تهديد إسرائيل بـ"إلقاء قنبلة نوويّة على غزّة" عبر تصريحات رسميّة من وزير التراث الاسرائيليّ عميحاي الياهو، أثارت إرباكًا داخل حكومة بنيامين نتانياهو، وطرحت تساؤلات عدّة لدى أطراف دولية بشأن حقيقة امتلاك إسرائيل سلاحًا نوويًا. وضمن أبرز هذه المواقف جاء من الجانب الروسي، حيث اعتبرت الخارجية الروسيّة أنّ تصريح الوزير الإسرائيلي، يثير العديد من التساؤلات. إلياهو ليس السياسيّ الإسرائيليّ الوحيد الذي يدعو إلى استخدام السلاح النوويّ ضدّ غزّة، فقد سبقه عضو الكنيست السابق، موشيه فيغلين، الذي نشر صورة لمدينة هيروشيما اليابانية بعدما دمرتها القنبلة النوويّة الأميركية عام 1945، إبّان الحرب العالميّة الثانية، سائلًا: "كم عدد الجنود الأميركيّين الذين قُتلوا في معركة هيروشيما؟". في المقلب الآخر، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، التهديد باستخدام القنبلة النووية في قطاع غزّة، بإنه "إنذار" للعالم بأكمله. فما دلالة وأهميّة هذه التصريحات؟ وهل تبقى في خانة الكلام التصعيدي، أو قد تصبح واقعًا مرعبًا؟إسرائيل وصلت إلى مدارك الضعف الخبير العسكري ناجي ملاعب ردّ على سؤال منصة "المشهد" مفنّدًا واقع الحال: أولًا، للمرة الأولى تعترف إسرائيل أنّ لديها سلاحًا نوويًا، حتى اليوم هي تمتلك هذا السلاح ولكنها لا تعترف بوجوده. بالتالي، هذا أول اعتراف يُلزم الوكالة الدولية للطاقة الذريّة بأن تفتّش مفاعل ديمونا، وأن تُلزم إسرائيل بشروط الانتساب إلى الوكالة. من هنا، فإنّ هذا الإعلان أضرّ بإسرائيل وبات لا يمكنها التخفّي بعد اليوم، وإلّا تصبح من الدول المارقة التي يُمنع أن يكون لديها سلاح نووي، هذا موضوع يجب متابعته عربيًا لإلزام إسرائيل بمنع استخدام النووي.ثانيًا، التهديد باستخدام النوويّ دليل على أنّ إسرائيل وصلت إلى مدارك الضعف بشكل أنّ النوويّ يحافظ على وجودها، وهذا دليل على صعوبة القضاء على الفصائل الفلسطينية، التي لو كان في حسابات إسرائيل أنها ستنتصر على غزّة، لما لجأ وزراؤها إلى التّهديد بالنووي.الأسلحة الفوسفوريةواعتبر ملاعب أنّ "استخدام إسرائيل أسلحة فوسفورية المحظورة ليس جديدًا، ومنها قذائف النابالم التي استخدمتها سابقًا في حربها على جنوب لبنان، حتى القنابل العنقودية التي تحظرها 110 دول، استخدمتها إسرائيل بعد 2006، ما خلّف لدينا الكثير من الضحايا نتيجة القنابل العنقودية التي زرعها الجيش الإسرائيليّ بشكلٍ كثيف بين البساتين والقرى والأماكن السكنية".وشدّد ملاعب على أنه عندما تمتلك إسرائيل سلاحًا نوويًا وتهدد باستخدامه، هذا السلاح هو سلاح رادع، ويجب على كل دولة تفعل ذلك، أن تنتظر الردّ عليها من دول أخرى، لذلك، ما تراقبه إسرائيل دائمًا بمنع الوفاق الأميركيّ - الإيراني، لأن لا ثقة لديها بالتزامات إسرائيل التي استطاعت بقدرات ذاتية، تطوير وتخصيب اليورانيوم، إلى درجة ممكن تحضير وتجهيز والوصول إلى القنبلة النووية.ولفت إلى أنه إذا ما كانت لدى إيران قنبلة نووية، فهذا يشكّل خطرًا على إسرائيل، بحيث لا يمكنها التهديد بهذا النووي، لأنّ ذلك سيرتدّ عليها إذا كانت دولة أخرى في المنطقة لديها نووي.واعتبر أنه طالما أنّ دول المنطقة حول إسرائيل لا تملك ما يردعها، هنا تستطيع التهديد بالنووي، ولكنّ هذا التهديد دليل ضعف وعدم قدرة على مقاومة ما يجري في غزة، أو ما يمكن أن يجري عبر محور الممانعة.ازدواجية في المعاييرفي الجانب التاريخيّ لحرب القنابل النووية، اعتبر الكاتب والمحاضر في التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت مكرم رباح في حديث خاص لمنصة "المشهد"، أنّ هناك نزعة بالتهديد بهذه الأسلحة، ولكن ليس هناك من رغبة واضحة باستخدامها في أرض المعركة، خصوصًا أنّ إسرائيل ليس لديها مشاكل بالأسلحة أو العتاد، بل مشكلتها تأتي من جرّاء العنف الذي يستخدمه الإسرائيلي، وبالتالي القتال غير التقليديّ الذي يلجأ له الإيراني، لن يُنهي هذا الصراع، ولن ينتهي باستعمال القنبلة الذرية كما حصل في الحرب العالمية الثانية". وشدّد رباح على أنه منذ تطوير القنبلة الذرية أو الأسلحة غير التقليدية لم يتمّ استخدامها إلا مرة واحدة أو مرتين في الحرب العالمية الثانية، في وقت تلجأ إسرائيل إلى التهديد باستعمال القنبلة الذرية، وهي التي لا تعترف أصلًا بوجودها لديها، وهنا تتحدث الدول العربية وإيران عن ازدواجيّة في المعايير، لأنّ الغرب لا يحاسب إسرائيل كما يحاسب الدول المارقة ككوريا الشمالية وايران، وما يتعرضان له من تضييق". ورأى الكاتب السياسيّ أنّ الفكرة الأساسية، أنّ التهديد باستعمال السلاح النوويّ، هو كسلاح ردعيّ وليس كسلاح تدميري، لأنّ القدرة التدميرية لهذه الأسلحة بنطاق اشتباك صغير جغرافيًا كفلسطين وإسرائيل، قد يؤدي الى تدمير كامل لكل المحيط، وهذا لا يعني أنهم لا يستخدمون الأسلحة "التكتيكية"، وهناك كلام أنهم يستخدمون نوعًا من الأسلحة غير التقليدية، وهم دائمًا يهددون باستخدام القنبلة الهيدروجينية في جنوب لبنان، في حال تمّ فتح هذه الجبهة.(المشهد)