يترقب الشارع العربيّ في هذه الأثناء، انعقاد القمة الـ33 لرؤساء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بمملكة بالبحرين الخميس المقبل، القمة التي تستضيفها المملكة لأول مرة في تاريخها، تأتي وسط ظروف عصيبة وتحديات جمة وغير مسبوقة تعجّ بدول المنطقة، التي لا تزال الصراعات والحروب تحيط بها من كل حدب وصوب.وتحت وطأة التهديدات والنزاعات الإقليمية، والتي تأتي في مقدمتها الحرب في غزة، واستمرار القتال في السودان، والأزمات السياسية والأمنية في اليمن وليبيا وسوريا والصومال، تتزايد آمال وطموحات المواطنين العرب في أن تأتي مخرجات هذه القمة لتتواكب مع تلك التطورات المفصلية من عمر المنطقة.القمة العربية في البحرينوتعدّ القمة العربية المقبلة هي الأولى التي تُعقد في تاريخ مملكة البحرين، سواء أكانت عادية أم طارئة، وأنّ يرأس عاهلها الملك حمد بن عيسى آل خليفة، القمة العربية الدورية الثالثة، التي عُقدت في شرم الشيخ في الأول من مارس من عام 2003، والتي كان من المقرر أن تستضيفها بلاده، بحسب الترتيب الأبجدي، غير أنه تعذّر استضافتها في ضوء تداعيات الغزو الأميركيّ للعراق في هذه الفترة. وبحسب تصريحات لمساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق السفير جمال بيومي لمنصة "المشهد"، فإنّ الأجواء والملابسات المحيطة بالقمة العربية المقبلة في المنامة، لا تختلف عن تلك التي أحاطت بقمة شرم الشيخ التي ترأستها المملكة واستضافتها مصر، فقد "شكل العدوان الأميركيّ على العراق، في عام 2003، خطرًا داهمًا على الأمن القوميّ العربي، وما زالت تداعياته على المنطقة قائمة ومؤثرة، وفي عام 2024 تشكّل الحرب الإسرائيلية التي يشنها الجيش الإسرائيلي، خطرًا وجوديًا ليس على فلسطين بمكوناتها في غزة والضفة الغربية والقدس، وإنما على مجمل المنطقة العربية، ومن ثم فإنّ قمة المنامة ستكون في غاية الأهمية". الحرب في غزةمن جهته، يشير مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية والمتخصّص في الشأن العربيّ، العزب الطيب الطاهر، إلى أنّ معظم مشروعات القرارات والملفات التي ستحال إلى القادة باتت جاهزة ومعدّة، وسيقوم وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيريّ الأخير غدًا الثلاثاء، بوضع اللمسات الأخيرة عليها، موضحًا أنّ الحرب في غزة ستتصدر جدول أعمال القادة العرب، إضافة إلى مطالب عدة، أهمها:إيجاد أدوات أكبر للعمل العربيّ المشترك، من أجل أن يكون هناك حلّ الدولتين، وأن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.المطالبة بالوقف الفوريّ لإطلاق النار، ومن دون تحفظات، ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية على انتهاكاتها العدوانية بحقّ الفلسطينيّين العزّل.المسارعة بإدخال المساعدات الانسانية والاغاثية بشكل فوريّ ومستدام للقطاع.المطالبة بانسحاب قوات الاحتلال من مدينة رفح، ورفض أيّ توسيع لنطاق عملياتها العسكرية البرية فيها.واعتبر الطيب أنّ الزخم الكبير الذي تكتسبه القضية الفلسطينية في هذه الأثناء، بمثابة زلزال في الوعي الدولي، مطالبًا بضرورة أن يظهر أثر دعم الشعوب الغربية للقضية الفلسطينية في اجتماع القمة العربية، ولفت إلى أنّ غزة تحتاج إلى دعم سياسيّ وقرار عربيّ يؤثر في مواقف الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، الداعم الأكبر لإسرائيل.الأزمة السودانيةويعيش السودان حربًا ضروسًا فُرضت منذ أبريل من العام الماضي، تسببت في فقدان الكثير من الأرواح البريئة، بجانب تدمير شبه كامل للبنية التحتية والإنتاجية في البلاد، كما أدت إلى نزوح ملايين السودانيّين عبر الحدود إلى دول الجوار. وفي هذا الإطار، يرى السفير جمال بيومي، أنّ التحدي الأكبر لهذه الأزمة، هو احتواء الصراع في السودان ومنع تمدّده إقليميًا، وبالتالي فإنّ دعم الجامعة العربية للمفاوضات، يشكل الأمل لحل الصراع في السودان، مطالبًا الجامعة العربية بالدعوة لمؤتمر خاص بإعادة إعمار السودان، تلتزم فيه الدول العربية المقتدرة بإعادة إعمار هذا البلد، عبر بناء شراكات استراتيجية تعود بالفائدة لجميع الشركاء.قضية اللاجئينمن جانب آخر، أصبحت قضية اللاجئين أحد أبرز التحديات التي تواجه دول المنطقة العربية خلال الآونة الأخيرة، وذلك نظرًا لما تمثّله من عبء اقتصاديّ وإنسانيّ على الدول المستقبِلة.ويرى السفير جمال بيومي، أنّ قضية اللاجئين في المنطقة العربية، تعدّ من القضايا التي تحتاج لمناقشات بنّاءة داخل أروقة القمة العربية المقبلة بالبحرين، حتى لا تتحمل دول بعينها التكلفة الاقتصادية لتلك الظاهرة، من دون مشاركة فاعلة من الدول العربية والمجتمع الدولي.الأمن القوميّ العربيوعلى المستوى الأمني، فقد أوضح خبير الإرهاب الدوليّ اللواء رضا يعقوب، بأنّ قمة المنامة تأتي في توقيت بالغ الصعوبة على الأمن القوميّ العربي، الذي يواجه تهديدات خطيرة وغير مسبوقة في هذه الفترة، خصوصًا في ظل سعي القوى الإقليمية غير العربية، لتنفيذ مشاريعها داخل المنطقة العربية، وذكر يعقوب أنّ أهم هذه التهديدات يبرز في الآتي:إصرار إسرائيل على تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيّين من أراضيهم.المشروع الإيرانيّ والمرتبط بسعي طهران للتحول إلى قوة إقليمية.تهديدات "الحوثيّين" للملاحة البحرية في منطقة البحر الأحمر.الأوضاع المتأزمة في سوريا وما رافقها من تدخلات مباشرة أميركية وروسية وتركية وإيرانية.وؤكد يعقوب أنه يتحتّم على هذه القمة الخروج بقرارات قوية متماسكة وذات قابلية عالية للتطبيق، حفاظًا على كيان الأمة العربية ومستقبل شعوبها.ومن المقرر أن تنطلق القمة العربية رقم 33 بالعاصمة البحرينية المنامة الخميس المقبل، وسط دعوات تطالب بضرورة التوصل إلى قرارات بنّاءة تسهم في تعزيز التضامن العربي، ودعم جهود إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. (المشهد)