بعد أقل من أسبوعين على عودته للبيت الأبيض، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نوويّ، مشيرًا إلى استئناف سياسته السابقة المعروفة باسم "الضغوط القصوى".لكن ترامب في الوقت نفسه أعرب عن رغبته في الحوار مع إيران للتوصل لاتفاق معها، وعن استعداده للقاء نظيره الإيراني، وهو ما يصفه محللون بسياسة "الجزرة والعصا".بدورها، اعتبرت طهران أن دعوة ترامب للحوار لن تقدم لها شيئًا، بحسب ما ذكره المرشد الإيراني علي خامنئي في تصريحاته. وقال إن المفاوضات مع الولايات المتحدة "لن تحلّ مشاكل البلد".وأضاف خامنئي خلال اجتماع بقادة سلاح الجو في الجيش "لا بدّ من فهم المسألة على نحو صحيح: ينبغي ألّا يدّعوا أنه إذا ما جلسنا على طاولة المفاوضات مع هذه الحكومة (الأميركية)، فإن المشاكل ستحلّ"، مؤكّدا أن "ما من مشكلة ستحلّ بالتفاوض مع أميركا".وبرغم تصريحات المرشد الإيراني، يؤكد محللون أنّ طهران ستتفاوض مع ترامب بشأن برنامجها النووي، لأنها أضعف من أيّ وقت مضى. أضعف نقطةويرى الباحث في مركز الشرق الأوسط بواشنطن جيسون برودسكي، أن سياسة الضغط القصوى التي تتبعها إدارة ترامب تهدف إلى حرمان النظام الإيراني من الموارد وتحديد خياراته.وأكد برودسكي، العضو في منظمة "متحدون ضد إيران النووية" في تصريحات لمنصة "المشهد" أنّ النظام في أضعف نقطة له في السنوات الأخيرة، مما يعطي الرئيس ترامب فرصة فريدة للضغط على النظام الإيراني لتقديم تنازلات أكبر.بدوره، قال ريتشارد ويتز كبير الباحثين في مركز هادسون، إنّ ترامب يبدو أكثر مرونة من ولايته الأولى وأكثر رغبة في التوصل لاتفاق نوويّ مع إيران.وذكر ويتز في تصريحات لمنصة "المشهد" أنّ ترامب بدا وكأنه يوقع على الأمر التنفيذيّ على مضض، مؤكداً أنه لا يريد حرباً مع إيران، وأنه يريد ببساطة اتفاقاً نووياً موثوقاً. وأشار إلى أن إيران هي الأخرى أضعف من قبل.والخميس، أعلنت واشنطن فرض عقوبات مالية تستهدف "شبكة دولية" متهمة بنقل النفط الإيراني إلى الصين لتمويل أنشطة طهران العسكرية.وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن العقوبات تستهدف "شبكة دولية تسهل نقل ملايين من براميل النفط الخام الإيراني، بقيمة مئات ملايين الدولارات، إلى الصين".بدورها، نددت إيران الجمعة بالعقوبات المالية الجديدة "غير القانونية" و"غير المبررة" التي فرضتها الولايات المتحدة على كيانات متهمة ببيع النفط الإيراني للصين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في بيان إن "قرار الحكومة الأميركية الجديدة بالضغط على الأمة الإيرانية من خلال منع إيران من القيام بنشاط تجاري مشروع مع شركائها الاقتصاديين هو إجراء غير شرعي وغير قانوني".سياسة العصا والجزرةبدوره، أكد المحلل السياسي الإيراني حسين رويران، أنّ ترامب يعتمد في تعامله مع طهران على سياسة العصا والجزرة، مشيرا إلى تلميح ترامب لرغبته في عقد اتفاق مع إيران في الوقت نفسه الذي فرض عقوبات عليها.ويرى رويران في حديثه مع منصة "المشهد" أنّ سياسة العقوبات القصوى استخدمها ترامب في ولايته الأولي ولم تجد نفعًا. وقال "هذه العقوبات لم تركع إيران ولم تدفعها لتغيير سياستها".لكنه أكد أن العقوبات الأميركية تؤثر على الاقتصاد الإيراني ويعاني منها المواطن العادي. ولفت إلى أن الوضع اختلف عن 2018، فإيران وقعت اتفاقيات اقتصادية مع الصين وروسيا وأصبحت عضوا في منظمة بريكس وشنغهاي مما يمنحها حرية الحركة في مواجهة ترامبوخلال ولايته الأولى التي انتهت عام 2021، نفّذ ترامب سياسة "ضغوط قصوى" على إيران، وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع بين إيران والدول الكبرى، كما أعاد فرض العقوبات القاسية على طهران. وكان الاتفاق المعروف باسم خطة العمل المشتركة الشاملة والذي تمّ التوصل إليه في العام 2015، قد فرض قيودًا على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات. والتزمت طهران الاتفاق حتى مرور عام على انسحاب واشنطن منه، لكنها بدأت بعد ذلك في التراجع عن التزاماتها. ومنذ ذلك الحين، تعثّرت الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق.قاسم مشترككما أكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأربعاء أنّ إعادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض سياسة "ضغوط قصوى" ضد إيران ستنتهي بـ"الفشل" كما حدث خلال ولايته الأولى.وقال عراقجي للصحفيين بعد اجتماع للحكومة، "أعتقد أنّ الضغوط القصوى هي تجربة فاشلة ومحاولة ممارستها مجددا ستؤدي إلى فشل آخر"، مضيفًا أنّ طهران لا تسعى للحصول على أسلحة نووية.وأشار إلى أن مخاوف الولايات المتحدة إزاء تطوير إيران أسلحة نووية ليست مشكلة معقدة ويمكن حلها نظرًا لمعارضة طهران لأسلحة الدمار الشامل.ولفت رويران إلى أنه الآن يوجد قاسم مشترك بين ترامب وإيران وهو الرغبة في الحوار. وقال إن ترامب يريد ضمانات بعدم تسليح طهران برنامجها النووي وهذا ما تهدف له إيران نفسها.وأضاف المحلل الإيراني أن طهران مستعدة للحوار البناء حول الاتفاق النووي على عكس 2018، عندما انسحب ترامب منه، لأن وقتها كان لم يمض على الاتفاق سوى 3 سنوات. عملية عسكريةوتبادل الطرفان التهديدات العسكرية، وقال ترامب "إذا ردت إيران وحاولت قتلي فسنقضي عليها".في المقابل، توعّد المرشد الإيراني بالردّ بالمثل على الولايات المتحدة إذا ما تعرّضت لإيران أو نفّذت تهديداتها لها.وصرّح خامنئي "إذا ما هدّدونا، فسوف نهدّدهم. وإذا ما نفّذوا وعيدهم، فسوف ننفّذ وعيدنا. وإذا ما مسّوا بأمن أمّتنا، فسوف نمسّ بأمنهم بلا تردّد".وقال برودسكي "يتعيّن توظيف تهديد عسكريّ موثوق به بالإضافة إلى العقوبات والضغط الدبلوماسي. الإيرانيون يخافون الرئيس ترامب". وأضاف "هذا هو السبب في محاولة النظام اغتياله عندما كان مرشحًا".واستبعد رويران أن يفكر ترامب في مهاجمة البرنامح النووي الإيران حاليًا، مشيرا إلى أن طهران استعدّت لمثل هذا السيناريو جيدًا.(المشهد)