بيان مشترك اسرائيل على عدم إطلاق عملية برية في رفح بأقصى جنوب القطاع المدمر. لكن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو لا يكف عن تكرار عزمه على المضي في خطته لشن هجوم بري على رفح يعتبره ضروريا "للقضاء" على "حماس".الجوع في غزةسعيًا لزيادة المساعدات وتخفيف معاناة السكان، تنفذ دول عدة عمليات إنزال جوي يومية لرزم أغذية، وتم تدشين ممر بحري من قبرص إلى غزة لهذا الغرض. لكن وكالات الإغاثة تؤكد أن طرق الإمداد هذه لا يمكن أن تحل محل الطرق البرية. وأعلنت قبرص أنها تعمل على إرسال "أكبر عدد ممكن من السفن" إلى غزة خلال اجتماع دولي مخصص لهذا الممر الإنساني. وقالت لجنة حقوق الطفل الأممية الخميس إن "الأطفال يموتون جوعا. إنهم محرومون من الطعام" وجددت النداء لوقف النار. وأضافت "إنهم لا يجدون حتى الفتات". أحكمت إسرائيل بعيد اندلاع الحرب حصارها على قطاع غزة. ويتحكم الجيش والإدارة الإسرائيلية بكل ما يدخل إليه ويخرج منه من أشخاص ومساعدات وبضائع. تؤكد الأمم المتحدة أن القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل تعوق دخول المساعدات برا عبر معبر رفح الحدودي، وأن ما يدخل لا يلبي الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع. ويصعب خصوصا إيصال المساعدات وتوزيعها على أكثر من 300 ألف شخص ما زالوا في شمال القطاع وحذّرت تقارير دولية من أنهم سيقعون في براثن المجاعة خلال أسابيع في غياب تدخل عاجل. وحذر مفوض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني هذا الأسبوع من أن "الحصار والجوع والأمراض ستصير قريبا الأسباب الرئيسية للوفيات في غزة". اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عقب هجوم شنّته "حماس" على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة. وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 أسيرا ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في هجوم "حماس". وتوعدت إسرائيل بالقضاء على الحركة ونفّذت حملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل نحو 32 ألف شخص وخلف 74188 جريحًا غالبيتهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة التابعة لـ"حماس". وشن الجيش الاسرائيلي حملة قصف جوي أعقبها هجوم بري اجتاح خلاله جنوده مختلف أنحاء القطاع، حتى أبواب رفح.(أ ف ب)