قال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبيّ جوزيب بوريل مؤخرًا: "نحن نعتقد فقط أنّ حل الدولتين الذي يُفرض من الخارج هو الذي سيجلب السلام". وأضاف بوريل موجّهًا كلامه إلى إسرائيل: "ما هي الحلول الأخرى التي لديهم؟.إنّ فكرة عقد مؤتمر دوليّ لحل الصراع ليست من اختراع بوريل، بل اقترحها الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس قبل أكثر من شهرين في محادثات مع وزير الخارجية الأميركيّ أنتوني بلينكن، وفقًا لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.وقال عباس إنّ مثل هذا التجمع، تحت رعاية دولية وخصوصا أميركية، يمكن أن يكون بمثابة دليل على أنّ الولايات المتحدة جادة في عزمها على دفع حل الدولتين قدُمًا. كما أنه سيمكن العملية من تلبية الشروط الأساسية التي طالبت بها السلطة الفلسطينية لتولي مسؤولية إدارة قطاع غزة بعد الحرب.إعادة تنشيط السلطة الفلسطينيةولم تبدِ الولايات المتحدة حتى الآن استعدادها للترويج لمثل هذا المؤتمر الدولي، الذي قد يضعها، بحكم انعقاده، على مسار تصادميّ متفجر مع إسرائيل. واشنطن، التي صاغت مصطلح "إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية "، لم تقدّم أيضًا خطة لمثل هذا التنشيط.ويفيد مسؤولون وصحفيون في السلطة الفلسطينية، أنّ المبعوثين الأميركيّين الذين التقوا بعباس، أثاروا له نقاطًا مختلفة، حول الحاجة إلى تعيين نائب بصلاحيات واسعة، وتخليص السلطة الفلسطينية من الفساد، وتجنيد قوات جديدة في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وشددوا أيضًا على أنه أيًا كان تشكيل السلطة الفلسطينية، فلا يمكن لـ"حماس" أن تكون شريكًا لها. وفي ما يتعلق بهذه النقطة الأخيرة، أجرى كبار مسؤولي "حماس" اتصالات غير رسمية مع كبار مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول كيفية انضمام "حماس" إلى منظمة التحرير الفلسطينية . إلا أنّ قيادة "حماس" رفضت حتى الآن الشرطين الأساسيّين اللذين طرحهما عباس لمثل هذه الخطوة: والشرطان بحسب السلطة الفلسطينية هما:تبنّي توجه سلميّ في مقاومة الاحتلال الإسرائيليّ بدلًا من الكفاح المسلح؛ والاعتراف بالقرارات الدولية، وخصوصًا اتفاقيات أوسلو، التي تعترف بحق إسرائيل في الوجود. وقد تم رفض هذه الشروط في يوليو الماضي عندما اجتمع رؤساء الفصائل الفلسطينية في مصر لدفع المصالحة قدُمًا. ولا علم بأيّ تغيير من أيّ نوع في موقف "حماس". وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الموقف الفلسطينيّ الرسميّ كان ولا يزال هو أنّ "حماس"، خلال الحرب وبعدها، جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وأنها كحركة يجب أن تكون ممثلة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. يشير هذا الموقف إلى تناقض أساسي: قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ليس لديها حل للخلافات الإيديولوجية حول الحل الدائم للصراع. وفي حين تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل، وتسعى إلى تحقيق حل الدولتين، فإنّ "حماس" تقف في مكان مختلف تمامًا، وفقًا للصحيفة الإسرائيلية."حماس" لا تشير إلى الشراكة مع السلطة الفلسطينيةوبعد أكثر من 3 أشهر من الحرب، أصدرت "حماس" وثيقة مكونة من 18 صفحة بعنوان "هذه روايتنا – لماذا طوفان الأقصى؟" في إشارة إلى هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر، والذي قُتل فيه ما لا يقلّ عن 1200 شخص في المجتمعات الإسرائيلية الحدودية مع قطاع غزة، وتم احتجاز أكثر من 200 شخص كأسرى.ولا توجد إشارة في الوثيقة إلى الشراكة مع منظمة التحرير الفلسطينية، أو إلى الحل الدبلوماسي، أو إلى أيّ استعداد للنظر في صيغة الدولتين. إنّ منظمة التحرير الفلسطينية مستعدة لتبنّي حلول دبلوماسية تتطلب تقديم تنازلات بشأن "الحق التاريخي" في السيطرة على كل فلسطين، بما في ذلك حق العودة لجميع اللاجئين الفلسطينيّين. وفي المقابل، ترى "حماس" أنّ تفضيل هذا الحق على أيّ دولة فلسطينية سيكون بمثابة خسارة للحقوق التاريخية. ولا يمكن لأيّ خطاب ملتوي أن يربط بين هذين الموقفين الإيديولوجيّين، اللذين منعا حتى الآن "حماس" ومنظمة التحرير الفلسطينية من إنشاء قاسم مشترك عمليّ وقابل للتطبيق، وقادر على توليد الإدارة المشتركة لدولة فلسطين التي سيتم إنشاؤها.وفي الوقت نفسه، ما دامت منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها، بما في ذلك قيادة السلطة الفلسطينية، تصر على الشراكة السياسية والمؤسسية مع "حماس"، فإنّ الدعوة إلى حل الدولتين ستظل معقّدة. وفي هذا الصدد، فإنّ الطلب الأميركيّ بأن تقوم السلطة الفلسطينية بتفعيل إصلاحات إدارية لتكون شريكًا في إدارة غزة، يستدعي سردًا تكتيكيًا مناسبًا. إلا أنه يتجاهل حقيقة أنه بدون فك الارتباط الإيديولوجيّ بين منظمة التحرير الفلسطينية و"حماس"، وخصوصًا من جانب فتح، فإنّ احتمالات إنشاء قناة دبلوماسية ضئيلة، وفقًا لـ"هآرتس".(ترجمات)