قالت تقارير غربية إنّ الصين تعرقل صناعة الطائرات من دون طيار القتالية، التي تستخدمها روسيا في حربها ضد أوكرانيا.وتجعل قيود التصدير الصينيّة على المكونات الرئيسية للمسيّرات، من الصعب على موسكو إنتاج طائرات عسكرية من دون طيار.ووفقًا لتقرير وسائل الإعلام الحكومية الروسية، فإنّ هذا الوضع قد يعيق المجهود الحربيّ الذي يبذله فلاديمير بوتين في أوكرانيا، رغم أنّ خبراء يرون أنّ القطاع العسكريّ الروسيّ قوي، ولديه حلول لأيّ تعثّر.وذكرت صحيفة كوميرسانت الروسية أمس الاثنين، أنّ قوانين جديدة في الصين تسببت في تعقيد عمليات تسليم الطائرات من دون طيار إلى روسيا بشكل غير مسبوق.وفي أواخر أغسطس، قالت الحكومة الصينية إنها ستفرض ضوابط على الصادرات على بعض الطائرات من دون طيار والأجزاء المتلعقة بها. وقالت الحكومة الصينية إنّ الإجراءات ستؤثر على بعض معدات الاتصالات والمحركات وأجهزة الليزر المستخدمة في الطائرات من دون طيار، وكذلك الأنظمة المضادة لهذه الطائرات.وتعدّ الصين واحدة من أكبر منتِجي الطائرات من دون طيار في العالم، وقد اتّبعت خط الحياد بشأن حرب أوكرانيا، مع الحفاظ على علاقات دبلوماسية ودية مع روسيا.واستخدمت موسكو بشكل متكرر الطائرات من دون طيار، وأشهرها ضرباتها "الانتحارية" على المدن والبنية التحتيّة الأوكرانية بطائرات من دون طيار إيرانية الصنع من طراز شاهد-131 وشاهد-136.فكيف ستؤثر القيود الصينيّة على حرب المسيّرات بين روسيا وأوكرانيا، خصوصا أنّ هذه الأخيرة أصبحت تستخدم الدرونز بشكل كثيف في هجماتها؟شكوك الصين حول انتصار روسيافي السياق، يرى الدبلوماسيّ الأوكرانيّ السابق والمحلل السياسي، فلاديمير شوماكوف، أنّ الصين تصدّر وتزوّد روسيا بمسيّرات، لكنها تتخذ اليوم نهجًا احترازيًا في تعاونها مع روسيا، رغم دعمها الكبير لموسكو بالذخائر والأسلحة غير الفتاكة.ويضيف شوماكوف في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ الصين مترددة وليس لديها يقين في أنّ روسيا ستفوز في الحرب مع أوكرانيا، مشيرا إلى أنّ الصين لديها مشاكل اقتصادية، وتعتمد على رأسمال الغرب في وقت تبحث فيه عن التوازن بين روسيا والغرب.ويكشف الدبلوماسي الأوكرانيّ السابق أنّ الصين منعت كوريا الشماليّة من تزويد روسيا بأسلحة، خصوصا أنّ هذه الأسلحة مكونة من قطع غيار صينيّة، "بكين لا تريد تفاقم الأزمة مع الغرب، لكن هذا لا ينفي أنّ التعاون موجود والأسلحة مختلفة". وفي ظل هذا التوجه وارتفاع أسعار الدرونز الصينية، سبق لموسكو وتحدثت عن رغبتها في تطوير صناعة الطائرات من دون طيار، للتخلي عن الواردات الصينية.ويقول شوماكوف إنّ روسيا هي "بلد متخلّف تكنولوجيًا معتمد جدًا على قطع غيار وتكنولوجيات غربية، أكثر من 50% من تكنولوجيا أسلحة موسكو، هي غربية الصنع، في المقابل الصين متطورة في هذا القطاع".وكتداعيات للاستنزاف الذي تتعرض له روسيا ونقص التكنولوجيا اللازمة، يرى شوماكوف أنّ خسائر موسكو في باخموت ضخمة، وأوكرانيا تقوم بحرب استنزاف للجنود الروس هناك، مؤكدا أنّ زعيم فاغنر قبل رحيله وصف المنطقة بكونها مقبرة جماعيّة للجيش الروسي.