تأكيدا على الدور الاجتماعي للدولة قامت الحكومة الجزائرية بتفعيل الصندوق المستقل للنفقة بحيث يسمح بضمان الحقوق المالية لتمويل إعاشة الأطفال ضحايا الطلاق للتكفل بالطبقات الهشة والمستضعفة منهم، حيث باتت هذه الظاهرة تشكل واقعا مريرا، تذوّقته الكثير من الأسر الجزائرية، والجديد في الموضوع أن فتيات بعمر الزهور بتن يتطلقن بعد أشهر أو سنة فقط من زواجهن، ويعدن لعائلاتهن حاملات طفلا أو اثنين.وفي هذا السياق، لفت وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي في رده على انشغالات أعضاء مجلس الغرفة العليا والسفلى للبرلمان، خصصت لتقديم ومناقشة نص القانون المتضمن تدابير خاصة للحصول على النفقة، إلى أن النص عبارة عن "منظومة قانونية تحوز آليات لتمكين الدولة من التكفل بهذه الفئة بحيث تحل محل المدين بالنفقة (الزوج) في حال تعذر عليه دفعها".تكفل اجتماعي ويهدف هذا المشروع الذي جاء في 25 مادة، إلى إصلاح الإطار القانوني المنظم لعملية الحصول على النفقة، حيث تم تخصيص المحور الأول من هذا المشروع إلى مجال تطبيق القانون من خلال تحديد المستفيدين وظروف تحصيل النفقة، وعن نجاح هذه الخطوة في تحقيق التكفل الاجتماعي لهذه الفئة، تقول المحامية والمستشارة القانونية فريدة عبري في تصريح لمنصة "المشهد" إن "إعادة تفعيل الصندوق جاءت للعديد من الاعتبارات من بينها: تفعيل هذا الصندوق الذي أنشئ في 2015 وتوقف في 2021 في سياق معين بسبب عجزه عن تحقيق الأهداف المرجوة منه، وهي دفع المبالغ المالية التي خصصتها الدولة لمستحقيها وفي الآجال المحددة، وذلك بعد أن ثبت أنه مهم في التكفل بهذه الفئات وأسند هذه المرة إلى وزارة العدل على المستويين المركزي والمحلي.ينص القانون على أن تتكفل الدولة بالمستحقات المالية المنصوص عليها في أحكامه من خلال صندوق نفقة يسيره وزير العدل حافظ الأختام، عن طريق الأمناء العامين بالمجالس القضائية، مع ضبط الاستفادة من المستحقات المالية للصندوق بشروط وإجراءات دقيقة تضمن الشفافية في تسيير أموال الصندوق وفق آليات خاصة لتحصيل المستحقات المدفوعة، وضمان للأطفال والنساء المطلقات الحصول على النفقة المحكوم بها من طرف القضاء .القانون طرح شروطا وإجراءات بسيطة أخذت على عاتقها التكفل بدفع النفقة للمطلقات وللأطفال المحضونين في حال ما إذا تعذر على المدين بها (الزوج المطلق) تأديتها.للإشارة فإن مشروع قانون المالية لسنة 2024 قد تكفل بإنشاء صندوق النفقة في المادة 116 مكرر منه. الزواج "المتسرع".. ضرائب مؤلمة في هذا السياق، ترى المختصة الاجتماعية آمال حاجة في حديث لـ"المشهد" أن "ارتفاع شبح الطلاق لا يزال يثير الكثير من التساؤلات في الجزائر، حول الأسباب التي تهدد أقدس علاقة وصفها الله في كتابه بالميثاق الغليظ وما ينجر عنه من تفكك للأسر وضياع للأطفال، وما يثير المخاوف أكثر هو تزايد نسب الانفصال بين العرسان الجدد التي سرعان ما تنهار خلال الأشهر والسنوات الأولى من الزواج، وهو ما يتطلب بحسب المختصين الكثير من الدراسات المعمقة لوقف هذا النزيف الاجتماعي في الجزائر بمعدل 10 حالات في الساعة، معظمها في الفئة العمرية بين 28 و35 سنة". وقالت حاجة هناك العديد من المؤشرات والأسباب التي أوصلت الأسر إلى هذه النتائج من بينها: الإهمال المستمر وغياب دور الأولياء والاستشارة في اختيار شريك العمر زاد من حالات الطلاق بسبب الاختيار الخاطئ الذي تبدأ نتائجه خلال الأسابيع الأولى من الزواج، فيكتشف الزوج الكثير من السلبيات التي كانت مخفية في زوجته والعكس صحيح، فتكثر بحسبها الصدامات والشجارات التي سرعان ما تنتهي بالانفصال.من بين الأسباب الحالية هو أن المعاناة اليوم بسبب الزواج المتسرع وليس الزواج المبكر، فالأخير كان رائجا في الجزائر في الماضي حين كان الأجداد يتزوجون في سن مبكرة غير أنهم كانوا ناضجين وقادرين على تحمل المسؤولية .حلول قانونية على الصعيد القانوني، أكد رئيس لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات في البرلمان الجزائري الدكتور أحمد بوبكر أن الجزائر سجلت خلال العامين الماضيين، أكثر من 100 ألف حالة طلاق وخلع وهي مؤشرات مقلقة وجب وقوف النصوص القانونية عليها.وعن خطوة إعادة تفعيل صندوق النفقة تابع بوبكر في تصريح لـ"المشهد" أنها جاءت في وقت مهم لمتوفر مجموعة من العوامل من بينها: هذا القانون الذي يهدف إلى إصلاح الإطار القانوني لتدخل الدولة في مجال ضمان الحق في النفقة للمستفيدين منها، عن طريق صندوق يوضع تحت وصاية وسلطة وزارة العدل وذلك تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.إسناد نص هذا القانون إلى وزارة العدل بعدما كان مسندا إلى وزارة التضامن الوطني، سيمكن موظفي العدالة من تحصيل المبالغ وفق خبراتهم السابقة، حيث أسندت المهمة إلى الأمين العام للمجلس القضائي، بالتنسيق مع أمين الخزينة، مشيرا إلى أن الصندوق هو آلية لدفع النفقة واسترجاع أموال الدولة.الجزء الثالث من القانون خصص لتسيير صندوق النفقة على المستوى المحلي حفاظا على المال العام، بحيث يضع المشروع آليات قانونية خاصة للتنسيق بين جهتي دفع وتحصيل المستحقات المالية من خلال إسناد صلاحية الأمر بدفع المستحقات المالية.أهمية ضمان تحصيل الصندوق للأموال من المدينين وإيجاد الآليات الكفيلة بمحاربة التحايل.. (الجزائر - المشهد)