يدرس مجلس الأمن مشروع قرار يدعو إلى وقف فوريّ للحرب في السودان خلال شهر رمضان، خصوصًا مع تفاقم الأزمة الإنسانية التي تهدّد حياة الملايين.ويتفاوض المجلس المؤلف من 15 عضوًا، على مشروع قرار صاغته بريطانيا، وقال دبلوماسيون إنه قد يُطرح للتصويت غدًا الجمعة. ويبدأ شهر رمضان الأسبوع المقبل.ويدعو مشروع القرار الذي اطّلعت عليه رويترز أيضًا، "جميع الأطراف إلى ضمان إزالة أيّ عقبات، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن، ومن دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود، وعبر مختلف النقاط، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنسانيّ الدولي".ويحثّ مشروع قرار مجلس الأمن جميع الدول، على "الامتناع عن التدخل الخارجيّ الذي يسعى إلى إثارة الصراع وعدم الاستقرار"، ويطالبها "بدعم الجهود من أجل تحقيق سلام دائم".يرى الخبير العسكريّ والاستراتيجيّ إسماعيل المجذوب، أنّ تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان دفعت مجلس الأمن ممثلة في بريطانيا لتقديم هذا المشروع.لكنّ المجذوب أكد في حديثه مع منصة "المشهد"، أنّ فرض المجتمع الدوليّ هدنة في السودان "يعدّ غير منطقيّ". وأشار إلى أنّ مثل هذه القرارات تحتاج إلى مشاورات طويلة، ورمضان لم يتبقَّ عليه سوى 5 أيام.ولفت إلى أنه حتى لو وافق مجلس الأمن عليها، فقد لا يوافق طرفا الصراع. وقال: "الجيش والحكومة أصبحت لديهما عدم ثقة وشكوك في الدعم السريع، بعد الانتهاكات التي شهدتها الهُدن السابقة، وحقق فيها الدعم مكاسب كبيرة".وأضاف أنه "حتى لو تم الاتفاق على الهدنة فسوف تنهار خلال ساعات"."أمر لا يُجدي"من جانبه، يقول رئيس الحزب الاتحاد الموحد محمد عصمت يحيى، إنه بحلول شهر رمضان ستكمل "هذه الحرب اللعينة عامها الأول مُحقّقة أرقامًا قياسية في الانتهاكات والخراب والدمار والنزوح واللجوء".وأضاف يحيى في تصريحات لمنصة "المشهد"، أنّ "الدعوات التي تتوالى لإيقاف هذه الحرب فقط خلال شهر رمضان، تتناسى أنّ من أشعل هذه الحرب هم جماعة (الإخوان) لم ولن تعرف حُرمة أصلًا لهذا الشهر الكريم، ولا للأأشهُر الحُرم، وتاريخهم القريب يشهد بأنّ معظم جرائمهم قد ارتكبوها في شهور رمضان والأشهُر الحُرم".وتابع: "لذا فإنّ التعويل على حرمة الشهر وعظمته عند الكيزان (الإخوان) وحُلفائهم، ولمن والاهم، أمر لا يُجدي معهم أبدًا".بدوره، حثّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الخميس، طرفَي الحرب في السودان على الموافقة على وقف الأعمال القتالية خلال شهر رمضان.وقال غوتيريش أمام مجلس الأمن الدولي، "هذا الوقف للأعمال القتالية يجب أن يؤدي إلى توقّف القتال بشكل نهائيّ في جميع أنحاء البلاد، ورسم طريق محدد نحو السلام الدائم للشعب السوداني".وأضاف، "هناك الآن خطر جدّي من أنّ الصراع يمكن أن يشعل عدم استقرار له أبعاد مأسوية على المنطقة، من الساحل إلى القرن الإفريقيّ والبحر الأحمر".وقال نائب مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة جيمس كاريوكي، إنه يأمل في طرح مسوّدة النص للتصويت غدًا الجمعة. يحتاج القرار لتأييد 9 أصوات على الأقل، وعدم استخدام حق النقض (الفيتو) من جانب أميركا أو روسيا أو بريطانيا أو الصين أو فرنسا.