كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية في تحقيق صحفيّ عن روايات قاسية للغاية، لنساء فلسطينيات أُجبرن على النزوح من مدينة غزة إلى جنوب القطاع هربًا من الهجوم الإسرائيلي، إذ تحدّثن عن ترك أفراد من أسرهم خلفهم ليسيروا على الأقدام أكثر من 20 كيلومترًا. وبعد أن حوصرن في مبنًى لأكثر من أسبوع في أحد أحياء مدينة غزة من قبل القوات الإسرائيلية، قالت مجموعة من النساء الفلسطينيات لشبكة "سي إن إن"، إنهنّ أُجبرن على الفرار جنوبًا مع أطفالهن، تاركين وراءهنّ أفرادًا آخرين من الأسرة. وقالت إحدى النساء، إنه لم يكن أمامها خيار سوى ترك زوجة أبيها المسنة على الشاطئ، والتي كانت تخشى أن تتعرض لهجوم من الكلاب التي كانت تجوب المنطقة منذ ذلك الحين. وتحدثت الشبكة الأميركية مع النساء الـ4 في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط غزة، حيث وصلن في 3 فبراير مع أطفالهنّ البالغ عددهم 16 طفلًا، وتتراوح أعمارهم بين 9 أشهر إلى 12 عامًا، بعد المشي لمدة 8 ساعات تقريبًا تحت الأمطار. وفي مقابلات موسعة، أشارت النساء إلى أنّ القوات الإسرائيلية اختطفت أزواجهنّ وأبناءهن، وأقاربهنّ الأكبر سنًا من المبنى السكنيّ الذي كنّ يحتمين به في مدينة غزة، واتهموا أيضًا الجيش الإسرائيليّ بتفجير المبنى ومبانٍ أخرى قريبة. وأظهر مقطع فيديو تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي في 4 فبراير، المبنى السكنيّ الذي قالت النساء إنهنّ كنّ يحتمين به تحت الأنقاض. وأكد مالك المبنى، عبد الله وائل تم تدميره قبل ما يزيد قليلًا عن أسبوع، وأنّ الفيديو حقيقي. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في بيان الخميس الماضي، إنّ القوات الإسرائيلية تنفذ عمليات هدم للمباني السكنية، وغيرها من المباني المدنية في جميع أنحاء القطاع، بما في ذلك مدينة غزة. وتعرّض حيّ الرمال الراقي في مدينة غزة للدمار، بسبب حملة القصف المكثفة التي شنتها إسرائيل ردًا على هجمات "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر. وقد أدت الغارات الجوية شبه المستمرة إلى تقليص حجم المنطقة التجارية التي كانت تنبض بالحياة في المدينة، مع مكاتبها ومنشآتها الفاخرة. وفر عشرات الآلاف من الأشخاص من المدينة على شكل موجات منذ بدء القصف في أواخر يناير الماضي، حيث قُتل عشرات الأشخاص في غارات جوية على المدينة قبل أن تقتحمها القوات الإسرائيلية."كنا نشرب المياه المالحة"وقالت إسراء حسن أحمد الأشقر، إنّ المجموعة ظلت لمدة أسبوع كامل محاصرة في المبنى السكنيّ في الرمال، لقد "أرهبنا الجيش الإسرائيليّ وأرهب الأطفال. حاصرونا لمدة أسبوع كامل". وقالت إنهم لم يكن لديهم ما يأكلونه أو يشربونه، "لا يوجد شيء في المنزل، بالكاد تجد بعض الماء، وكانت مياه مالحة. كانت مالحة. شربناها، وأطفالنا. لم نتمكن من إصدار أيّ أصوات،. لذا لم يعرفوا أننا كنا هناك". وقالت هدى حرب، وهي إحدى النساء اللاتي وصلن إلى المستشفى، إنه عندما وصل الجنود الإسرائيليون أخيرًا إلى المبنى الذي كانوا يختبئون فيه، اقتحموه على الرغم من قولها إنّ هناك أطفالًا بالداخل، "فتحنا لهم الباب وطلبنا منهم عدم إطلاق النار. قلنا لهم إنه ليس لدينا سوى أطفال، لكنهم استمروا في إطلاق النار".وأضافت أنه عندما طُلب منهم المغادرة، قالت القوات الإسرائيلية إنّ المبنى سيتم تفجيره في غضون 10 دقائق. وذكرت الأشقر أنهم في البداية لم يرغبوا في مغادرة المبنى، لكنّ الجيش الإسرائيليّ بدأ قصفًا مكثفًا في المنطقة المجاورة، لقد "دمروا مدخل المبنى وصعدوا إلى الطابق العلوي. أخذوا كل الرجال". وزعمت أنّ القوات الإسرائيلية قامت بضرب الرجال في المبنى وتجريدهم من ملابسهم، "كانوا يتجمدون، وكانوا يرتدون ملابسهم الداخلية فقط. وبعد ذلك طلبوا منّا جميعًا، جميع النساء، النزول إلى الطابق السفلي". وأكدت الأشقر أنّ القوات الإسرائيلية زرعت متفجرات في المباني التي كان الناس يحتمون بها، "سمعنا المنازل تنهار على رؤوس الناس. وكانوا على وشك دفننا أيضًا، لكننا توسلنا إليهم أن يسمحوا لنا بالخروج. سمحوا لنا بالخروج وأخذوا الرجال في الدبابات. قالوا لنا أن نتوجه نحو البحر إلى رفح"."كل الشوارع مدمرة"وطلبت شبكة "سي إن إن" من الجيش الإسرائيليّ التعليق على الادعاءات التي قدمتها النساء، لكنه قال إنّ القوات الإسرائيلية كانت تعمل في معاقل "حماس" كجزء من جهودها لتفكيك القدرات العسكرية للجماعة وإنقاذ الأسرى الإسرائيليّين. وقال الجيش الإسرائيليّ إنّ قواته كانت تقوم بإجلاء المدنيّين من مناطق القتال إلى مناطق أكثر أمانًا، وإنّ هجماتهم نُفّذت بناءً على معلومات استخباراتية حول البنية التحتية. وتحدثت ولاء عبد الرحيم شعبان، عن مدى صعوبة الرحلة جنوبًا من الرمال، حيث كان عمها يعاني مرض السرطان إلى جانب شخصين من ذوي الإعاقة يحتاجان إلى كراسي متحركة، قائلة إنّ 7 أشخاص من المجموعة وصلوا إلى دوار الميناء على الساحل، لكنهم لم يتمكنوا من التقدم أكثر، ولم تتمكن جمعية الهلال الأحمر الفلسطينيّ من الوصول إليهم. وأضافت: "كان أطفالي يسيرون طوال اليوم تحت المطر. لقد أمضينا أكثر من 8 ساعات في المشي من دون أحذية وملابس. لم يسمحوا لنا بأخذ أيّ شيء". ووصفت إسراء حسن أحمد الأشقر الدمار أثناء سيرهم على طول الشريط الساحلي، "كل الشوارع مدمرة". وقدمت ولاء عبد الرحيم أيضًا رواية مشابهة جدًا لتفاعلهم مع القوات الإسرائيلية، قائلة إنّ أختها، وهي طبيبة، وشقيقيها وزوجها قد تم اقتيادهم بعيدًا، ولا تعرف ماذا حدث لهم حتى الآن. (ترجمات)