قبل عام، دفعت الهجمات القاتلة التي شنتها "حماس" على مستوطنات غلاف غزة، إسرائيل إلى شن هجوم عسكريّ ضد الجماعة في غزة، ما تسبب في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيّين.ولكن حتى مع تدمير جزء كبير من غزة، فإنّ الهدف المعلن لرئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو بتدمير "حماس"، لا يزال بعيد المنال، فالجماعة، رغم ضعفها، تواصل شن حرب عصابات، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".في يوم الاثنين، تزامنًا مع الذكرى الأولى لهجومها في 7 أكتوبر 2023، أطلقت "حماس" صواريخ عدة على إسرائيل، ما يدل على أنّ بعض قدراتها العسكرية الأكثر تطورًا على الأقل لا تزال سليمة. وتعهد المتحدث باسم الجناح العسكريّ لـ "حماس": "بمواصلة حرب استنزاف طويلة ومؤلمة" ضد إسرائيل.ماذا تبقى من قدرات "حماس"؟تقول إسرائيل إنها قتلت وأسرت أكثر من 17 ألف مقاتل في غزة ــ وهو رقم غير قابل للتحقق. وقد قُدّر عدد مقاتلي حماس قبل الحرب بنحو 25 ألف مقاتل، رغم أنّ الجماعة لم تؤكد هذا قط.وقال مدير برنامج مكافة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ماثيو ليفيت: "من غير الواضح ما إذا كانت غالبية المقاتلين الذين قُتلوا حتى الآن من المشاة... كم من هؤلاء الناس كانوا من المؤمنين المتشددين، وكم منهم فعلوا ذلك لأنها كانت وظيفة متاحة ومجزية؟".لكن من الواضح أنّ العديد من قادة "حماس" وزعمائها قُتلوا، كما قال ليفيت.في يوليو، قُتل رئيس المكتب السياسيّ لـ "حماس" إسماعيل هنية، في انفجار في العاصمة الإيرانية طهران. وألقت "حماس" وإيران باللوم على إسرائيل، التي لم تؤكد علنًا تورطها، فيما قالت إسرائيل إنها قتلت محمد الضيف مهندس هجوم 7 أكتوبر.ويُعتقد أنّ يحيى السنوار، زعيم "حماس"، على قيد الحياة، على الرغم من عدم وجود تسجيلات صوتية أو فيديو نهائية له منذ أشهر.لقد كان السنوار، الذي توقف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية منذ فترة طويلة ويظل على اتصال بمنظمته من خلال شبكة المراسلين، ويعتقد منذ فترة طويلة أنه لن ينجو من الحرب، وفقًا لتقييمات الاستخبارات الأميركية.ومهما كانت القوة التي قد تتمتع بها "حماس" في الوقت الحالي، فإنّ الدمار الذي خلفته الحرب قد يخلق دافعًا لتجنيد المزيد من المجندين في المستقبل.لقد عادت القوات الإسرائيلية بشكل متكرر إلى أحياء غزة التي انسحبت منها بالفعل، قائلة إنّ مقاتلي "حماس" عادوا إلى الظهور هناك.وقال ليفيت: "ما سيأتي بعد ذلك سيكون أكثر أهمية. إذا استمرت حكومة نتانياهو في مقاومة أيّ نوع من الحكم الذاتيّ الفلسطيني، فإنّ أيّ شيء يمكن أن يؤدي إلى حل الدولتين - بالتأكيد احتلال إسرائيليّ متجدد لغزة - سيؤدي إلى تطرف سريع وغاضب".أسلحة "حماس"قبل سنوات عدة من الحرب، قدرت الاستخبارات الإسرائيلية أنّ "حماس" وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة، لديها نحو 30 ألف صاروخ وقذيفة هاون مخزنة في غزة. وقيل إنّ الصواريخ تتفاوت على نطاق واسع في المدى والتعقيد.تم تهريب بعضها إلى غزة عبر الأنفاق، أو إخفائها داخل شحنات من المواد الغذائية والمساعدات. وتم تجميع البعض الآخر من مواد تم جمعها - بما في ذلك الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة - في مختبرات تحت الأرض.وفي إطار الاستعداد للحرب، بدأت "حماس" أيضًا في زيادة إنتاج المتفجرات والصواريخ المضادة للدبابات، كما قال ضابط صغير في "حماس" لصحيفة نيويورك تايمز في يوليو.ومنذ أكتوبر الماضي، أطلقت "حماس" وجماعات مسلحة أخرى نحو 13200 صاروخ من غزة على إسرائيل، ربعها في 7 أكتوبر فقط، وفقًا للجيش الإسرائيلي. الحكومة.الأنفاقلقد أمضت "حماس" سنوات في تطوير متاهة ضخمة من الأنفاق تحت الأرض، محصنة بأبواب مقاومة للانفجار وقادرة على تحمّل الهجمات الإسرائيلية المتكررة.في وقت مبكّر من الحرب، قدرت إسرائيل أنّ شبكة الأنفاق تمتد لنحو 250 ميلًا. والآن يعتقدون أنها تصل إلى ضعف هذا الطول.كانت إسرائيل تقوم بشكل منهجي برسم خرائط وتدمير أنفاق "حماس"، وهي عملية بطيئة وخطيرة قد تستغرق سنوات عديدة.كما احتجز مقاتلو "حماس" بعض الأسرى البالغ عددهم 250 شخصًا على الأقل في غزة منذ العام الماضي تحت الأرض، ما أدى إلى تعقيد الجهود الإسرائيلية لتدمير شبكة الأنفاق.ورغم أنّ المسؤولين الإسرائيليّين بحثوا عن بعض الأنفاق وقاموا بتفكيكها قبل هجمات 7 أكتوبر، فإنّ مسؤولًا إسرائيليًا كبيرا قال إنّ الأنفاق تحت الأرض لم تكن تشكل أولوية، لأنّ غزو غزة وشن حرب شاملة على غزة بدا أمرًا غير مرجح.بعد الهجمات، تغيرت الحسابات عندما أدرك المسؤولون أنّ المجموعة كانت تستعد لمثل هذا الهجوم. ويقول الخبراء إنه لولا الأنفاق، لكانت "حماس" قد حققت نتائج أسوأ كثيراً في مواجهة الجيش الإسرائيلي.لقد حمت الشبكة قادة "حماس" من الهجمات الإسرائيلية في الماضي. وقال مسؤولون استخباراتيون إسرائيليون إنّ محمد ضيف قضى عقودًا من الزمان تحت الأرض، قبل أن تجبره المشاكل الصحية على الخروج.ومن المرجح أيضًا أن تصبح الأنفاق وسيلة أساسية للاتصال بالنسبة للمجموعة. فالأنفاق لديها شبكة هاتفية أرضية خاصة بها، يصعب على إسرائيل مراقبتها. كما تجنب قادة المجموعة استخدام التكنولوجيا مثل الهواتف المحمولة وأجهزة النداء للاتصال. (ترجمات)