يشهد العراق مرحلة سياسية وعسكرية جديدة، متمثلة بتشكيل لجنة عسكرية عليا تتولّى مفاوضات إنهاء مهمة التحالف الدولي، بعد عقد من بدايتها، ونجاحها بحسب بغداد، في القضاء على تنظيم داعش بالتعاون مع القوات الأمنية والعسكرية العراقية.ونصّ الاتفاق بين بغداد وواشنطن، على إطلاق مجموعات عمل في إطار اللجنة العسكرية العليا لدراسة مستقبل التحالف الدولي، في ضوء الخطر الذي يشكّله تنظيم داعش، ومستوى قدرات القوات الأمنية العراقية.وبحسب الخارجية العراقية: ستتولى مجموعات العمل صياغة جدول زمني يحدد مدة وجود مستشاري التحالف الدولي. ومباشرة الخفض التدريجي المدروس لهم على الأراضي العراقية.في المقابل صرّح مسؤولون أميركيون لوسائل إعلام عراقية أن اللجنة العسكرية ستجري تقييماً لإعادة تشكيل العلاقة مع بغداد، لكن ليس هناك انسحاب وشيك للقوات الأميركية.الانسحاب الأميركي من العراقوحول مستقبل العراق الأمني بعد الانسحاب الأميركي التدريجي، قال الكاتب والباحث في الشؤون الكردية والعراقية كفاح محمود لمنصة المشهد إنه "لا يوجد في طيات الاتفاق العراقي الأميركي، انسحاب كامل، بل هي جدولة وتحويل عمل القوات الأميركية، من مستشارين وفنيين وبعض الجنود، إلى قوات أمنية تختص بالجانب الأمني".وأوضح محمود أن: جولات المباحثات بين الجانبين الأميركي والعراقي، ستذهب إلى توقيع اتفاقات تشبه إلى حد ما، الاتفاقات التي وقّعت بين دولة الكويت والولايات المتحدة، والتي خرجت بموجبها القوات الأميركية مع بقاء مجاميع من الفنيين والمستشارين.أرى أن تلك الاتفاقيات تضمن السيادة، وتعزّز العلاقات الاقتصادية والعلمية والثقافية، ناهيك عن تكوين بيئة سياسية وأمنية جديدة. وحول إمكانية تدخل دول الجوار خصوصا إيران بعد تنفيذ الاتفاق، قال محمود إن "الصراع الدائر منذ سنوات عدة بين الولايات المتحدة الأميركية والنظام الإيراني الحاكم الآن، لها أوجه عدة، حيث وسّعت إيران في الفترة الأخيرة مجالها الحيوي ليس فقط في العراق، بل في اليمن وسوريا ولبنان، لكن ليس عبر إرسال قوات إيرانية بل استخدمت مرتزقة، حولتهم إلى ميليشيات تعمل لصالحها، وهم بالتأكيد تحت سيطرة وتوجيه وتسليح الحرس الثوري الإيراني، هذا النوع من الصراع يستمر سنوات طويلة، ويجعل لإيران قوة بشرية على الأرض، وهذا هو المشهد اليوم".كردستان محصّنة وفيما يخص تأثر إقليم كردستان بإنهاء مهمة التحالف الدولي، وخفض الوجود الأميركي في العراق، قال محمود: أعتقد أن الاقليم لن يواجه اشكاليات معقدة، خصوصا أن الكردستانيين والعراقيين يعلمون أن واحدة من أكبر القنصليات الأميركية خارج الولايات المتحدة موجودة في أربيل عاصمة إقليم كردستان، كما هو حال السفارة الأميركية في بغداد هي الأكبر على مستوى العالم. كما أن اقليم كردستان محمي بقرار مجلس الأمن رقم 688 عام 1991، الذي يضمن أمن كردستان، ويمنع وجود أي قوات عراقية سواءً في الجو أم في البر على أراضي الإقليم. وحول العلاقة بين أربيل وبغداد، قال محمود إن هناك العديد من الملفات العالقة، أهمها قانون النفط والغاز، أيضاً تسليح وتطوير عمل البيشمركة كونها جزءا من المنظومة العسكرية، وما يتعلق بالجزء الثاني من البرلمان العراقي، وهو المجلس الاتحادي وغيرها، أكثر من 50 مادة من الدستور معطّلة، خصوصا تلك المتعلقة بإقليم كردستان. وأوضح محمود أن سبب تعطيلها، هو عدم تطبيق مبدأ الشراكة، حتى في ظل حكومة السوداني، علماً أن العلاقة بين السوداني والقيادة الكردية، علاقة إيجابية، مضيفاً أن السوداني "يعمل بشكل جدي لكن يبدو أن مساحته ضيقة في الحركة، بسبب الضغط الكبير الذي يتعرض له، من قبل القوى المتنفذة داخل الحكومة، خصوصا الفصائل المسلحة المدعومة من قبل كتل سياسية نافذة في البرلمان العراقي، معظمها من الفعاليات السياسية الشيعية".تعليق عمل اللجنة العسكرية من جانبه، قال رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في جامعة الكتاب، الدكتور مهند الجنابي لمنصة "المشهد" إن "عمل اللجنة العسكرية العليا لن يستمر طويلاً، ومهامها ستعلّق في المستقبل القريب، لكن في حال استمرار عملها، فإن الوضع الأمني بعد الانسحاب التدريجي لقوات التحالف الدولي، سيكون هشاً في العراق، وربما يسبب عودة محدودة لتنظيم داعش.أما فيما يتعلق بالشق الاقتصادي يشرح الجنابي: المحادثات العراقية الأميركية أكدت على التزام البلدين باتفاقية الإطار الاستراتيجي، والانتقال إلى جوانب أخرى في مسألة التعاون، على رأسها الجانب الاقتصادي، لأن العراق امتثل إلى مطالب الخزانة الأميركية.النظام النقدي العراقي سيحرّر نفسه من تأثير الجماعات التي تعمل على غسيل الأموال وتهريب الدولار. الفصائل ستُهاجموفي إطار رده على سؤال حول إمكانية توقف نشاط الفصائل المسلحة بعد الانسحاب الأميركي قال الجنابي إن هذه الفصائل ستبقى مصدر تهديد للأمن الوطني العراقي، لأنها "تترجم ما تطلبه إيران منها، وتحقق منافع سياسية واقتصادية، لذلك لن تتخلى عن سلاحها، أو عن عملياتها بعد الانسحاب الأميركي، وستهاجم مرة أخرى تحت ذريعة جديدة، وهي إخراج القوات الأميركية ليس فقط من العراق بل من كامل المنطقة". وتعرّضت القواعد العسكرية الأميركية في العراق إلى أكثر من 150 هجوماً من قبل الفصائل العراقية المسلحة، التي طالبت الحكومة العراقية بإنهاء مهمة التحالف الدولي، وإخراج القوات العسكرية الأميركية من العراق، وذلك على خلفية وقوف واشنطن إلى جانب إسرائيل في حربها ضد "حماس" في غزة منذ 7 أكتور الماضي. (المشهد)