أثارت تغريدة الباحث الهولندي فرانك هوغورتس التي تنبأ فيها بوقوع زلزال تركيا وسوريا، جدلا حول إمكانية التنبؤ بالزلازل عبر ملاحظة حركة القمر والكواكب. بعض الباحثين يرونها وسيلة فعالة، فيما يعتبرها آخرون لا تستند لأسس علمية.وتكشف جولة سريعة في حساب عوغورتس أنه قدّم توقعات مماثلة في 21-24 يناير 2019 و2-4 يناير 2019 و20-25 ديسمبر 2018 و7-13 ديسمبر 2018، بعض هذه التوقعات حدثت بالفعل.لكنها ليست مستجدا علميا لأن العالم يشهد نحو 55 زلزالا يوميا، حسب بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميريكية. الباحث الهولندي يعتبر أيضا أن الزلازل تحدث غالبا عندما تصل كواكب إلى مواقع محددة في النظام الشمسي.نظرية الباحث تتقاطع معها العديد من الدراسات التي كشفت وجود علاقة بين المد والجزر وبعض أنواع الزلازل خصوصا تلك التي يكون وقوعها أكثر احتمالًا بالقرب من حواف القارات وفي مناطق الاندساس (تحت الماء)، لكن الحديث هنا عن القمر وليس كواكب أخرى في المجموعة الشمسية.وفي عام 2016 أظهرت دراسة أجراها باحثون يابانيون نُشرت في مجلة Nature Geosciences أن مخاطر الزلازل الكبيرة تكون أقوى خلال مرحلتي اكتمال القمر والقمر الجديد، نتائج الدراسة تركز على علم التنبؤ بالزلازل الكبيرة، تلك التي تزيد قوتها عن 5.5 درجة على مقياس ريختر. تأثيرات البدر على الأرضالخبير الفلكي عماد مجاهد الذي توقّع أيضا حدوث زلزال قوي ليلة فاجعة تركيا وسوريا، يرى أن الكواكب البعيدة ليس لديها أي تأثير على الأرض على عكس القمر والشمس القريبين لديهما تأثير الجذب وخصوصا على البحار والمحيطات كما هو معلوم.ويضيف الفلكي الأردني في تصريح لمنصة "المشهد": "منذ عام 2003 لدي نظرية ربطت فيها جاذبية القمر بالزلازل وأعتقد من خلال تجاربي أن القمر حينما يكون بدرا بنهاية الشهر القمري أو حينما يكون في منتصف الشهر ليلة 14 في هذه الحالة يكون المد القمري عالي جدا وبالتالي يمكن أن يحرك الصفائح الجيولوجية والتيكتونية".ويشير مجاهد إلى أنه لا يمكنه تحديد مكان وقوع الزلزال بدقة، لكن يمكنه تحديد فترات قد تقع فيها زلازل في مناطق معينة وإن لم يستطع إثباتها علميا لحدود الساعة.ويوضح المصدر ذاته أنه حتى الآن التنبؤ غير ممكن من خلال طريقة تسمح للبشر بتفادي وقوع كارثة إنسانية، ويقول: الفترة الحالية لا يمكننا مواجهة الزلازل إلا عن طريق كود بنائي مصمم لمواجهة الزلازل.أنا أعارض من يربط الزلازل بالكواكب وتحديدا بالمذنب الأخضر الجديد وبالنجوم.النجوم ليس لديها أي علاقة على الإطلاق لأنها بعيدة وتأثيرها محدود على كوكب الأرض.تاثيرات النجوم والكواكب على الزلازل مستبعدة حسب قوانين الجاذبية.50 عاما من محاولات التنبؤأما بالنسبة لرئيس المعهد المغربي للجيوفيزياء ناصر جبور فيعتقد أن جميع الطرق المجربة في توقع الزلازل عمرها تقريبا 50 عاما ولا يمكنها المساعدة في تفادي حدوث كوارث إنسانية جراء الظاهرة، وأبرز هذه الطرق:قياسات تشوه القشرة الأرضية بواسطة أجهزة جي بي إس.قياس مَيلان سطح الأرض وقياس تغير مستوى الماء في الآبار.قياس تغير الحقل المغناطيسي الأرضي.أجهزة تقيس غازات الرادون المنبعثة من الفوالق وهي غازات تتكون من التحلل الإشعاعي لعناصر تتوافر في معادن محددة.لكن رغم القياسات السابقة، ينفي الخبير المغربي أن تكون هناك طريقة مؤكدة للتنبؤ بالزلازل، بل يتم مراجعة تسجيلات ونتائج القياسات بعد وقوع الزلازل والهزات الأرضية لملاحظة مؤشرات تم إغفالها في تحليل الظاهرة الطبيعية.ويؤكد المتحدث ذاته لمنصة "المشهد" أن إعطاء إنذار سابق للزلال بناء على مراجعة البيانات "أمر صعب جدا وليس هناك جهات لديها القدرة على تحذير البشر من زلزال قبل وقوعه".ويتفق الخبير الجيوفيزيائي أن تجاذب القمر والشمس لديه قدرة على تحريك كتل هائلة في الأرض وتشويه القشرة الأرضية، لكن "كل الحسابات القائمة على هذا الأساس لم تعطينا بنسبة 100% إمكانية لاستخدامها كوسيلة للتنبؤ".وتعليقا على توقعات زلزال تركيا وسوريا من طرف الباحث الهولندي، يشير جبور إلى أن هذه التوقعات ليست جديدة بل تعود إلى علماء أتراك منذ سنوات عدة.ويُضيف أن التوقعات مبنية على احتمالات بنسبة 80% لكن لا يمكن الاستناد إليها وإخلاء أماكن مأهولة فقط بناء على احتمالات. "الوسيلة الوحيدة للحماية من الزلازل هي بناء مقاوم للزلازل ولولاها لكانت أعداد الضحايا أكبر في تركيا"، يختم جبور تصريحه لمنصة "المشهد". ومنذ لحظة الزلزال الأول الذي ضرب في الساعة 4,17 بالتوقيت المحلي (1,17 ت غ) في منطقة بازارجيك على بعد حوالى 60 كلم من الحدود السورية، تستمر الحصيلة في الارتفاع لأن عددا كبيرا من الأشخاص لا يزالون تحت أنقاض آلاف المباني المدمرة. وسيؤدي هطول الأمطار والثلوج التي تتساقط في بعض الأماكن بكثافة والانخفاض المتوقع في درجات الحرارة إلى زيادة صعوبة أوضاع الأشخاص الذين باتوا بلا مأوى وكذلك عمليات فرق الإغاثة.(المشهد)