منذ مطلع فبراير الحاليّ تسارعت وتيرة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حول عزمه شنّ عملية عسكرية باتجاه مدينة رفح، فيما أوعز للجيش بتجهيز الخطط العسكرية اللازمة لتوسيع الهجوم، وإعداد الخطط الميدانية لنقل مئات آلاف النازحين من رفح.ورغم البيانات السياسية الرسمية التي حذرت تباعًا من مغبة هذا الهجوم، والموقف المصريّ الرافض، إلا أنّ نتانياهو لا يبالي بحجم الإدانة الدولية، ويمضي قدُمًا في الترويج للعملية العسكرية المرتقبة على رفح، متسلّحًا بالموقف الأميركيّ الذي لا يعارض العملية بشرط سلامة المدنيّين، فيما أطلق العالم عليها "المذبحة المؤجلة".وشهدت مدينة رفح جنوبيّ قطاع غزة، سلسلة من الغارات العنيفة التي أوقعت ما يزيد على مئات الضحايا والجرحى، في عملية أطلق عليها الجيش الإسرائيليّ "اليد الذهبية"، وزعم تحرير اثنين من الأسرى في غزة.وبعد مرور 135 يومًا على الحرب، أضحت مدينة رفح المحاصرة من جهاتها الأربع، خزان النازحين من جلّ مناطق غزة، وصلت أعدادهم إلى مليون ونصف المليون، وتبدو الصورة فيها كمخيم كبير للّاجئين، تنتشر في شوارعها عشرات الآلاف من الخيام وصولًا إلى الجدار الحدوديّ مع مصر، تنتظر مصيرها المجهول مع القوات الإسرائيلية، فكيف ستكون بداية الهجوم؟ وما آليات الاجتياح العسكري المحتمل؟سيناريوهات الهجوم العسكري على رفحرغم الكلفة السياسية والعسكرية، لا يبدو خيار اجتياح مدينة رفح مستبعدًا، في ظلّ إجماع دوليّ رافض للهجوم، وتبعاته الكارثية على أرواح مئات آلاف النازحين، الخبير العسكريّ اللواء واصف عريقات يوضح لمنصة "المشهد" ملامح الهجوم الإسرائيليّ المحتمل على رفح، قائلًا:إسرائيل تسعى للقضاء على حركة "حماس"، ما سيؤدي إلى عملية برية تشمل كامل رفح، من خلال التطويق والتطهير، كما يجري الآن في خان يونس، وكما حدث في شمال ووسط غزة.الهجوم العسكريّ المحتمل سيبدأ بحشد قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، مثلما قامت به تلك القوات في الشمال والوسط.يليه قصف تمهيديّ فقصف تدميري، ومن ثم حرب إبادة جماعية، وتطهير عرقي، من خلال قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيّين، ومحاولة تهجيرهم من رفح إلى سيناء، هذا كله سيجري في العملية البرية.وحول التكتيكات العسكرية أضاف عريقات، أنّ "إسرائيل سوف تستخدم سلاح الجو في قصف تمهيديّ وتدميري، حاليًا نشهد قصفًا مستمرًا على رفح، هل سيكون في سياق عمليات محدودة، أم هي تكتيتات تمهيدية لما سيجري في المستقبل، كما أنّ الاجتياح سيكون برًا وبحرًا وجوًا، عبر شنّ عملية موضعية في رفح، باختراق المدينة من جنوبها الشرقي، والتمركز على أنقاض مطار غزة الدولي، والانطلاق منه للتوغل على الحدّ الفاصل، والسعي لعزل قطاع غزة عن مصر، وشن عمليات موضعية لضرب ما يُعتقد أنها أهداف عسكرية لـ"حماس" وبقية الفصائل". اجتياح رفح.. معقّد وتدريجيمصادر إسرائيلية كشفت أنّ الجيش الإسرائيليّ صادق على الخطة المعدّة للمناورة البرية في رفح، تتضمن إخلاء المدنيّين من هناك، ونظرًا لمطالب مصر والولايات المتحدة، فإنّ العملية البرّية لن تبدأ إلّا بعد استيفاء شرطين، إخلاء واسع النطاق للمواطنين من رفح ومحيطها، واتفاق بين إسرائيل ومصر، بشأن عملية الجيش الإسرائيليّ ضد أنفاق محور فيلادلفيا. وفي حين أشارت هيئة البثّ الإسرائيلية، إلى أنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بدأت في صياغة خطّة لإخلاء السكان من رفح، وتدرس خيارين، إجلاء السكان إلى خان يونس شمال رفح، أو السماح بعودة عشرات الآلاف من سكان غزة إلى مجمّعات مخصّصة لهم شماليّ القطاع. ومن وجهة نظر المحلّل العسكريّ إيال عليما حول العملية البرية الإسرائيلية الوشيكة على مدينة رفح، "الهجوم شاقّ ومعقّد، على الرغم من الترويج الإسرائيليّ المتواصل لهذا الهجوم، لا أعتقد بأنه سوف يتم في الوقت القريب، فهناك صعوبات لوجستية وعسكرية متعلقة بقدرات القوات الإسرائيلية بعد تسريح معظم ألوية الاحتياط من غزة، وكذلك سياسية في الداخل الإسرائيليّ وعلى الصعيد الدولي". وأضاف عليما لـ"المشهد"، أنّ "عملية الهجوم البرّي سوف تكون تدريجية، بعد الانتهاء من حلّ قضية مخيمات النازحين في المدينة، حيث يشكلون عائقًا كبيرًا، من خلال مقترحات وحلول يتم تداولها إسرائيليًا، فلم يُتخذ القرار بشأنهم بعد، ومن ثم تبدأ العملية العسكرية في رفح". ولفت عليما "بأنّ سيناريو الاجتياح البرّي لرفح، عبر عمل القوات الإسرائيلية على تقسيم المدينة إلى مناطق عدة، وسيتم العمل العسكريّ بالطريقة نفسها كما في خان يونس، بتقسيم المدينة، وإنذار السكان المدنيّين، قبل كل عملية للجيش الإسرائيلي، وسيتم إجلاء المدنيّين إلى مناطق أخرى، يليها التوغل والعمليات القتالية".(المشهد)