تصاعدت حدة المواجهات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيليّ في الأيام الأخيرة، متجاوزة قواعد الاشتباك التي حافظ عليها الطرفان منذ اندلاع الصراع في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، وفي ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدها "حزب الله" مؤخرًا، بما في ذلك اغتيال عدد من قياداته البارزة، بدأت تظهر بوادر تململ وخلافات داخلية حول كيفية الردّ على الهجمات الإسرائيلية.ووفقًا لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة، فإنّ هناك تباينًا في الآراء داخل "حزب الله" حول استراتيجية الرد، ففي حين يطالب البعض بالتحلي بالحذر لتجنب تصعيد الصراع، يرى آخرون ضرورة الردّ القوي والسريع على إسرائيل، لاستغلال حالة الغضب التي تجتاح صفوف الحزب. كما أبدى بعض عناصر الحزب استياءهم من عدم تدخل إيران بالشكل المطلوب لدعمهم في هذه المواجهة، خلال محادثات مع مسؤولي الحرس الثوريّ الإيراني.تحديات كبيرة في غضون ذلك، تواجه قيادة "حزب الله" تحديات كبيرة بعد الضربات الموجعة التي وصفها الأمين العام للحزب الأسبوع الماضي بأنها "قاسية وغير مسبوقة"، وتسعى القيادة الآن إلى إعادة ترميم قوة الردع من دون الانزلاق إلى حرب شاملة مع إسرائيل. ويأتي ذلك وسط مخاوف من الاختراقات الأمنية الإسرائيلية داخل الحزب، حيث تحاول القيادة معالجة هذه الثغرات التي تسببت بخسائر فادحة.وكان "حزب الله" قد تعرّض لضربة كبيرة الأسبوع الماضي، بعد أن تمكنت إسرائيل من اختراق آلاف أجهزة النداء اللاسلكيّ (البيجر) وأجهزة الووكي توكي، ما أسفر عن تفجيرها وقتل العشرات من عناصر الحزب والمدنيّين، وإصابة نحو 3000 شخص. كما استهدفت غارة إسرائيلية يوم الجمعة الماضي، مبنًى سكنيًا في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أدى إلى مقتل 16 من عناصر الحزب، بينهم قياديان بارزان من وحدة "الرضوان"، وهي وحدة النخبة في الحزب.وفي تطور آخر، شنت إسرائيل غارة على حي ماضي في الضاحية الجنوبية يوم 23 سبتمبر، في محاولة لاغتيال علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية في "حزب الله"، إلا أنه نجا من الهجوم، وفي اليوم التالي، استهدفت غارة أخرى إبراهيم محمد قبيسي، قائد منظومة الصواريخ والقذائف في الحزب، ما أدى إلى مقتله مع عدد من عناصره في منطقة الغبيري، التي تعدّ أحد معاقل الحزب الرئيسية في بيروت.هذه التطورات تعكس تصعيدًا كبيرًا في الصراع بين الجانبين، حيث يسعى "حزب الله" للموازنة بين الرد على الهجمات الإسرائيلية، والحفاظ على عدم الانزلاق إلى حرب شاملة، في ظل ضغوط داخلية وإقليمية متزايدة. وشهدت العديد من المناطق اللبنانية منذ مطلع الأسبوع غارات إسرائيلية عنيفة، تعدت نطاق الجنوب اللبنانيّ لتصل إلى قضاء كسروان وجبيل شمال البلاد، وارتفع عدد القتلى اللبنانيّين أمس فقط، إلى 81، بينما سُجلت 400 إصابة في صفوف المدنيّين، وفق ما أعلنت وزارة الصحة. وبلغ عدد النازحين من الجنوب ما يقارب الـ 500 ألف منذ الثامن من أكتوبر الماضي، أي بعد يوم من تفجر الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة" حماس" بحسب ما أعلن وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب.(ترجمات)