ثمّة توتر بالغ تشهده مناطق الحدود المصرية الشرقية والمتاخمة مع كل من قطاع غزة وإسرائيل، من جرّاء الحرب التي تشنّها الأخيرة وبشكل غير مسبوق على قطاع غزة، فعلى ما يبدو أنّ تلك المناطق باتت في مرمى نيران قصف الجيش الإسرائيلي، ولم يعد هناك خطوط حمراء لدى إسرائيل وما يدلّ وبشكل واضح على هذا الأمر هو استهداف بوابة معبر رفح الواقعة بين الجانبَين المصريّ والفلسطيني بغارات جوية اسرائيلية، أدت إلى أضرار كبيرة بالمعبر المصريّ وخروجه عن الخدمة.ومعبر رفح هو معبر بريّ حدودي بين مصر وقطاع غزة ويقع عند مدينة رفح الواقعة على حدود قطاع غزة، وهو مخصص لحركة الأفراد إلى جانب تجهيزه لنقل البضائع وخلافه، كما ينحصر استخدام معبر رفح في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينيّة ومع استثناء لغيرهم ضمن الشرائح المتفق عليها، ومع إشعار مسبّق للحكومة الاسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية.وتأتي أهميّته كونه الوحيد الذي تتحكم فيه مصر وفلسطين، حيث يوجد 6 معابر حول قطاع غزة تتحكم بها إسرائيل، وجميعها تؤدي إلى داخل إسرائيل، ومعبر رفح هو المعبر الوحيد الذي تشرف عليه الدولة المصرية.وتقدّم مصر دائما على إغلاق المعبر كلما اقتضت الحاجة لذلك، خصوصا مع تزايد العمليات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، والتي تستهدف أفرادا وقوات تابعة للجيش والشرطة.ومع إقدام الجانب الاسرائيليّ على قصف معبر رفح في ظل الحرب الدائرة رحاها الآن داخل الأراضي الفلسطينية، بدأت الأصوات تتعالى بين الدوائر السياسية والأمنية المصرية المختلفة، حول مدى تأمين المناطق المصرية الملاصقة مع الجانبَين الفلسطينيّ والإسرائيلي.جميع الحدود المصرية ملتهبة وتواجه تحديات جساموفي حديثه لمنصة المشهد، يؤكد الخبير الأمنيّ والاستراتيجي اللواء رضا فرحات، أنّ مصر دولة تتميز باتّساع حدودها سواء مع الجانب الشرقي مع قطاع غزة وإسرائيل أو مع الجانب الغربيّ مع ليبيا أو في الجنوب مع السودان، موضحا أنه لسوء الحظ أنّ كل هذه الحدود ملتهبة وتواجه تحديات جسام نتيجة للأوضاع الأمنية والسياسية للدول المجاورة مع مصر، وبالتالي كل هذه الأمور تفرض على الأجهزة الأمنية المصرية من جيش وشرطة عبئا كبيرا، وتجعلها دائما في حالة استنفار ويقظة مستمرين، مع الأحداث كافة التي تجري عند أيّ منطقة حدودية للعمل على ضبطها.الحرب في غزة تشكل خطورة على المناطق الحدودية المصريةوبحسب فرحات، فإنّ الحرب الجارية الآن على الأراضي الفلسطينية بكل تأكيد، تشكل خطورة على المناطق الحدودية المصرية، وذلك نتيجة لما تقوم به إسرائيل من قصف عنيف وشديد وقطع الإمدادات والكهرباء ومواد الإعاشة على المواطنين المقيمين في قطاع غزة، ونتج عن كل ذلك قصف معبر رفح الحدوديّ من ناحية الجانب الفلسطيني.أسباب استهداف إسرائيل لمعبر رفحالخبير الأمنيّ المصري يرجع سبب القصف الإسرائيليّ لمعبر رفح إلى منع وصول أيّ إمدادات أو وسائل إغاثة إنسانية من ناحية الحدود المصرية مع إسرائيل، وذلك بهدف ممارسة الضغوط على المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس التي أقدمت على مهاجمة مواقع عسكرية ومستوطنات تابعة لإسرائيل فجر السبت الماضي، وحققت نتائج إيجابية على أرض المعركة، إضافة إلى محاولة إسرائيل السيطرة على الأوضاع الأمنية على حدودها، بعد تلقّيها ضربة موجعة من قبل عناصر المقاومة الفلسطينية.