انتُخب الجمهوري كيفن مكارثي رئيسا لمجلس النواب الأميركي إثر مخاض عسير شابته توترات حادة بين الجمهوريين تضعف من موقفهم في وجه الرئيس الديمقراطي جو بايدن. وبعد من مشاحنات استمرت 4 أيام ولم يشهد الكونغرس مثلها في الماضي، رضخت مجموعة النواب المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترامب التي كانت تعرقل انتخاب النائب الخمسيني القادم من كاليفورنيا. غير أن مشاهد الفوضى التي عمّت الكونغرس من صراخ وضوضاء واتهامات متبادلة، تنذر بنقاشات حامية الوطيس خلال السنتين المقبلتين.وفي جملة المسائل المزمع طرحها على النقاش في الأشهر القليلة المقبلة مفاوضات حول: رفع سقف الدين العام الأميركي.تمويل الدولة الفيدرالية.الإفراج عن حزمات مالية إضافية للحرب في أوكرانيا. وبادر الرئيس جو بايدن إلى تهنئة كيفن مكارثي، متمنيا عليه أن "يحكم على نحو مسؤول ولمصلحة الأميركيين"."إذلال"لم يعد لبايدن، بعد فشله في السيطرة على مجلسَي الكونغرس كما كان الحال منذ تنصيبه في يناير 2021 رغم حصوله على غالبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، أن يأمل في تمرير تشريعات رئيسية. وباتت وعوده بقانون فيدرالي يكرس الحق في الإجهاض وحظر للبنادق الهجومية وإصلاح انتخابي واسع لحماية مصالح الأقليات في التصويت، بعيدة المنال. لكن مع مجلس شيوخ تحت سيطرة الديمقراطيين، لن يكون أيضا في وسع الجمهوريين المساس بتدابير اعتمدت في عهد بايدن تعهدوا بنسفها. غير أن الجمهوريين الذين باتوا يسيطرون على مجلس النواب تعهدوا إطلاق سلسلة من التحقيقات في سبل إدارة بايدن لجائحة (كوفيد-19) وقرار الانسحاب من أفغانستان. وقال مكارثي من مقر مجلس النواب بعد أدائه اليمين وتنصيبه محل الديمقراطية نانسي بيلوسي: "حان الوقت لممارسة رقابة على سياسة الرئيس". لكن بعد انكشاف الانقسامات التي تهز أسس الحزب الجمهوري، هل سيكون لتحقيقات الجمهوريين الصدى عينه؟ قد تكون مواجهة مجلس نواب معادلة مؤاتية سياسيا لبايدن في حال أكد نيته الترشح مرة أخرى في 2024 وهو قرار سيعلنه في مطلع العام. ورأى عالم السياسة لاري ساباتو في العرقلة التي سببتها مجموعة من مؤيدي ترامب "إذلالا"، مشيرا إلى أن مكارثي هو أضعف رئيس ينتخب لمجلس النواب منذ الحرب الأهلية الأميركية.دور حاسم لترامبوطوال الأسبوع، استغل النواب المؤيدون لترامب الذين يتهمون مكارثي بالانصياع إلى أوامر النظام في واشنطن الأكثرية الضئيلة التي حققها الحزب الجمهوري في انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر، لفرض شروطهم.ولم يرضخ هؤلاء إلا بعد الحصول على ضمانات أساسية من أبرزها إجراء يهدف خصوصا إلى تسهيل إطاحة رئيس مجلس النواب.وظل 4 نواب يرمون بثقلهم لعرقلة المسار وإطالة التشويق حتى اللحظة الأخيرة، مثيرين حالة من البلبلة في مقر المجلس.وفي نهاية المطاف، ضُبط الوضع على الأرجح بتدخل من ترامب.وأقر مكارثي خلال مؤتمر صحافي السبت بأن الرئيس السابق أدى دورا حاسما في "انتزاع آخر الأصوات" اللازمة لانتخابه. ولم يفوت الديمقراطيون هذه الفرصة للتنديد بهيمنة ترامب وأوساطه على الحزب الجمهوري، بعد سنتين بالتمام على الهجوم الذي هز الكابيتول وأثار فوضى من نوع آخر في الكونغرس الأميركي. (أ ف ب)