بإمكان الكثيرات أن يقمن بأعمال اعتاد عليها المجتمع، لكنّ القليلات منهنّ فقط بإمكانهنّ كسر عادات وتقاليد هذا المجتمع، الذي فرض قيودًا لا جدوى منها على النساء. ميديا غانم أو كما يسميها سكان مدينة القامشلي بـ"فتاة البسكليت" (الدراجة الهوائية)، تحدّت المجتمع وحلّقت بدراجتها الهوائية في سماء أحلام الكثيرات، ليتبعن خطاها ويتجوّلن بدراجاتهنّ في شوارع المدينة. تقول ميديا إنها منذ طفولتها تحب قيادة الدراجة الهوائية، وتضيفك "أنا مثل باقي الفتيات في هذه البلاد بمجرد أن نكبر يمنعوننا من قيادة الدراجة الهوائية، لا أحد يعتدي علينا بالضرب ويمنعنا، ولكن يتم إيذاؤنا بشتى الطرق كالكلام المسيء والنظرة المسيئة، ولهذه الأسباب لا نستطيع أن نتصرف بحرية تامة، النساء هنا يستطعن قيادة السيارات براحة كبيرة، لكنّ الدراجة الهوائية أمر صعب جدًا تقبّله". وتمكنت ميديا من إنشاء فريق خاص بقيادة الدراجات الهوائية من خلال حملة قامت بها على وسائل التواصل الاجتماعي، وأطلقت على حملتها اسم "بدي بسكليت"، الفريق كان يضم مجموعة صغيرة في البداية، لكنه تطور واستطاع استقطاب المزيد من الفتيات ليشاركن في ماراثونات تقام في المدينة وبتشجيع ودعم من منظمات عدة. نظرة المجتمع خاطئةتحدّثنا ميديا عن حملتها وتقول: "عندما بدأت بالحملة كنت بمفردي ومن ثم أصبحنا 15فتاة والآن أصبحنا 40 فتاة، وهذا يعني أنّ العدد تحول من بسكليت واحد إلى 40 بسكليت، هنا أدركت أني أحدثت تغييرًا في المجتمع، حتى لو كان بسيطًا، حتى الفتيات تغيرت نظرتهنّ لأنفسهنّ وازدادت ثقتهنّ بأنفسهنّ أكثر، وتحدّين العادات والتقاليد البالية والنظرة الخاطئة التي تعيب الفتيات من قيادة الدراجات الهوائية". تتجول ميديا برفقة صديقاتها في شوارع مدينة القامشلي ذاهبة إلى عملها على متن دراجتها الهوائية بعد أن تمكنت من فرض نفسها وفرض مشروعها بشكل قوي، والسكان بدورهم بدأوا يتقبّلون هذا الأمر، بعدما كان مرفوضًا بالنسبة إلى الكثيرين. تؤكد ميديا أنّ الدراجة الهوائية ذات فائدة كبيرة على الإنسان بشكل عام وليس فقط للمرأة، لكنّ فوائدها للمرأة أكثر، حيث بإمكانها أن تستقلها للذهاب إلى عملها بدلًا من المواصلات المكلفة والمسيئة للبيئة بشكل كبير. وتبقى ميديا وصديقاتها مثال يُحتذى به للمرأة التي تحاول انتزاع حقوقها من المجتمع الذي يرفض مساواتها مع الرجل، رغم حجم التطور والانفتاح الهائل الذي وصلنا إليه. (سوريا - المشهد)