مصر تبذل قصارى جهدها لتأمين حدودها المتاخمة مع الجانب الاسرائيليوأكد اللواء فرحات أنّ فكرة استعادة المشاهد التي حدثت على الحدود المصرية من ناحية رفح، واختراقها مرة أخرى من قبل إرهابيّين ومسلحين نتيجة الانفلات الأمني الذي حدث في أعقاب ما أُطلق عليه "ثورات الربيع العربي" في عام 2011، لن يتمّ السماح بهذا الأمر مطلقا، وبالتالي هناك تشديدات أمنية قوية من قبل مصر للعمل على ضبط حدودها من هذه الناحية التي كانت تشكل خطورة على الأمن القوميّ المصري قبل ذلك.لا بدّ من وقف فوري لإطلاق الناروطالب اللواء فرحات الأطراف الفاعلة كافة سواء الإقليمية والدولية، التدخل وبشكل فوريّ للعمل على وقف إطلاق النار لحماية المدنيّين من عواقب هذه الحرب، وحثّ الطرفين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، من أجل العمل على حلّ الدولتَين، لأنّ إسرائيل أصبحت أمرا واقعا داخل المنطقة، وفي المقابل الدولة الفلسطينية تاريخية وقائمة منذ فجر التاريخ، وبالتالي لن يُسمح بطمس الهوية الفلسطينية التاريخية وحق الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه في أرضه، وأوضح فرحات أنّ هناك أياديَ خفيّة تعمل على عرقلة جهود حلّ الدولتَين، من أجل "القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية وهذا بكل تأكيد مرفوض شكلًا وموضوعًا".المواقف الأميركية والغربية تجاه ما يحدث "مخزية"أما المحلل السياسي ومدير تحرير جريدة الأهرام المصرية أشرف أبو الهول، فقد وصف المواقف الأميركية والغربية من حرب إسرائيل بالغريبة، حيث انتقد أبو الهول التأييد الكامل الذي أعلنه الرئيس الأميركي للجانب الإسرائيلي، ووقوفه معه على حساب القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الذي يواجه "غطرسة إسرائيلية غير مسبوقة"، على حد تعبيره. وتساءل أبو الهول أين كانت الولايات المتحدة الأميركية والغرب والمنظمات الحقوقية من "الاعتداءات الإسرائيلية"، مؤكدا في الوقت ذاته، أنّ ما قامت به المقاومة الفلسطينية هو نتاج لما كان يحدث في السابق من قبل إسرائيل.دعوة القادة الإسرائيليّين سكان غزة للهجرة إلى سيناء مرفوضةوفي ما يتعلق بدعوات الإسرائيليين الفلسطينيّين إلى التوجه نحو سيناء المصرية هربا من الحرب، أوضح أبو الهول أنّ هذه الدعوات لن تقبل بها مصر تحت أيّ ظرف كان، مشيرا إلى أنّ إسرائيل ترغب في "تفريغ قطاع غزة من قاطنيه"، ويريد أن يُلقي بأكثر من مليون شخص وأكثر باتجاه مصر، ومن ثم إذا حدث ذلك الأمر فإنّ "القضية الفلسطينية لن يعود لها وجود".وكانت الحدود المصرية المتاخمة مع الجانب الاسرائيلي قد شهدت توترات كبيرة على وقع الحرب في قطاع غزة في هذه الأثناء، وتعرّض معبر رفح الحدوديّ المصري إلى قصف عنيف من قِبل الطيران الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب في خروج المعبر عن الخدمة منذ أمس وحتى كتابة هذا التقرير.(المشهد)