بعد الضربات الإسرائيلية القاسية والمدمّرة التي أضعفت حركة "حماس" الفلسطينية و"حزب الله" في لبنان، يبدو المتمردون "الحوثيون" في اليمن اليوم وكأنهم آخر ركائز "محور المقاومة" المدعوم من إيران، ويتعهّدون مواصلة مواجهة إسرائيل.ورغم الإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" التي يقول "الحوثيون" إنهم يشنون هجمات على إسرائيل دعما لها، واصل "الحوثيون" تبني إطلاق مقذوفات في اتجاه إسرائيل، علما أن إسرائيل لم تؤكد حصولها. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوتاوا الكندية والمتخصص في الشؤون اليمنية، توماس جونو، إنّ "الحوثيين" أصبحوا أقوى وأصبحوا الآن عضوا لا غنى عنه في محور المقاومة، بعد أن ضعفت قدرات "حزب الله" وحركة "حماس" بعد أكثر من سنة على حرب دامية مع إسرائيل في لبنان وفي قطاع غزة. ويضيف "لذلك، أصبحوا أكثر أهمية بالنسبة لإيران". ويشير إلى أن قتالهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة في حرب غزة أكسبهم شعبية متجددة في اليمن، الدولة الفقيرة التي يدعم سكانها البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى حد كبير القضية الفلسطينية. تهديد دائمومنذ بدء الحرب الشرسة بين إسرائيل وحركة "حماس" في 7 أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لـ"حماس" على جنوب إسرائيل، أطلق "الحوثيون" عشرات الصواريخ والمسيّرات في اتجاه إسرائيل، واستهدفوا سفنا قالوا إنها مرتبطة بتل أبيب أو متجهة إلى موانئها في البحر الأحمر. ولم تتمكن إسرائيل والولايات المتحدة من وقف تلك الهجمات رغم الضربات المتعددة العنيفة التي نفذتاها أحيانا بمشاركة بريطانية، ضد مواقع المتمردين في اليمن. ويخوض "الحوثيون" في اليمن منذ العام 2014 نزاعا داميا مع القوات الموالية للحكومة اليمنية. وهم يتحدرون من شمال اليمن. سيطروا في بداية النزاع على العاصمة صنعاء ثم على مساحات شاسعة من الأراضي. وهم مدعومون من إيران. وهدّد زعيمهم عبدالملك الحوثي الخميس بأنّ الهجمات على إسرائيل ستتواصل إذا لم تلتزم إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.ويرى الخبير في الشأن اليمني محمد الباشا أن الخطاب "مليء بالتحدي"، وقد قال فيه الحوثي إن حركته ستواصل حشد المقاتلين وتطوير ترسانتها العسكرية استعدادا لـ"الجولة المقبلة من المواجهة". وعلى غرار كل أسبوع على مدى الأشهر الـ15 الماضية، تدفق عشرات آلاف اليمنيين إلى وسط العاصمة صنعاء الجمعة، دعما للفلسطينيين، قبل يومين من دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ.هجمات على إسرائيلوخلال التظاهرة، أعلن المتحدث العسكري باسم "الحوثيين" يحيى سريع أن حركته نفّذت 4 هجمات بالصواريخ والمسيرات على مناطق في إسرائيل، إضافة إلى استهداف "حاملة الطائرات الأميركية يو أس أس هاري ترومان في شمال البحر الأحمر". لكن إسرائيل لم تؤكد إطلاق الصواريخ والمسيرات، ولم تعلن اعتراضها كما هي العادة لدى تعرضها لهجوم "حوثي". كما لم تؤكد الولايات المتحدة تعرض أسطولها لأي هجوم.ويعتقد جونو أن هجمات "الحوثيين" قد تتوقف على المدى القريب، لكنه يشكّ في أن يصبح ذلك "دائما". ويضيف "نظرا لأهدافهم الإقليمية وأيديولوجيتهم، من المرجح أنهم في المستقبل سوف يستخدمون مرة أخرى التهديد بشن هجمات في البحر الأحمر للضغط على إسرائيل"، أو حتى الولايات المتحدة.(أ ف ب)