حرائق الغابات والزلازل الأكثر انتشارا خلال السنتين الماضيتين، والفيضانات، تعدّ على قائمة الكوارث التي وقعت في الجزائر 70% من هذا المبلغ يوجّه لإصلاح مخلّفات الفيضانات.وتتعرض الجزائر على غرار بلدان العالم، للعديد من المخاطر مثل الفيضانات وحرائق الغابات والزلازل، وغيرها من الكوارث. التي كبّدت الخزينة العمومية خسائر مادية ضخمة تجاوزت أكثر من 3000 مليار سنتيم، بحسب الإحصائيات الرسمية الأخيرة.ولعلّ أبرز هذه الكوارث الطبيعية، ما ضرب الجزائر من حرائق خلال السنتين الماضيتين، شكلت أيامًا رمادية على الجزائريين، قتلت وأحرقت وخنقت وزادت في درجات الحرارة التي كانت قياسية أصلًا. حيث سُجلت حينها خسائر فادحة للغاية، دمرت الغابات أكثر من 89000 هكتار في 35 محافظة في البلاد، وتم إحصاء ما مجموعه 1186 حريقًا، ما تسبّب في مقتل ما لا يقل عن 90 شخصًا، من بينهم 33 عسكريا، وفقًا لتقييمات السلطات المحلية.حلول مستعجلةكانت الجزائر قد بادرت إلى شراء طائرة قاذفة للمياه، واستئجار 6 طائرات أخرى خلال الأيام القادمة، وذلك في إطار الاستعداد لمواجهة أيّ حرائق محتملة خلال موسم الصيف.وأوضح وزير الداخلية الجزائري بداية شهر مايو، خلال جلسة علنية لمجلس الأمة، خُصصت لطرح الأسئلة الشفهية على عدد من أعضاء الحكومة، أنّ "وزارة الدفاع الجزائرية الوطنية، باشرت الإجراءات اللازمة لاقتناء 4 طائرات روسية الصنع، والتي كان من المفترض استلامها لولا تداعيات الأزمة في أوكرانيا"، مضيفا أنه "سيتمّ استلام طائرة في الأسابيع القليلة المقبلة، إلى جانب استئجار 6 طائرات أخرى مرفقة بطاقم تقني خلال الأيام المقبلة، إلى جانب إطلاق مناقصة لشراء 6 طائرات متوسطة الحجم متخصّصة في إطفاء الحرائق، تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية".وأشار في هذا الإطار إلى "إنشاء 50 فرقة للدعم والتدخل الأولي، متخصصة في الإنقاذ تحت الردوم، تضم أكثر من5 آلاف عنصر للتدخل بين 2 و12 ساعة، و فرق أخرى للبحث والإنقاذ في الأماكن الحضرية، تتكون من 86 عنصرا لكل فرقة".من جانبه يرى الخبير في الموارد المائية والتنمية المستدامة الدكتور هشام، في تصريح لمنصة "المشهد"، أنّ الجزائر تحرص على تعزيز القدرات المادية والبشرية لجهاز الحماية المدنية، من خلال تزويده بالعنصر البشري المتخصص، والوسائل اللازمة لأداء مهامّه، مع ضمان توزيع وحداته على مستوى مختلف ولايات الوطن، خصوصا المتطوعين خلال موسم الاصطياف".وتابع المتحدث "بأنّ إنشاء أحواض مائية للاستعانة بها في إطفاء الحرائق، وكذلك فتح المسالك والخنادق الغابيّة، سيساعد في التحكم في الحرائق المحتملة"، حيث تحصي المديرية العامة للغابات في الجزائر، 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و748 ورشة عمل بتعداد 8294 عنصرا قابل للتجنيد في حالة الضرورة القصوى، تم تزويدها بالوسائل اللازمة، منها 3523 نقطة مياه، و324 شاحنة مخصصة للحرائق، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه بحسب وزير الداخلية الجزائري.ميزانيات ضخمة لمواجهة الكوارث من جهته أعلن رئيس الحكومة الجزائرية، أنّ بلاده خصصت أكثر من 225 مليون دولار لمواجهة الكوارث الطبيعية، خصوصا الفيضانات والزلازل وحرائق الغابات، وذلك خلال السنوات الـ15 الماضية، مشيرا إلى أنها قدمت مؤخرا مبادرة على الصعيد القاري بإنشاء آلية إفريقية للوقاية من أخطار الكوارث، من أجل استحداث قوة مدنية قاريّة، للتأهب للكوارث الطبيعية والاستجابة لها.