في خطوة اعتبرها محلّلون بأنها مُقدّمة نحو الموافقة على هدنة إنسانية في قطاع غزّة، بدأت مصر في استقبال الحالات الحرجة من الجرحى الفلسطينيّين لتلقّي العلاج في المستشفيات المصرية.وتواصل إسرائيل قصفها المتواصل لقطاع غزّة لليوم الـ27 على التوالي، فيما بدأت عمليات الاجتياح البرّي منذ أيام، ردًا على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة "حماس" في 7 أكتوبر الماضي.وبالتزامن مع دخول المصابين الفلسطينيّين للعلاج في مصر، وافقت أميركا وإسرائيل على دخول المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثيّة للقطاع المُحاصر، مُقابل موافقة مصر على خروج حاملي الجنسيات الأجنبيّة من معبر رفح البرّي.وبحسب وسائل إعلام، فإنً مصر جهّزت مستشفًى ميدانيًا بمدينة الشيخ زويد (بالقرب من معبر رفح) من أجل استقبال الجرحى الفلسطينيّين، على بُعد قرابة 30 كيلو مترًا من معبر رفح البرّي، والمجهّزة لاستقبال الحالات الخطرة بعد عبورها للجانب المصريّ خلال دقائق معدودة.وأوضحت المصادر أنّ المستشفى الميداني، مزوّد بنخبة من الأطباء المتخصّصين في "طب الطوارئ"، مثل تخصّصات طب وجراحة العظام، والحروق، فضلًا عن الأجهزة والمستلزمات اللازمة لها.ورأى محللون وخبراء أمنيون، في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ هذه الخطوة تُعتبر نجاحًا للجهود العربية من أجل تخفيف المعاناة عن الفلسطينيّين في قطاع غزة، تمهيدًا للموافقة على هُدنة إنسانيّة للسّماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل أكبر.التعهّد بعودة الجرحى إلى غزّةوقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور حسن أبو طالب، إنّ مصر حصلت على تعهدات من إسرائيل والولايات المتحدة بخصوص تسهيل دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع المُحاصر، وفق آلية شبه دائمة.وأوضح، في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ مصر أخذت التزامًا أيضًا بالسماح بدخول الحالات الإنسانية الحرجة للمصابين الفلسطينيّين للعلاج في مصر وعودتهم مرة أخرى للقطاع من دون عراقيل من جانب إسرائيل.وكشف مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنّ "هذه الخطوة جاءت بعد مفاوضات شاقّة من مصر والدول العربية، وتأتي كمقدمة لهدنة إنسانية"، لافتًا إلى أنّ "تحليل المشهد الحاليّ للعدوان على قطاع غزة، يمكن قراءته من خلال الموقف الأميركيّ الراغب في خروج الجنسيات الأجنبية من غزّة عبر معبر رفح".وأشار إلى أنّ "مصر وضعت شروطًا بشأن خروج مزدوجي الجنسيّة مقابل السماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل منتظم، وهو ما وافقت عليه أميركا وإسرائيل"، مُبينًا أنّ "هناك جهودًا عربية من أجل التوّصل إلى اتفاق بخصوص هدنة إنسانية للسماح بدخول المساعدات الإنسانية لغزّة".إسرائيل لم تحقّق هدفها من الحربوأضاف أبو طالب: "في حالة تطبيق هذه الهدنة سيكون انتصارًا صغيرًا لصالح الشعب الفلسطيني في غزّة، وخطوة أولية تجاه وقف إطلاق النّار بشكل دائم"، لافتًا إلى أنّ "الحديث عن وقف كامل لإطلاق النار حاليًا، ربما سيأخذ وقتًا أطول، لأنّ أميركا ترى أنّ إسرائيل لم تحقّق أهدافها من هذه الحرب حتى الآن".ورأى أبو طالب، أنّ "إسرائيل تستهدف بشكل أساسيّ في حربها الحالية، القضاء على حركة "حماس"، وهو أمر لن يحدث حتى لو استمرت هذه الحرب لسنوات"، مُشيرًا إلى أنّ التجارب المماثلة للولايات المتحدة في حربها ضد حركة طالبان، باءت بالفشل بعد أعوام طويلة في أفغانستان.خروج الجرحى إلى غزة خطوة مهمّةمن جانبه، اعتبر الخبير الأمنيّ المصريّ العميد خالد عكاشة، أنّ "السماح بدخول الحالات الحرجة للعلاج في مصر وفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية، هو خطوة مهمة تُكمل الجهود السابقة في إطار الضغط على الأطراف الدولية المعنية من أجل الوصول لوقف لهذه الحرب".وأشار عكاشة في تصريح لمنصة "المشهد"، إلى أنّ الدبلوماسية العربية تتحرك بشكل قويّ خلال الأيام الماضية من أجل حلحلة الرأي العامّ الدوليّ تجاه موقفها من الحرب في غزّة، مُشيرًا إلى أنّ ما يحدث الآن من السّماح بدخول المساعدات هو نجاح للجهود العربية.هدنة إنسانية قريبة في غزة؟وقال إنّ "الدبلوماسية العربية نجحت في عمل اختراق للمواقف الغربية المُنحازة للموقف الإسرائيليّ منذ بدء الحرب"، لافتًا إلى أنّ هناك اتصالات عربية مُكثّفة ومؤثّرة جرت خلال الأيام الماضية.وأوضح عكاشة أنّ استقبال الحالات الإنسانية الحرجة لعلاجهم في مصر في ظل انهيار النظام الصحي في غزّة، يشير إلى أنّ مصر تبذل كل جهودها من أجل عمل إسناد ودعم لأهل غزة في الحرب الحالية والسماح باستمرار المساعدات بشكل دائم.وتوّقع الخبير الأمنيّ المصري، أنّ تكون "هناك هدنة إنسانية خلال الأيام المُقبلة من أجل السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزّة، قائلًا: "كما نجحت الجهود العربية في الوصول لهذه الخطوة، فهي قادرة على التوصل إلى اتفاق بخصوص هدنة إنسانية في غزة، إلى أن يتمّ التوّصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل دائم".(مصر - المشهد)