في ظل التطورات الميدانية المتسارعة في سوريا، طالبت تنظيمات موالية لإيران الحكومة العراقية، إرسال قوات إلى سوريا لدعم الجيش السوري في مواجهته للفصائل المسلحة. الحكومة العراقية قلقة من تكرار سيناريو عام 2014، عندما أدت الأوضاع في سوريا إلى تسلل الجماعات المسلحة إلى العراق، والسيطرة على مناطق واسعة منها. وتتخوف الحكومة العراقية من جهة أخرى، من أن تكون أذرع إيران في العراق على لائحة بنك الأهداف الإسرائيلية في المرحلة المقبلة.وبين الهجوم الإسرائيلي المحتمل وتصعيد الفصائل التابعة لإيران، خيّمت حالة من القلق في العراق، وسط تساؤلات من أن تنجر البلاد إلى مستنقع الصراع الإقليمي؟ والتساؤل هنا، هل ستكرر إسرائيل ما فعلته في لبنان، على الساحة العراقية؟تجربة صعبةللوقوف على آخر المستجدات في هذا الصدد، قال الباحث في الشؤون السياسية والأمنية سرمد البياتي لبرنامج "استوديو العرب" على قناة "المشهد": "الخطر الذي يستشعره العراق حاليًا بسبب الأحداث الأخيرة في سوريا، نابع من التجربة الصعبة التي مرّ بها في عام 2014، وشخصيًا، لا ألوم القوى السياسية العراقية ولا حتى القوى التي تحمل السلاح في الداخل العراقي من الخوف على البلاد من تكرار أحداث عام 2014".وأضاف البياتي: "المناطق التي دخل لها "داعش" سابقًا في العراق، تتميز الآن بحركة إعمار كبيرة وحركة استثمارات قوية، لذلك أصبح المواطن العراقي يفكر فقط بكيفية بناء محافظته ومدينته، ولا يحبذ حركات التهجير التي حدثت سابقًا".وتابع: "لقد أرسلنا 7 ألوية إلى الحدود منذ بدء المواجهات في سوريا، وكانت هيئة تحرير الشام حينها على أبواب حلب، وبالنسبة للقوات السورية الديمقراطية، فنحن لدينا تحالفات معهم على الرغم من القتال الحاصل بينهم وبين الجيش السوري والعشائر السورية، لكن الطرفين لديهم علاقات جيدة مع العرب".واستطرد قائلًا: "بعض فصائل المقاومة في العراق تفكر بالاندفاع إلى سوريا لمساندتها، ولكن حكومة الإطار التنسيقي العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، وصلت إلى خلاصة مفادها أن الحكومة العراقية غير مسؤولة عن ما يجري في سوريا، حتى أن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض قال إن قطعات الحشد العسكرية لن تتحرك إلى سوريا للدخول في الصراع".الأمن الإقليميمن جهته، قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسين ريوران لقناة "المشهد": "في الواقع، دخول قوات الإرهاب من سوريا إلى العراق وتحديدًا إلى الموصل في عام 2014، وتقدمها بعد ذلك إلى أطراف بغداد، أظهر حقيقة واحدة، وهي أن الأمن الإقليمي كلّ لا يتجزأ، بالتالي عندما يتمدد الإرهاب من إدلب إلى حلب إلى حماة".وأضاف روريران "من المحتمل أن يتمدد بكل بساطة إلى أماكن أخرى، وهذا يهدد دون أدنى شك الأمن القومي في العراق والأمن القومي في إيران وحتى في تركيا، التي دعمت هذه التيارات المتشددة، مع أنها هي أيضا معرضة للتهديد من قبل نفس هذه التنظيمات". وتابع قائلًا: "من يعتقد أن أحداث سوريا محلية ومرتبطة فقط بسوريا ولا علاقة لها بالعراق أو إيران أو الأمن الإقليمي، يرتكب خطأ فادحًا جدًا، وإيران قالت إنها ستقوم بدراسة أي طلب سوري في إرسال قوات إلى سوريا لمواجهة الإرهاب، والعديد في الداخل العراقي، يتداولون بالحديث عن أن الأمن العراقي بات مرهونًا بمواجهة الإرهاب".وعند سؤاله عن نية إسرائيل في دخوا الصراع في سوريا، قال ريروان: "نعم، يمكن أن تتدخل أو تنخرط إسرائيل في ضرب الجيش السوري وحلفائه، وأن تكون بشكل علني إلى جانب الإرهابيين و"جبهة تحرير الشام"، ولكن أتصور أن هذا صعب، لأن الجيش الإسرائيلي منهك بسبب الحرب في غزة ولبنان، وهذا ما قاله نتانياهو الذي أعلن أيضًا أن هناك شح في الصواريخ لدى إسرائيل".تصريحات الجولانيوفي سياق متصل، وجه زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ودعاه إلى النأي بالنفس، وعدم التدخل في الصراع"، بالإضافة لعدم السماح لقوات من "الحشد الشعبي" بالتدخل في سوريا.وقال الجولاني في فيدو نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "أشد على يده بأن ينأى العراق بأن يدخل بأتون حرب جديدة مع ما يجري في سوريا التي فيها شعب ثار ضد النظام، ويدافع عن نفسه واسترداد حقوقه من النظام الذي قتل النساء والأطفال".وجاءت هذه التصريحات بعد إعلان مسلحين سوريين معارضين أنهم دخلوا مدينة حماة. في المقابل، يتصدّى الجيش السوري "بشراسة" لهجوم الفصائل المعارضة باتجاه مدينة حماة، رابع كبرى مدن البلاد، وفق ما أفاد المرصد السوريّ لحقوق الانسان الخميس، على وقع اشتباكات عنيفة بين الطرفين يتخللها غارات وقصف صاروخيّ ومدفعي.(المشهد)