من جانبها، أعلنت الحكومة السودانية أنّ قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان يرحب بمبادرة الأمم المتحدة لوقف الحرب خلال شهر رمضان.بالونة اختبارواندلعت الحرب في السودان في أبريل الماضي، بسبب خلافات على صلاحيات الجيش وقوات الدعم السريع، بموجب خطة مدعومة دوليًا للانتقال السياسيّ نحو الحكم المدنيّ وإجراء الانتخابات.ولقي الآلاف حتفهم وفرّ 1.6 مليون شخص، واضطر نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، إلى الاعتماد على المساعدات الدولية، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة ومنظمات مستقلة.وقال برنامج الأغذية العالميّ الأربعاء، إنّ الصراع بين الجيش والدعم في السودان، أدى لاندلاع أكبر أزمة نزوح في العالم، كما أنه يهدد الآن باندلاع" أكبر أزمة جوع في العالم".وأضاف البرنامج أنّ أكثر من 25 مليون شخص يتضوّرون جوعا في السودان وفي جنوب السودان والتشاد، اللتين فرّ إليهما الكثيرون.وحذرت المديرة التنفيذية للبرنامج سيندي ماكين " الحرب في السودان، تخاطر باندلاع أكبر أزمة جوع في العالم".ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، لم يُصدر مجلس الأمن سوى 3 بيانات تستنكر الحرب، وتعبّر عن القلق إزاءها. وردد المجلس هذه اللغة في قرار صدر في ديسمبر قضي بإغلاق بعثة سياسية تابعة للأمم المتحدة، بناءً على طلب من القائم بأعمال وزير الخارجية السودانية.ويقول المجذوب إنه لا يمكن فرض هدنة، ولكنّ هذه الدعوة هي بالونة اختبار فقط، حيث سينتقل بعدها المجلس للتدخل المباشر للفصل بين القوات المتصارعة وفرض السلام.ويقول المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير شهاب إبراهيم الطيب، إنّ هذه الحرب قد بدأت في شهر رمضان، إذا لم يعمل مجلس الأمن علي الضغط علي أطراف القتال بقرارت ملزمة، فلن تتوقف المعارك خلال هذا الشهر الكريم.وشدد الطيب خلال حديثه مع منصة "المشهد"، على ضرورة أن يتم فصل المسار الإنسانيّ عن أيّ عملية تفاوضية حول وقف إطلاق النار، أو أيّ عملية سياسية.فشل الوساطاتوعلى مدار الأشهر الـ10 الماضية، حاولت وساطات عدة أبرزها منبر جدة برعاية سعودية وأميركية، ووساطة أخرى مصرية بالتعاون مع دول الجوار ومجموعة "إيغاد"، ولكنها فشلت في إسكات صوت المدافع.وأرجع المجذوب فشل هذه المفاوضات والوساطات المتتالية، إلى: الشروط المسبّقة التي يضعها طرفا القتال. التدخل غير الحميد من مجموعة إيغاد، والذي كان فيه نوع من التواطؤ مع الدعم السريع. تعطل اللقاءات المباشرة بين طرفَي الصراع بسبب الاعتذارات المتتالية. اعتقاد طرفَي الصراع بإمكانية حسم الأمر عسكريًا، لذلك يسعى كل طرف لشراء الوقت.ويعتقد عصمت يحيى أنّ الحل هو رصّ صفوف السودانيّين في أوسع جبهة مدنية، تشمل أغلبية أهل السودان عدا المؤتمر الوطنيّ والحركة الاسلامية وواجهاتهما، من أجل وقف الحرب ومعالجة تبعياتها الإنسانية والاقتصادية والمجتمعية.كما دعا إلى حشد كل الضغوط الممكنة من المجتمعين الدوليّ والإقليميّ على الطرفين المتحاربين، من أجل وقف هذه الحرب. (المشهد)