تساؤلات كثيرة تُحيط بوضع قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة بين إسرائيل وحركة "حماس"، فقد تعرض لحرب مدمّرة هي الأشد على الإطلاق منذ أعوام عدة، خلفت دمارًا هائلًا وعشرات الآلاف من الضحايا والجرحى والنازحين.بات خيار أهالي غزة من جراء هذه الحرب الموت من القصف، أو الموت من الجوع والأمراض، وجاء إبرام الهدنة المؤقتة التي مددت ليومين إضافيين بعد انتهاء الأيام الأربعة بمثابة شعاع الأمل وسط الردم والألم الذي لا ينتهي، فكانت هذه الخطوة محاولة من قبل الوسطاء للتخفيف من التصعيد، وإيجاد حلول سياسيّة لوقف إطلاق النار بين الجانبين. وأمام مشهد تمديد الهدنة المؤقتة، تطرح العديد من التساؤلات حول إن كانت هذه الهدن المتتالية هي الخطوة الأولى لإنهاء الحرب على غزة، أم المقبل سيكون أكثر قساوة وضراوة؟ورجح تقدير موقف صادر عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن هجوم "طوفان الأقصى" وما تلاه من حرب إسرائيلية على غزة، تسبب في شعور بالتهديد الوجودي، وذلك شكل أساس التأييد الشعبي وإجماعًا واسعًا لأهداف الحرب والجيش الإسرائيلي، وهذا يعني بأن الحرب مع غزة قد تستمر لفترة طويلة وربما لأشهر عدة، وبدرجات متفاوتة من الشدة حسب الظروف، ولربما تحدث أعطال شديدة وهبوط وصعود في الإنجازات والأضرار.غير أنّ الحرب الطويلة إذا أضحت معقدة، وتوسعت إلى جبهات إضافية، ستشكّل تحديًّا كبيرًا لقدرة الإسرائيليين على الصمود، ما قد يقوض حالة الالتفاف الجماهيري، ويؤدي إلى تآكل محتمل للدعم الشعبي للمجهود الحربي. من جانبه، أكد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، استئناف الجيش الإسرائيلي القتال بكثافة أكبر وسيعمل في جميع أنحاء غزة، بُعيد انتهاء فترة الهدنة، وهذا يدل على الرغبة الإسرائيلية العارمة في مواصلة الحرب حتى تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها، إلا أن هناك العديد من الأصوات الشعبية والرسمية الإسرائيلية تطالب بإنهاء الحرب على غزة، بالتزامن مع الحراك الأميركي والأوروبي والعربي لتحقيق وقف الحرب. سيناريوهات ما بعد الهدنةوحول أبرز السيناريوهات المطروحة حول مصير قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة المؤقتة يتوقع الباحث والمحلل السياسي محمد الحوراني، أن تكون هناك مرحلة تالية من الحرب في غزة خاصة في جنوب قطاع غزة، "ستكون أصعب وأكثر إثارة للجدل بعد انتهاء الهدنة"، معتبرًا أن ما يجري الآن "لحظات سلام نادرة بعد أسابيع من المعاناة".وأشار الحوراني في حديثه مع منصة "المشهد" إلى أن التوجه الإسرائيلي واضح بمواصلة الحرب على غزة، لذلك يجب على كل الأطراف أن تسعى إلى إدامة هذه الهدنة وصولًا إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وإنهاء الظلم والمعاناة عن الغزيين، بجهود عربية دولية".ويتابع حول السيناريوهات التي تنتظر غزة: "هنالك قوى غربية بدأت وبشكل مبكر للبحث في سيناريوهات ما بعد العدوان على غزة وحتى قبل الهدنة، كانت أفكارًا مبدئية تعلقت فقط في قطاع غزة إدارة المعابر، من خلال القوات الدولية أو القوات عربية أو عودة السلطة الفلسطينية، أولًا السلطة موجودة هناك عبر الوزارات الصحة والتعليم وغيرها، ولكن الأمر يتعلق بمَن يحكم غزة فيما بعد".ويستكمل الحوراني قائلًا "لذلك جاءت طروحات حول نشر القوات الدولية أو العربية، لكن الدول العربية رفضت ذلك، ومنظمة التحرير الفلسطينية أكدت أن الحل يجب أن يكون شاملًا فيما يتعلق بالقدس والضفة الغربية وغزة، تجاه إنهاء الاحتلال، وإيجاد مسار سياسي زمني محدد لحل هذا الموضوع". ويشير الحوراني إلى ضرورة الانتباه إلى فكرة أن إسرائيل يمكن أن تتعامل مع صيغة ما لاستمرار الحكم في غزة، ما دام مفصولًا عن الضفة الغربية. إسرائيل تواجه ضغوطا دولية المحللة السياسية الإسرائيلية ساريت كوهين، وفي حديث خاص مع منصة "المشهد" ترى أنه "يجب على إسرائيل مواصلتها الحملة البرية نحو جنوب قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة إذا ما أرادت إسرائيل تحقيق أي إنجاز يفضي إلى تقويض حكم حماس في غزة وجوديًا وعسكريًّا وسياسيًّا".وذكرت كوهين أنه يجب على قادة المستوى السياسي بقبول خطة المستوى العسكري واستمرار القتال والمعارك البرية نحو الجنوب، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي سيواصل حملته البرية وقتاله في جنوب غزة عند انتهاء الهدنة.وقالت: "عندما يحدث ذلك سوف يتم القضاء على قدرات حركة "حماس" العمل كقوة عسكرية منظمة، وبالتالي انهيار أنظمة حكمها التي تسيطر بها على غزة".ولكن في ظل الضغوطات والمساعي الدولية التي تمارس على إسرائيل لتمديد الهدنة، وإتمام مراحل جديدة من صفقة التبادل بهدف وقف إطلاق النار، تتخوف كوهين "من احتمالية تعليق قرار استمرار الحملة البرية الإسرائيلية على غزة، وبالتالي إمكانية الحسم.وأضافت: "هذه الحرب بالنسبة لإسرائيل استقلالًا ووجودًا لتحديد مصيرها ومستقبلها في الشرق الأوسط، ولهذا السبب لا يجب على الجيش الإسرائيلي أن يوقف حملته البرية في غزة، ولا يوقف النار، من أجل تحقيق أهداف الحرب، لضمان الأمن والأمان في إسرائيل وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر". وأكدت كوهين أنه بالتزامن مع غياب الأفق السياسي لحكومة نتانياهو بما يتعلق بمستقبل قطاع غزة خصوصا ما بعد انتهاء الحرب هذا يعني بأن المجتمع الدولي سيعمل على استئناف مفاوضات حل الدولتين، وبذلك حركة حماس لن تختفي بعد أن تتوقف الحرب".(المشهد)