عندما اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مع حكومته الأحد سمع نداءات من الوزراء تنادي بحملة قمع صارمة ردا على سلسلة هجمات فلسطينية تتضمن هدم المنازل والترحيل إضافة إلى اللجوء لأحكام الإعدام.وقبل لقاؤه بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وقع هجوم نفّذه شاب فلسطيني في القدس، صنّفته المراكز الأمنية الإسرائيلية بأنه الهجوم الأكثر دموية منذ أعوام ضد الإسرائيليين، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. أهداف متنافسةعلى الصعيد المحلي، يتم جرّ نتانياهو الذي يرأس أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل، نحو التطرّف من قبل شركاء جدد يريدون منه ضم الضفة الغربية، وممارسة المزيد من السيطرة على أكثر المواقع المقدسة حساسية وتنازعا عليها في القدس واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الفلسطينيين. وعلى المسرح العالمي، يتم دفع رئيس الوزراء نحو الاعتدال من قبل الشركاء الدوليين، من بينهم الولايات المتحدة ودول الإقليم العربية الذين يسعون للحدّ من العنف المتصاعد في إسرائيل والضفة الغربية قبل أن يصل إلى الانفجار. داخليا، لا تتمتع حكومة نتانياهو الائتلافية بأغلبية في البرلمان من دون مشاركة اليمين المتطرف، حيث رفض شركاء يمينيون ووسط محتملون آخرون العمل معه بسبب قراره البقاء في السياسة على الرغم من خضوعه للمحاكمة بتهم "الفساد".وفي الخارج، يحتاج نتانياهو إلى حسن النيّة الأميركية والعربية لهدفين رئيسيين من أهداف السياسة الخارجية، وهي تعزيز تحالف إقليمي ضد إيران وإقناع السعودية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. في الحكومات السابقة، شكّل نتانياهو ائتلافا مع سياسيين من اليسار واليمين مستخدما أحدهما للاعتدال في الآخر.هذه المرة، لا يوجد أحد إلى يساره في الائتلاف وأولئك الذين على يمينه هم أكثر قوة وعددا وتطرفا مما كانوا عليه في حكوماته السابقة، الأمر الذي يجعل من نتانياهو أقرب إلى التأثير المعتدل في حكومة غير معتدلة، بحسب التقرير. خلال ما يزيد قليلا عن شهر في منصبه، قام نتانياهو بتحركات عدّة لكبح المواقف الأكثر تطرّفا، كما وافق على هدم مستوطنة غير مصرّح بها في الضفة الغربية وأقال وزيرا حكوميا رفيعا اعتبرته المحكمة العليا الإسرائيلية غير لائق للمنصب وقاوم دعوة لإغلاق أجزاء من القدس الشرقية. ولتأمين دعم إيتمار بن غفير، وهو سياسي يميني متطرّف عرض حتى وقت قريب صورة قاتل جماعي في منزله، عيّنه وزيرا مسؤولا عن الشرطة.وللفوز بدعم زعيم المستوطنين بتسلئيل سموتريتش الذي يريد ضم الضفة الغربية، عيّنه نتانياهو وزيرا للمالية ومنحه منصبا قويا في وزارة الدفاع حيث ترأّس القسم الذي يشرف على البناء والهدم في المناطق التي تديرها إسرائيل.قبل توليه منصبه، وقّع نتانياهو على اتفاقيات ائتلافية أكّدت على حق الشعب اليهودي الحصري في كل من إسرائيل والضفة الغربية وتعهّد بضم الأخيرة، لكنه ترك لنفسه مجالا للمناورة.وتمّ ترك توقيت الضم لنتانياهو نفسه، فيما تُركت تفاصيل دور سموتريتش غامضة. بالنسبة لمنتقدي نتانياهو، فإن هذه الديناميكية تركته ضعيفا وغير قادر على توجيه الحكومة في الاتجاه الذي يريده، حيث منح الكثير من الوزارات رفيعة المستوى لسياسيين من خارج حزبه –الليكود- وكافح لتأمين مناصب عُليا كافية للموالين لحزبه.أولئك الذين حصلوا على الحقائب الوزارية الرئيسية مثل وزارات الخارجية والدفاع والتعليم، أُلغيت واجبات معينة منهم وأعطيت للآخرين.أفضل مثال على ذلك كان عضو الليكود يوآف غالانت الذي تمّ تعيينه وزيرا للدفاع، لكن فقط بعد أن وعد سموتريتش بأدوار رئيسية في الوزارة، على الورق على الأقل. عندما أجبر سموتريتش غالانت إلى عدم هدم بؤرة استيطانية يهودية جديدة غير مصرح بها في شمال الضفة الغربية، وقف نتانياهو إلى جانب غالانت ودمّر الجيش البؤرة الاستيطانية وطرد سكانها. أزمات داخلية وخارجيةوفي وقت سابق، سمح نتانياهو لبن غفير بزيارة المسجد الأقصى وهي التي أجّجت الرأي العام الدولي، ليس أقله في الأردن الوصي على المقدسات الدينية، حيث سارع نتانياهو إلى عمّان للقاء العاهل الأردني عبدالله الثاني في محاولة لتهدئة التوترات. والخميس، داهمت قوات الأمن الإسرائيلية مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية في ما وصفته بعملية اعتقال إرهابيين أدّت إلى مقتل 10 فلسطينيين بينهم مسلحين عدة وسيدة تبلغ من العمر 61 عاما.وفي اليوم التالي قتل مسلّح فلسطيني 7 مستوطنين بمحيط كنيس يهودي في القدس الشرقية، بحسب التقرير، في هجوم يعتبر الأكثر دمويّة في المدينة منذ 15 عاما. ردا على هجوم القدس، حثّ بن غفير زملائه أعضاء مجلس الوزراء على الموافقة على إغلاق جزء فلسطيني من المدينة.تضمّنت الخطوات قرارا بإغلاق منازل عائلات المهاجمين على الفور، بالإضافة إلى الممارسة الإسرائيلية القديمة المتمثلة في هدم المنازل في وقت لاحق وهي خطوة يرى النقّاد أنها شكل من أشكال العقاب الجماعي.كتب يائير لابيد الذي سبق نتانياهو كرئيس للوزراء في منشور حديث على الإنترنت موجّه إلى خليفته "أنت أضعف من أن تتعامل مع المتطرفين في حكومتك". وقال نتانياهو في مقابلة قبل تولّيه منصبه "السياسة الرئيسية أو السياسة المهيمنة للحكومة يحدّدها الليكود وأنا". وأضاف أنه خلال فترات توليه لمنصبه السابقة، غالبا ما كان المعارضون يرسمون "هذه التوقعات الهدّامة، لكن لم يتحقق أي منها". وبحسب التقرير، حتى لو وجد نتانياهو في نهاية المطاف أنه من الصعب السيطرة على حكومته مما يخاطر بحدوث أزمة أمنية داخلية، يعتقد بعض الحلفاء أن التداعيات الدولية ستكون أقل مما يتخيله خصومه.(ترجمات)