خطر داهم يهدّد أمن لبنان وشعبه. في وقت تتلهّى السلطة اللبنانية وأحزابها، بكيديّاتها السياسيّة والصراع على السلطة وجبنتها، يصارع الجيش اللبناني باللحم الحيّ لضبط الحدود مع سوريا، بهدف منع تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي، حيث سُجّل تسلّل نحو 10 آلاف شخص على الأقل خلال شهر واحد. وعلى الرغم من قدراته المتواضعة التي وصلت في بعض الأوقات للاتّكال على ضوء القمر، تحولت بعض البيوت والبساتين على الحدود إلى ملاجئ للمتسللين، مقابل تأمين لقمة العيش. هذا الخطر الداهم بلغ الخطوط الحمر، لأنه بات يهدّد الأمن اللبناني، الذي لم يسلم بعد من الارتكابات التي قامت بها الخلايا الإرهابية التي تسللت إلى الداخل اللبناني، وفعلت ما فعلت في الداخل وعلى الحدود. التخوّف من تسلّل إرهابيّين الأرقام صادمة وفق ما كشف مصدر أمني لمنصة "المشهد"، وأكد أنّ "الجيش اللبناني تمكّن من منع دخول نحو 10 آلاف متسلل عبر الحدود خلال شهر أغسطس، وفق الإمكانات البسيطة التي ينفّذ مهامه بها على الحدود الشماليّة مع سوريا". وشدّد المصدر الأمنيّ على أنّ "التخوف الأكبر من هذا التسلل الذي أصبح يوميًا وبأساليب متعددة، يكمن في أن يكون من ضمن المتسلّلين، إرهابيون من ضمن الداخلين، بهدف أن يكونوا خلايا نائمة، أو أن ينفّذوا عمليات إرهابية في الداخل اللبناني". وكشف المصدر الأمني لـ"المشهد" أنّ "اللافت في التوقيفات الأخيرة، أنّ المتسللين هم من الشباب وليسوا عائلات كما جرت العادة في السابق". ويُرجّح أن يكون سبب ارتفاع موجة التسلل إلى أسباب عدة: الدخول إلى لبنان لأهداف أمنيّة وإرهابيّة.التسلّل بسبب الأوضاع الاقتصادية في سوريا للعمل في لبنان.العبور عبر لبنان إلى البحر لركوب قوارب الموت بهدف الهجرة إلى أوروبا. وفي إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، أحبطت وحدة من الجيش اللبناني خلال الأسبوع الماضي، محاولة تسلل نحو 700 سوري عند الحدود اللبنانية - السورية. وبشأن طرق تهريب المتسللين، أكد المصدر الأمني، أنها تحصل على الحدود النهريّة والبحريّة والبريّة الشمالية مع سوريا، وبات بعض القاطنين على الحدود يتورطون بسبب المردود المالي الكبير، الذي يمكن أن يستفيد منه كلّ من يملك منزلًا أو أرضاً زراعية عند الضفة اللبنانية من الحدود. وأوضح المصدر أنّ "عصابات التهريب تؤمّن وصول المتسللين إلى الأماكن على الحدود، لإيوائهم وتهريبهم عبر مجرى النهر الكبير، الذي تشحّ مياهه في هذا الوقت من السنة". وأضاف أنّ "بعض المتسللين تنتهي رحلتهم عندما يدخلون الأراضي اللبنانية، والبعض الأخر يتمّ نقلهم إلى نقاط محدّدة على الشاطئ اللبناني في الشمال، بانتظار موعد الهروب إلى الخارج، عبر مراكب تنتظرهم في البحر وجهتها تركيا أو قبرص".لبنانيون يجنون 100 دولار يوميًا من التهريب وعلى صعيد المسؤولين المحليّين، عزا أحمد الشيخ رئيس بلدية العماير، إحدى البلديات التي تقع على خط التهريب مع سوريا، سبب ارتفاع وتيرة المتسللين، إلى تردّي الأوضاع في سوريا، ورغبة الشباب بالهروب للعمل في لبنان بحثا عن حياة كريمة، أو الهروب عبر البحر إلى الخارج. واعتبر في حديثه إلى منصة "المشهد"، أنّ "الجيش يحاول قدر المستطاع أن يمنع التسلل، ونجح يوميًا بمنع تسلل أكثر من 200 إلى 300 شخص". متأسفا على ما حصل، كشف الشيخ أنّ "أهالي المنطقة الحدودية، حوّلوا منازلهم إلى ملجأ للمتسللين، ليجنوا لقمة عيشهم، بحيث كل عائلة تربح يوميًا نحو 100 دولار أميركي، وهو رقم كبير في ظل الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها، وغياب الرواتب المنصفة، وانعدام الخدمات الاجتماعيّة والطبّية". وأوضح رئيس البلدية الحدودية، أنّ "الخطأ الذي يُرتكب ويساعد على ارتفاع عدد المتسللين، هو قيام الجيش اللبناني بإعادة المتسللين إلى المكان الذين جاؤوا منه، ما يعطي فرصة ثانية لعصابات التهريب بإعادتهم مجددا، لذلك اقترحنا سابقا أن يُسمح بدخولهم مقابل مبلغ ماديّ من خلال الدولة اللبنانية". وعلى الرغم من الدعم الكامل الذي يبديه المسؤولون اللبنانيون للجيش، خصوصا في موضوع ضبط الحدود، إلّا أنّ هذا الدعم يبقى معنويًا من دون أيّ خطوات فعليّة وماديّة، تعطي دفعا وتقديرا لعناصر المؤسسة العسكرية، التي لم يتوقف أفرادها عن القيام بمهامّهم رغم تدنّي رواتبهم بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، والأزمة الاقتصاية التي يتخبّط بها لبنان، بحيث أصبح راتب العسكري اللبنانيّ نحو 20 دولارا أميركيًا. (المشهد)