مأزق سياسيّ وأخلاقيّ جديد يواجه الرئيس الأميركيّ جو بايدن، إذ من المقرر أن تُسلم إدارته الكونغرس الأميركيّ هذا الأسبوع، تقريرًا حول ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الدوليّ في غزة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" ويأتي التقرير، الذي من المتوقع أن يتم نشر أجزاء منه بعد إحالته إلى الكونغرس يوم الأربعاء، في وقت صعب بالنسبة للعلاقات الأميركية- الإسرائيلية، حيث تتوتر العلاقة بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو، بسبب تجاهل تل أبيب لتحذيرات واشنطن. وقالت الصحيفة الأميركية : "من شبه المؤكد أنّ النتيجة التي توّصلت إليها إدارة بايدن، بأنّ إسرائيل قد انتهكت القانون الأميركيّ أو القانون الدولي، ستؤدي إلى تضخيم الدعوات المطالبة بتعليق المساعدات العسكرية- الأميركية، ومن المؤكد أنها ستُثير أيضًا غضب المحافظين الذين انتقدوا التحذيرات الأميركية للدولة اليهودية، وكذلك المانحين السياسيّين، في وقت يخوض فيه بايدن انتخابات صعبة أمام غريمه السياسيّ دونالد ترامب". ومع ذلك، فإنّ الاستنتاج بخلاف ذلك، وسط الخسائر المدنية الهائلة التي خلفتها الحرب في غزة، من شأنه أن يخاطر بردّ فعل عنيف من الليبراليّين. وأعرب السياسيون من كلا الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) بالفعل عن مخاوفهم، وشددوا على التحديات التي يواجهها بايدن -واحتمالية خروجه سالمًا من نتائج التقرير- مهما كانت. "فليساعدنا الله إذا قال هذا التقرير بطريقة أو بأخرى إنّ تسليم المساعدات الإنسانية كان متوافقًا مع المعايير الدولية"، هكذا قال السيناتور الديمقراطيّ كريس فان هولين. هولين من بين أكثر منتقدي الحزب الديمقراطيّ صراحةً لإدارة بايدن لأزمة الحرب في غزة، وأضاف " ليساعدنا الله.. فأيّ شخص لديه عيون ترى وآذان تسمع، يعرف أنّ هذا غير صحيح". وتحت ضغط من فان هولين وديمقراطيّين آخرين، أصدر بايدن في فبراير مذكرة للأمن القوميّ تنص على أنّ أيّ دولة تتلقى مساعدات عسكرية أميركية، يجب أن تقدم تأكيدات مكتوبة بأنها تلتزم بالقانون الدوليّ والقوانين الأميركية التي تحكم المساعدات الخارجية. ومن ثم يتعين على وزارة الخارجية أن تصدر تقريرًا يقيم مدى مصداقية تلك الضمانات. ولا تؤدي المذكرة في حدّ ذاتها إلى اتخاذ إجراءات محددة إذا قررت وزارة الخارجية أنّ إسرائيل لا تمتثل لها.هل تضطر واشنطن إلى تعليق المساعدات لإسرائيل؟هل خلصت إدارة بايدن، على سبيل المثال، إلى أنّ إسرائيل قيّدت دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة - وهو أمر اعترف المسؤولون الأميركيون بحدوثه بالفعل - أو أنّ إسرائيل نفذت ضربات عسكرية على المستشفيات أو عمليات الإغاثة، التي كان الضرر الذي لحق بالمدنيّين فيها غير متناسب، ونظرًا لأهمية الهدف المشتبه به. قد تضطر الإدارة، بموجب قانون الولايات المتحدة، إما إلى تعليق عمليات نقل الأسلحة، أو إصدار تنازل. ويقول الخبراء إنّ كلا السيناريوهين يمكن أن يصل إلى حدّ انتهاك القوانين الإنسانية الدولية، بحسب واشنطن بوست. على الجانب الآخر، قال النائب الجمهوري، مايكل والتز، إنّ " إدارة بايدن تحاول السير على خط رفيع، لكنني أعتقد أنّ القيام بذلك بشكل سيّئ، يثير غضب الجميع بصراحة، إنّ أيّ إجراء سلبيّ تجاه إسرائيل سيكون ضارًا بالأمن القوميّ الأميركي. وتشير التقارير الأخيرة الصادرة عن مراقبي حقوق الإنسان البارزين والخبراء القانونيّين، إلى جانب مذكرة وزارة الخارجية المُسرّبة، إلى أنّ العديد من أولئك الذين يدرسون مزاعم ارتكاب المخالفات، يعتقدون أنّ إسرائيل انتهكت القانون. ولم تستجب السفارة الإسرائيلية في واشنطن لطلب التعليق، لكنّ الحكومة الإسرائيلية دافعت مرارًا وتكرارًا عن أفعالها، باعتبارها متوافقة مع القانون الدولي. وقد أرجعت حكومة نتانياهو الخسائر في صفوف المدنيّين إلى وجود "حماس" وسط التجمعات السكانية المدنية الكثيفة في غزة، واستخدام المسلحين للبنية التحتية المدنية؛ وألقت باللوم في تقييدها لقوافل المساعدات على "حماس"، التي تقول إنها تستخدم موادّ معينة لتعزيز قتالها. بدورهم كتب 88 عضوًا في الكونغرس يوم الجمعة، إلى بايدن، للتعبير عن اعتقادهم بأنّ "هناك أدلة كافية على أنّ القيود التي تفرضها إسرائيل على تسليم المساعدات الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة تنتهك قرارات الولايات المتحدة، وبالتالي التشكيك في الضمانات التي قدمتها إسرائيل بموجب مذكرة الأمن القوميّ رقم 20".(ترجمات)