أصيب ملايين السودانيين بالإحباط بسبب تراجع الأمل في إنهاء الحرب بعد إعلان من منظمة "إيغاد" تأجيل اللقاء المرتقب بين رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في جيبوتي، لأسباب فنية.وأعلنت المنظمة، التي تضم دول شرق إفريقيا، أنه تم تأجيل اللقاء المرتقب بين قائدي الجيش والدعم السريع إلى يناير لأسباب فنية. وأشارت إلى أنها أخطرت البرهان باعتذار حميدتي عن الحضور للقائه في جيبوتي.ويقول المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي شهاب الدين الطيب في حديث لمنصة "المشهد" إنه "مهما كانت الأسباب التي قد تكون أدت إلى تأجيل اللقاء، فهي محبطة جدا للشعب السوداني الذي يعاني النزوح والموت المجاني من استمرار وتمدد الحرب وتوسعها".من جانبه، ذكر الخبير الاستراتيجي والعسكري أمين المجذوب أن "اللقاء منذ البداية يكتنفه الغموض من حيث الترتيبات والموعد، وهو ما يثير الشكوك حول عقده".وأشار المجذوب في حديثه مع منصة "المشهد" إلى أن "الإعلان عن اللقاء أدى إلى تفاؤل كبير بين الأوساط السودانية والإقليمية"، مؤكدا أن "تأجيله أو إلغاءه سيسبب إحباطا كبيرا بين السودانيين وسيزيد من حدة المعارك العسكرية خلال الأيام المقبلة".وقال الطيب: "كل الاحتمالات مفتوحة في اتجاه التصعيد لطالما لم يتم أي اتفاق معلن لوقف الحرب".كان حميدتي أعلن موافقته على عقد لقاء مع البرهان لبحث سبل وقف الحرب. وقال في تغريدة على منصة "إكس": "نحن نمد أيادينا مرحبين بكل جهد وطني يجلب السلام وينهي المعاناة التي خلفتها الحرب".وكانت منظمة "إيغاد" وهي مجموعة دول شرق إفريقيا، أعلنت في 11 ديسمبر الجاري موافقة البرهان وحميدتي على عقد اجتماع مباشر في إطار الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وبدء محادثات سياسية لإنهاء الحرب المدمرة في البلاد.وأرسلت وزارة الخارجية السودانية خطابا إلى منظمة "إيغاد" تعلن موافقة البرهان على حضور اللقاء.ويتطلع السودانيون أن ينهي هذا اللقاء المرتقب رغم تأجيله الوضع المأساوي الذي يعانون منه منذ أبريل الماضي، وأن يتوصل الطرفان إلى حل سلمي ينهي الأزمة ويوقف الحرب.لقاء تمهيدي ويقول المجذوب إنه "ليس من المتوقع أن يؤدي هذا اللقاء المرتقب إلى وقف إطلاق النار، لأنه لقاء تمهيدي لتحديد أجندة المفاوضات في المستقبل، ولتسهيل عمل اللجان الفنية".وذكر المجذوب أن "هذا اللقاء جاء بدفع من قوى إقليمية ودولية للحوار بين الجانبين بعد فشل المبادرات السابقة وتعثر مفاوضات منبر جدة". وأشار إلى أن "القوى الدولية تشجع عقد لقاء مباشر بين قائدي الجيش والدعم السريع لتحقيق اختراق في الجمود الذي تشهده المفاوضات منذ أشهر".في المقابل، قال الطيب إن "لقاء قائد الجيش وقائد الدعم السريع يشكل فرصة لإنهاء هذه الحرب سواء كان وقف إطلاق نار لفترة زمنية أو وقفا نهائيا".ولفت الطيب إلى أن "القوى المدنية عملت بالتنسيق مع المجتمع الدولي والإقليمي في تشكيل الضغط الكافي لأن يجلس طرفا الحرب للتفاوض"، مضيفا "رغم أن ذلك لم يحقق إيقاف الحرب إلا أن لقاء البرهان وحميدتي المرتقب هو أيضا جزء من عمل قوي الحرية والتغيير مع الأطراف الإقليمية".بدوره، يتوقع المحلل السياسي فايز السليك أن يحقق اللقاء في حال عقده "اختراقا في الأزمة السياسية في البلاد وقد يوقف إطلاق النار، لكنه لن ينهي الحرب".وأضاف السليك في حديثه مع منصة "المشهد" أنه "يمكن أن يحدث انفراجة في الأزمة السودانية إذا صدقت نوايا طرفي الصراع".وأشار إلى أن هذا اللقاء قد ينتج عنه خارطة طريق للحوار أو التسوية السياسية وغيرها من إجراءات لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لدخول المساعدات ووقف الاعتداءات على المدنيين.مخاوف من إطالة أمد الحربووفق الأمم المتحدة، أسفرت الحرب في السودان، التي اندلعت في منتصف أبريل، عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص، علما بأن العديد من المصادر تقدّر بأن هذه الحصيلة تبقى ما دون الفعلية.كما أدت إلى نزوح 7.1 ملايين سوداني من بينهم 1.5 مليون شخص لجأوا إلى الدول المجاورة، وفق الأمم المتحدة التي اعتبرت أن "أزمة النزوح في السودان هي الأكبر في العالم".ومنذ اندلاع الحرب، يتبادل الطرفان الاتهامات بمهاجمة المدنيين.وتقاسمت القوتان السلطة مع المدنيين بعد الإطاحة بالزعيم السابق عمر البشير عام 2019 ثم تحالفتا في انقلاب عام 2021، لكن الخلاف نشب بينهما حول خطة لانتقال سياسي مدعومة دوليا.وخلال الأيام الماضية، تصاعدت حدة المعارك العسكرية، خصوصا بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها قوات الدعم السريع، وتحديدا الاستيلاء على مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة.وقد يكون الاستيلاء على المدينة المكتظة بالنازحين والتي تمثل مركزا للمساعدات نقطة تحول في تقدم قوات الدعم السريع عبر المناطق الغربية والوسطى من السودان. وأعرب مجلس الأمن الدولي الجمعة عن "قلقة" إزاء تكثيف المعارك في السودان "ودان بشدة" الهجمات على المدنيين وامتداد الحرب إلى "مناطق تأوي أعدادا كبيرة من النازحين".أطراف لا تريد وقف الحربوأكد المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير أن هذا اللقاء يمكن أن ينهي الحرب بشرط عزل وتحجيم أدوار الحركة الإسلامية ومجموعاتها المتطرفة التي تحارب مع الجيش لأنها تريد وتعمل على استمرار الحرب من خلال الضغط على قادة الجيش.كما أشار إلى وجود أطراف ذات تأثير في الدعم السريع تريد استمرار الحرب.وأكد الطيب أن عزل وتحجيم أدوار كل هذه المجموعات من الطرفين يمكن أن يساهم مباشرة في إنهاء الحرب. وقال إن أي وقف لإطلاق النار سيخفف معاناة السودانيين ويحفظ أرواح آلاف المدنيين.ويتفق السليك مع هذا الرأي، مؤكدا أنه توجد أطراف تسعى لاستمرار الحرب في السودان وتحشد لذلك. (المشهد)