وكان مجموعة فاغنر قد أشارت إلى أنّ مقاتليها يعودون إلى أوكرانيا "لحماية مصالح روسيا" بعد شهر من وفاة مؤسسها يفغيني بريغوجين، الذي تحدى سلطة فلاديمير بوتين في الحرب.ويخيّم عدم اليقين على مستقبل الشركة العسكريّة الخاصة التي لعبت دورًا رئيسيًا في معركة روسيا المستمرة للسيطرة على مدينة باخموت في دونيتسك، ولا تزال تمنح الكرملين إمكانية الوصول إلى الموارد في أجزاء من إفريقيا.ويعتبر المحلل الأوكرانيّ أنّ روسيا تقف عاجزة عن تنفيذ أيّ هجوم في العمق الأوكراني بعض النصر الذي حققته في باخموت، "أوكرانيا طوقت باخموت وسيطرت على بلدتين قطعت من خلاهما إمدادات عسكرية يحتاجها الروس في الحرب". روسيا قوية في تكنولوجيا الأسلحةعلى عكس الطرح السابق، يقول أستاذ العلاقات الدولية عمرو الديب، إنّ المقصود بمنع الصين تصدير بعض القطع الصينيّة ليس روسيا، ولو كانت روسيا هي المقصودة، فالأخيرة تمتلك تكنولوجيا خاصة بها، ولديها تعاون مع إيران في ما يخصّ إنتاج الطائرات من دون طيار.ويعتبر الديب في حديثه لمنصة "المشهد"، أنّ مثل هذه التقارير الأميركية ترتبط أكثر بتصريحات أوكرانيا بشكل خاص، وببروباغندا غربية بشكل عام، ويضيف:الحديث عن أنّ روسيا تعاني نقصا في الذخائر هو غير صحيح.روسيا تقوم على مدار اليوم بقصف للأراضي الأوكرانية. القطاع الوحيد الناجح في روسيا هو القطاع العسكري، وتمتلك موسكو تكنولوجيا قوية.روسيا تمتلك التكنولوجيا السوفياتية والتكنولوجيا الحديثة، ولديها معظم الموادّ الخام المرتبطة بالأسلحة والذخيرة.ويؤكد الديب أنّ مسألة عدم مقدرة موسكو على تعويض قطع غيار صينية هو بوباغندا سوداء، "حتى لو أثرت القنوات الصينية على روسيا، فالأخيرة لديها حلول".وفي يناير، قال الرئيس الأوكرانيّ فولوديمير زيلينسكي إنّ روسيا تخطط لـ"إرهاق" أوكرانيا بهجمات باستخدام طائرات من دون طيار إيرانية الصنع.وتستخدم روسيا طائرات من دون طيار إيرانية الصنع من طراز شاهد-136 في الصراع منذ خريف العام الماضي.ويطلق عليها أيضًا اسم Geranium-2 من قبل روسيا، وتحتوي على متفجرات في رأس حربي، وهي مصمّمة للتحليق فوق الهدف حتى يُطلب منها الهجوم.ويبلغ طول جناحَي شاهد-136 نحو 2.5 متر (8.2 قدم) ويمكن أن يكون من الصعب اكتشافه من خلال الرادار.وتقول الحكومة الإيرانية إنها زوّدت روسيا "بعدد صغير" من الطائرات من دون طيار قبل الحرب.لكنّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتهما إيران بإرسال شحنات منتظمة من الطائرات من دون طيار إلى روسيا، وفرض الاتحاد الأوروبيّ عقوبات ردًا على ذلك.في المقابل، تستخدم أوكرانيا الطائرات من دون طيار منخفضة التكلفة، ومتاحة على نطاق واسع وفاعلة، ولكنها بطيئة نسبيًا وبالتالي من السهل إسقاطها. واستفادت أوكرانيا من التمويل الجماعي عبر الإنترنت، للمساعدة في شراء مجموعة واسعة من الطائرات من دون طيار المتاحة تجاريًا.وبعد تعديل كييف لـ"الدرونز" التجارية، أثبتت هذه الأنظمة فاعليتها الكبيرة في إضعاف خطوط إعادة الإمداد اللوجستية الروسية، ومستودعات الوقود ومستودعات الذخيرة، ما أدى إلى إرباك الدفاعات بهجمات متزامنة.ويتفق مراقبون أنّ الطائرات من دون طيار، لن تحسم مسار الحرب لصالح أوكرانيا، لكنها قدمت ميزة لضرب العمق الروسيّ والتأثير نفسيًا على الجنود.(المشهد)