وأوضح رئيس الحكومة الجزائرية، أيمن عبدالرحمن، في كلمة ألقاها خلال افتتاح "الملتقى الدولي حول الحدّ من مخاطر الزلازل"، الذي نظمته وزارة السكن الجزائرية، في الجزائر العاصمة، والمنعقد تحت رعاية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أنّ 70% من هذا المبلغ، موجّه لإصلاح مخلفات الفيضانات.وأضاف عبد الرحمن، أنه بالرغم من أنّ الفيضانات تعدّ على رأس قائمة الكوارث التي وقعت في الجزائر منذ سنة 1950، إلا أنّ الزلازل كانت الأكثر كلفة من الناحية الاقتصادية.وأشار إلى أنّ التكلفة الاقتصادية للزلازل، بلغت ما يقارب 10 مليارات دولار، في حين تقدّر خسائرها البشرية بـ6 آلاف و771 وفاة، مع تضرر نحو 1.4 ملايين شخص.آلية إفريقية للوقاية من أخطار الكوارثوذكر الوزير في هذا السياق، بأنّ الجزائر بادرت مؤخرا على الصعيد القاري، إلى إنشاء آلية إفريقية للوقاية من أخطار الكوارث، من أجل استحداث قوة مدنية قارية للتأهب للكوارث الطبيعية والاستجابة لها، قصد ضمان تكفّل فعلي وآني، وتقديم الدعم الضروري للبلدان الإفريقية المتضررة.ولفت رئيس الحكومة الجزائرية، إلى أنه جاري العمل على تفعيل المركز العربي للوقاية من أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى، ومقره في الجزائر، والتابع لجامعة الدول العربية، ما سوف يسمح بالرفع من إسهامه في مجالات البحث العلمي المطبّق في مجال الوقاية من أخطار الزلازل، وتبادل الخبرات بين الدول العربية، ونقل التكنولوجيات المتطورة عالميا للدول العربية وتطبيقها.وأكد عبد الرحمن، أنّ التزايد "غير المسبوق والمقلق" الذي يشهده العالم في الآونة الأخيرة، من كوارث وظواهر قصوى، ومن زلازل وفيضانات وأعاصير، وحرائق وتصحّر، ومخاطر جيولوجية، يستدعي المزيد من رفع التحديات وبذل المجهودات لاحتواء آثارها.إستراتيجيات حديثة ويقول الخبير في الهندسة المقاومة للزلازل والكوارث الطبيعية، عبد العزيز حميدي في تصريح لمنصة "المشهد"، أنّ الانطلاق في تحيين النظام الجزائري المضاد للزلازل RPA خلال سنة 2023، تقنية مهمة جدا، خصوصا لناحية إدخال أحدث التكنولوجيات المستعملة في البناء لمقاومة الزلازل، ومنها تقنية العزل الزلزالي وأجهزة امتصاص الصدمات، على غرار ما تم استعماله في منارة جامع الجزائر".كما أشار المتحدث إلى "أنّ دراسة الأنسجة العمرانية الهشّة بمختلف المحافظات، ودراسة التقسيم الزلزالي في المناطق الحضرية، ومواصلة تقييم المخاطر عبر 40 محافطة أخرى، إضافة إلى فرض إلزامية إعداد ملفات تراخيص البناء من قبل مهندس معماري معتمد، سيُزيل العديد من العراقيل المحتملة".كما يجدر الإشارة إلى أنه تمت مضاعفة الشبكة الوطنية للأجهزة المستعملة في رصد وتسجيل الموجات الزلزالية، حيث يبلغ عددها حاليا 570 منصة في الحقول المفتوحة، وعلى بعض الهياكل مثل السدود، مع تزويد مخبر المركز الوطني للبحث، المطبّق في هندسة الزلازل CGS بطاولة اهتزازية من آخر طراز، للقيام بمختلف عمليات المحاكاة على المباني، بالإضافة إلى مرافق الاختبار الديناميكي الأخرى.(الجزائر - المشهد)