استعادت القوات السورية السيطرة على معظم أنحاء البلاد بعد أن كانت خسرت مناطق واسعة بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2011، لكن قوى مختلفة لا تزال متواجدة في مناطق عدة. فكيف تتوزّع القوى العسكرية التي يحظى معظمها بدعم دولي أو إقليمي، في سوريا؟ القوات الحكومية خلال السنوات الأولى من النزاع، خسرت القوات الحكومية غالبية مساحة البلاد لصالح فصائل معارضة ومقاتلين أكراد ثم تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي. لكن التدخل الروسي في سبتمبر 2015 ساهم تدريجياً في قلب ميزان القوى على الأرض لصالحها. وبغطاء روسي ودعم عسكري إيراني باتت تسيطر اليوم على ثلثي مساحة البلاد بما يشمل مدناً رئيسية مثل دمشق وحماة وحلب وحمص التي استهدفت الكلية العسكرية فيها الخميس بهجوم بطائرة مسيرة أوقع 123 قتيلا، وفق المرصد السوري. وتسيطر الحكومة السورية اليوم على محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة جنوباً، وحمص وحماة وطرطوس والجزء الأكبر من اللاذقية، فضلاً عن دمشق وريفها. كما تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة حلب شمالاً، وأجزاء من ريف الرقة الجنوبي، ونصف محافظة دير الزور. وتسيطر دمشق بشكل رئيسي على حقول الورد والتيم والشولة والنيشان النفطية في دير الزور وحقل الثورة في الرقة وحقل جزل في حمص، كما تُمسك بحقل الشاعر، أكبر حقول الغاز، وحقول صدد وآراك في حمص. المقاتلون الأكراد في العام 2012، أعلن الأكراد إقامة "إدارة ذاتية" في مناطق نفوذهم (في الشمال والشرق)، وذلك بعد انسحاب القوات السورية من جزء كبير منها من دون مواجهات، وتوسعت هذه المناطق تدريجياً بعدما خاض المقاتلون الأكراد بدعم أميركي معارك عنيفة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية. وفي العام 2015، تأسست قوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية وضمنها فصائل عربية وسريانية مسيحية، وباتت تعد اليوم بمثابة الجناح العسكري للإدارة الذاتية. وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية التي شكّلت رأس حربة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، اليوم على ربع مساحة البلاد، وتعدّ ثاني قوة عسكرية مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري. وتسيطر تلك القوات اليوم على محافظة الحسكة (شمال شرق) حيث تتواجد القوات السورية في بضعة أحياء عبر مؤسسات في مدينتي القامشلي والحسكة. كما تسيطر على غالبية محافظة الرقة بما فيها المدينة التي شكلت لسنوات معقلاً لتنظيم الدولة الإسلامية. كما تسيطر على أجزاء من ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، وعلى نصف محافظة دير الزور. تقع تحت سيطرتها أبرز حقول النفط السورية وبينها العمر، وهو الأكبر في البلاد، والتنك وجفرا في دير الزور، فضلاً عن حقول أصغر في الحسكة والرقة، وكذلك حقلا كونيكو للغاز في دير الزور والسويدية في الحسكة. وتنتشر قوات أميركية ضمن التحالف الدولي في قواعد عدة في مناطق سيطرة الأكراد، كما تتواجد في جنوب سوريا في قاعدة التنف التي أنشئت في العام 2016، وتقع بالقرب من الحدود الأردنية العراقية، وتتمتع بأهمية استراتيجية كونها تقع على طريق بغداد دمشق. تركيا والفصائل منذ العام 2016، شنّت تركيا مع فصائل سورية موالية لها عمليات عسكرية عدة في شمال سوريا، مستهدفة خصوصاً المقاتلين الأكراد لإبعادهم عن حدودها. وتسيطر القوات التركية والفصائل الموالية لها على شريط حدودي يمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في ريفها الغربي، مروراً بمدن رئيسية مثل الباب وأعزاز. كما يسيطرون على منطقة حدودية منفصلة بطول 120 كيلومتراً بين مدينتي رأس العين وتل أبيض الحدوديتين. وتضم الفصائل الموالية لأنقرة والمنضوية في ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، مقاتلين سابقين في مجموعات معارضة، مثل جيش الإسلام الذي كان يعد الفصيل المعارض الأبرز قرب دمشق. ومن بين الفصائل، مجموعات تنشط أساساً في الشمال مثل فصيل السلطان مراد، وأخرى برزت مع العمليات العسكرية التركية وبينها فصيلا الحمزة وسليمان شاه. هيئة تحرير الشام خسرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) مناطق عدة تدريجياً على وقع عمليات عسكرية للحكومة السورية بدعم روسي. وباتت اليوم تسيطر على نحو نصف محافظة إدلب وأجزاء محدودة من محافظات حلب وحماة واللاذقية المحاذية. وتتواجد في المنطقة أيضاً فصائل مقاتلة أقل نفوذاً فضلاً عن مجموعات جهادية أخرى تراجعت قوتها تدريجياً مثل "الحزب الإسلامي التركستاني" الذي يضم مقاتلين من الأويغور.تنظيم الدولة الإسلامية بعدما سيطر عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق، مني التنظيم المتطرف بهزائم متتالية في البلدين وصولاً الى تجريده من كل مناطق سيطرته عام 2019. ومنذ ذلك الحين قتل 4 زعماء للتنظيم، لكن عناصره المتوارين لا يزالون قادرين على شنّ هجمات، وإن محدودة، ضد جهات عدّة. وغالباً ما يتبنى هجمات ضد القوات السورية في منطقة البادية الشاسعة المساحة وغير المأهولة بمعظمها والتي انكفأ إليها مقاتلوه.للمزيد: أين توجد القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط؟(أ ف ب)