"عودوا إلى بلدانكم، وسندفع لكم آلاف الدولارات"، خطوة مثيرة للجدل أعلنتها الحكومة السويدية مؤخرًا، لتواجه الأعداد المتزايدة للمهاجرين، تزامنًا مع حالة من الاستنفار تعيشها دول منطقة شنغن، بعدما شددت 8 دول أوروبية إجراءات الدخول عبر حدودها البرية، وعلى رأسها ألمانيا. وبالعودة إلى السويد، قالت حكومة البلاد إنها ستبدأ بعرض ما يصل إلى 34 ألف دولار على بعض المهاجرين، مقابل العودة إلى بلدانهم الأصلية بداية من عام 2026.أزمة الهجرة في أوروباواعتبر وزير الهجرة السويديّ أنّ بلاده تواجه اليوم تحولًا نموذجيًا في سياسة الهجرة، مبرزًا أنّ الخطوة الجديدة ستجذب خصوصًا المهاجرين العاطلين عن العمل لفترة طويلة، أو المعتمدين على الرعاية الاجتماعية من الدولة. بالتزامن مع ذلك، وعلى وقع فشل المحادثات بشأن الهجرة بين الحكومة الألمانية والمعارضة، قررت برلين جمع العديد من اللاجئين في المناطق الحدودية، وقررت إعادتهم إلى دول الاتحاد الأوروبيّ المجاورة، مع تشديد إجراءات الدخول عبر حدودها البرية، وشرعت ألمانيا في عملية تفتيش عشوائية على حدودها مع فرنسا وهولندا وبلجيكا ولوكسنبورغ والدنمارك، في خطوة أثارت تساؤلات بشأن تأثيرها على امتيازات تأشيرة شنغن. واعتبرت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ الإجراء الألمانيّ قد يشكل إعلانًا لنهاية معاهدة شنغن، واختبارًا صعبًا لوحدة الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنّ الخطوة هي ذات طابع سياسيّ ويصعب تبريرها.المهاجرون.. سلعة سياسية وفي هذا الشأن، قال الخبير القانونيّ والحقوقيّ أنور البني لقناة "المشهد": "إنّ موضوع اللاجئين وموضوع الهجرة إلى أوروبا كما هو موضوع اللاجئين إلى دول الجوار، أصبح سلعة سياسية داخلية، وموضوع خطاب شعبويّ لحشد أصوات الناخبين، ونرى ما حققه اليمين في أوروبا وفي البرلمان الأوروبي، وفي ألمانيا وفرنسا وغيرها".وتابع البني قائلًا: "للأسف الشديد، التعامل مع قضية اللاجئين كان من الأساس تعاملًا خاطئًا اعتمد على السياسة وعلى مبدأ المشكلة الموقتة، ولم يتم التعامل مع القضية على أساس المشكلة الكبرى، وها نحن نشهد اليوم أمثلة كثيرة على ذلك، إذ يتم تحميل المسؤولية للاجئين ويتناسى السياسيون من كان السبب في هجرة هؤلاء، ومن كان السبب في هروب اللاجئين من بلدانهم".حشد أصوات الناخبينوأردف البني بالقول: "هناك محاولة واضحة لاستغلال قضية اللاجئين من أجل كسب أصوات الناخبين، لأنّ هذه القضية باتت جزءًا من السياسة الداخلية لكل بلد، ونرى ذلك في كل البلدان بما فيها تركيا ولبنان وغيرها، فالجميع يستخدم قضية اللاجئين للفوز بأصوات الناخبين ويرفعون أصواتهم في وجه اللاجئين، مع تحميلهم مسؤولية تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في بلدانهم".وعن المبلغ الماليّ الذي تنوي السويد دفعه للمهاجرين للعودة إلى بلادهم، قال البني: "العالم يتعامل بشكل خاطئ جدًا مع هذه القضية، ويعاقب الضحية مرة أخرى، وبالتالي من جاء بسبب اقتصاديّ ربما قد يستفيد من هذه المكافأة السويدية، ولكنّ معظم اللاجئين في أوروبا هربوا لسبب سياسيّ أو لسبب أمني، وهؤلاء مهما أعطتهم الحكومات من الأموال لن يعودوا وخصوصا السوريّين الذين إذا عادوا سيُقتلون في السجون وفي المعتقلات".وختم البني قائلًا: "مسألة المهاجرين ليست وقتية، بالتالي ينبغي التعامل مع الهجرة كمسألة إنسانية وليست كمسألة سياسية، فالسوريون لم يقصدوا أوروبا ليستفيدوا من منافعها وإنما هربوا من الظلم".(المشهد)