مع طول فترة الليل وقصر النهار، بات الأردنيون يهابون الخروج في أوقات "العتمة" خوفا من تعرّضهم لهجوم كلاب تسير ضمن قطعان بين أحياء المواطنين.وفي السنوات الأخيرة، شكّلت ظاهرة الكلاب الضالة هاجسا لدى فئة كبيرة من الأردنيين في مختلف محافظات المملكة، بعد أن أدت إلى حوادث "عقر" و"عضّ" لمواطنين كان آخرها تعرّض رجل في الأربعينات من العمر صباح الأحد لعقر كلب في منطقة أبو علندا جنوبي العاصمة عمّان ووصفت حالته بالمتوسطة.وتعرض الرجل لهجوم شرس من قبل كلب ضال أثناء تواجده بالقرب من منزله مما تسببت له بجروح متوسطة في منطقة الأنف والفم. والأسبوع الماضي، تعرّض الطفل عمر (11 عاما) الأسبوع الماضي إلى هجوم من 5 كلاب جنوبي العاصمة عمّان.الهجوم أسفر عن "نهش" الكلاب لفروة رأس الطفل، محدثة جروحا قطعية في رأسه أجبرته لتلقي العلاج لمدة أيام عدة في إحدى المستشفيات الكبرى. أحد أبناء حي الطفل الذي تعرض للهجوم ويدعى أيمن عبدالله قال لمنصة "المشهد" إن الأهالي في الحي الذي يقطن فيه الطفل أصبحوا حذرين جدا من السماح لأبنائهم بالخروج حتى إلى البقالة القريبة. وأضاف أيمن أن منطقة جاوا التي يسكن فيها الطفل، تشهد في الآونة الأخيرة تجولا من قبل قطعان الكلاب التي لا باتت لا تواجه أية حلول من قبل السلطات أو الأهالي بعد منع قتلها. ويطالب بحلول جذرية لهذه الظاهرة، داعيا أمانة عمّان الكبرى إلى إنشاء حملة للقبض على هذه الكلاب خاصة وأن وزارة الإدارة المحلية منعت قتلها أو قنصها بالطرق التقليدية من قبل المواطنين في عام 2018.ولا تعتبر محافظة دون أخرى في الأردن أفضل من غيرها، فجميعها تعاني من ظاهرة انتشار الكلاب بين أحيائها، حيث تعاني مدينة السلط ومادبا وإربد وصولا إلى العقبة جنوبا من هجمات عشوائية من هذه الحيوانات على المواطنين. مبادرات فردية وبعد غياب الحلول الجذرية من قبل السلطات المعنية، لجأ الأردنيون لإنشاء مبادرات لوضع حل لهذه الظاهرة المؤرقة لهم. إحدى هذه المبادرات، قدمها الشاب لؤي حياصات من مدينة السلط، الذي قال في تصريح لمنصة "المشهد" إن مبادرة الكلاب الضالة تأتي بعد الأثر السلبي الكبير على المواطنيين حيث أصبحت مشكلة وطنية وعبأ على مستوى المملكة كاملة. وأكد حياصات أن التعدي على الكلاب بالقتل يعدّ مشكلة كبيرة مبينا أنها "روح" بالنهاية وأن قتلها هو تصرّف غير إنساني ولا يعد حلا للمشكلة. وقال "نحن مجموعة من الشباب شكّلنا مبادرة بالاتفاق مع بلدية السلط التي أظهرت تعاونا كبيرا ووعدتنا بتقديم كل أشكال الدعم". ولتنفيذ المبادرة، أوضح حياصات أنه تم استئجار قطعة أرض بحيث يتم جمع الكلاب الضالة في مأوى خاص بها"، مشيرا إلى أنه وفق الخطة سيتم "تقديم العلاجات لها وتقييمها ومتابعة أوضاعها عبر المطاعيم والطعام بصورة مستمرة للحد من أثرها السلبي على المجتمع". وتكثر الكلاب الضالة في الأردن خصوصا في فصل الشتاء حيث تزيد حركتها بين المنازل وذلك لطول فترة الليل مقارنة بالنهار. وحول الطرق التي سيتم جمع الكلاب بها، أكد حياصات أن هنام وسائل عدة منها مصيدة الصندوق أو العصي المتخصصة بتثبيتها وأخيرا يمكن اللجوء إلى تخديرها عبر بنادق التخدير. وفي سؤاله عن أعداد الحالات التي عقرت بها الكلاب مواطنين، لم يفصح لؤي عن أرقام محدّدة في هذا الخصوص مؤكدا أن الموضوع قيد الدراسة. 7 آلاف حالة "عقر"مدير الشؤون الفنية للمستشفيات في وزارة الصحة الدكتور عماد ابو اليقين تحدث مؤخرا عن ظاهرة تكاثر الكلاب الضالة بالمناطق المدنية وطرق التخلص منها. وقال إن "حقوق الانسان أهم من حقوق الحيوان"، معتبرا أن الأردن سجل وفاتين ونحو 7 آلاف حالة عقر من الكلاب خلال عام 2022. وأضاف أن وزارة الصحة تحمّل مسؤولية انتشار الكلاب الضالة بشكل كامل للبلديات ووزارة البيئة داعيا الجهات المعنية بسرعة إيجاد حلول لهذه الظاهرة. ووفقا للبروتوكول الخاص المتبع في وزارة الصحة الأردنية، فإن من يتعرض لـ"العقر" يجب حصوله على جرعات مضاد لداء الكلّب بواقع 5 جرعات. نص قانوني وتنص المادة 6 من القانون رقم 40 لسنة 1954 والمسمّى "قانون داء الكلب" في الأردن "يجوز لأي طبيب بيطري أو طبيب بلدية بيطري أو طبيب صحة أو مفتش مواشي أن يكلف اي مجلس بلدي أو محلي بأن يحجز في بيوت الكلاب الواقعة في منطقته وعلى نفقته أي كلب أو قط أو قرد شارد أو لا صاحب له وعض شخصاً ما، أو القيام بحملة لتسمم أو قتل الكلاب او القطط أو القردة الشاردة"كما أن المادة 452 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته جرّمت "قتل حيوان غير مملوك للفاعل بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين"، كما جرّمت المادة ذاتها “من ضرب أو جرح حيوانا بصورة تؤدي إلى منعه عن العمل أو تلحق به ضررا جسيما، بعقوبة الحبس بمدة أقصاها شهر أو بغرامة لا تتجاوز 20 دينارا”.كيف تتصرف الأمانة؟ أمانة عمّان الكبرى (بلدية العاصمة) قالت إنها تتعامل مع الكلاب الضالة عبر تطبيق برنامج(ABC) للسيطرة عليها، وذلك بجمع الكلاب الضالة من مواقع تواجدها ثم تعقيمها عبر أطباء مختصين وتحصينها بالمطاعيم اللازمة وإعادتها إلى مواقع جمعها، لتقليل أعدادها وضمان عدم نقلها للأمراض. وأكدت الأمانة أنها تعاملت مع نحو 4 آلاف ملاحظة خلال 6 أشهر ماضية، كما عمّمت البرنامج على باقي البلديات مع التعامل مع حالات العقر من خلال وزارة الصحة الأردنية.(المشهد)