الاغتيالات التي قام بها جهاز الموساد الإسرائيلي، والتي طالت المسؤول في حركة "حماس" حسن عكاشة، و5 مستشارين في الحرس الثوريّ الإيرانيّ في سوريا مؤخرًا، أعادت إلى الأذهان سلسلة الاغتيالات التي أقدم عليها جهاز الاستخبارات الإسرائيليّ الخارجيّ "الموساد"، بحق القادة والمفكرين والسياسيّين الفلسطينيّين والعرب والغربيّين والإيرانيّين، في عواصم عربية وأوروبية مختلفة.ومن على موقع الموساد الرسميّ تظهر عبارة "أن ترى ما لا يرى، وأن تقوم بما لا يمكن القيام به"، وتختزل تلك العبارة، الطبيعة السرّية والخاصة للمهمات التي ينفذها الجهاز منذ تأسيسه عام 1949. المحلّل الاستخباريّ الإسرائيليّ رونين بيرغمان، كشف النقاب في كتابه "قم واقتل أولًا"، بأنّ أجهزة المخابرات الإسرائيلية نفّذت ما لا يقلّ عن 2700 عملية اغتيال منذ تأسيس جهاز الموساد، وغالبًا لا تعلن إسرائيل بشكل صريح مسؤوليّتها عن معظم عمليات الاغتيال، التي طالت قادة فلسطينيّين وعربًا، بالإضافة إلى اتهام طهران لها بالضلوع في عمليات اغتيال علماء إيرانيّين. ومنذ اندلاع الحرب على غزة ردًا على هجوم السابع من أكتوبر، بدأت إسرائيل بتبني سياسة الاغتيالات ضد قادة "محور المقاومة"، حيث وجدت في سوريا مساحة للانتقام من قادة حركة "حماس"، وفيلق القدس ذراع الحرس الثوريّ الإيراني، منصة "المشهد" رصدت أبرز الاغتيالات مؤخرًا في سوريا.أبرز الاغتيالات التي نفذها جهاز الموساد الإسرائيليّ في سوريا في 26 سبتمبر 2004، اغتال جهاز الموساد الإسرائيليّ عز الدين الشيخ خليل، وهو من كوادر حركة "حماس" وقُتل بانفجار سيارته في دمشق. في 12 فبراير 2008، اغتال جهاز الموساد الإسرائيليّ القياديّ في "حزب الله" اللبناني عماد مغنية بتفجير سيارة مفخخة في دمشق.في 28 يونيو 2012، اغتال جهاز الموساد الإسرائيليّ القياديّ في حركة "حماس" كمال غناجة، حيث قُتل بمنزله في دمشق.في 8 يناير 2024، اغتال جهاز الموساد الإسرائيليّ المسؤول في حركة "حماس" حسن عكاشة بطائرة إسرائيلية مسيّرة في بيت جن بمحافظة ريف دمشق.في 20 ديسمبر 2024، اغتال جهاز الموساد الإسرائيلي، 5 مستشارين في الحرس الثوريّ الإيرانيّ في ضربة إسرائيلية دمرت مبنًى بكامله بحيّ المزّة في دمشق.الموساد الإسرائيليّ وتنفيذ اغتيالات في العمق السورييوضح الأكاديميّ والباحث السياسيّ د.عمر رحال لمنصة "المشهد، "طبيعة عمل جهاز الموساد الإسرائيليّ وقدراته التي تمكّنه من تنفيذ اغتيالات في سوريا، قائلًا:جهاز الموساد الإسرائيليّ يُعتبر من أقوى المؤسسات الإستخباراتية الخارجية في العالم.تأسس منذ قيام إسرائيل وأحيط بسرّية تامة، يتبع لأكاديمية تدريبية للموساد داخل إسرائيل، وهو يعتمد على طلبة الجامعات، ورجال الأعمال، والطبقة المثقفة في إسرائيل، والدول التي يستهدفها، وكذلك النساء لتجنيد العملاء. وأهم دائرة في الموساد هي التي تعمل في الدوائر الأمنية والسياسية في الدول العربية.وتابع د. رحال لمنصة "المشهد" حول كيفية تمكّن جهاز الموساد الإسرائيلي مؤخرًا، من تنفيذ سلسلة اغتيالات للعديد من القيادات السياسية في سوريا، "عمليات الاغتيال في سوريا تمت بعد عملية متابعة ورصد ونفَس طويل، وتم استقاء المعلومات من أكثر من مصدر للتحقق من الهدف المطلوب قبل الضرب المباشر". ويُضيف رحال أنّ عملية الاغتيال قامت من خلال النقاط التالية:القدرات البشرية أي وجود عملاء على الأرض للموساد الإسرائيلي. اعتماد الموساد على التكنولوجيا بشكل كبير ورئيسي، للوصول إلى أهدافه وتتبّعها.وجود أجهزة الرصد والتجسس وقواعد الجيش الإسرائيلي، ورادارات المراقبة في هضبة الجولان السوريّ المطلة على دمشق، حيث تتابع كل التحركات والأهداف،الطائرات بدون طيار التي تحلق على ارتفاعات شاهقة، استخدمها الموساد الإسرائيليّ لتنفيذ الاغتيالات في سوريا. التعاون المباشر مع الـCIA حيث يقدّم لهم صورًا من الأقمار الاصطناعية لسوريا، وكذلك التعاون والاتفاقيات ما بين الموساد الإسرائيليّ وأجهزة الأمن الغربية في مقدمتها المخابرات البريطانية m16.العملاء على الأرض الذين ينفذون خروقات إسرائيلية للأجهزة الأمنية السورية والإيرانية، التي مكّنتهم من تنفيذ عملية الاغتيال في الوقت المناسب بالنسبة لهم. علاقة الأمن الإسرائيليّ بالموسادوحول طبيعة عمل الموساد الإسرائيليّ الذي يتميز بالسرية والعمل الطويل، يوضح المحلل والباحث العسكريّ إيال عليما لمنصة "المشهد":في الواقع، جهاز الموساد الإسرائيليّ يعمل بسرية بالغة وشديدة وربما معقّدة، حيث يقوم بجمع الدراسات والمعلومات الاستخباراتية، بهدف تنفيذ العمليات السرية والمهمات الخاصة خارج إسرائيل، وذلك بتوجيهات من القيادات الإسرائيلية. جهاز الموساد تاريخيًا يعمل على إيقاف وإحباط النشاطات المعادية لإسرائيل وشعبها وأرضها، والتي يراها تشكل تهديدًا وخطرًا، ويقوم على إفشالها، وهو بذلك يوفر الأمن والسلامة للدولة والمواطنين. ويؤكد المحلّل العسكريّ عليما لمنصة "المشهد"، إمكانيات وقدرات جهاز الموساد الإسرائيليّ، والذي لعب دورًا حاسمًا في تشكيل سياسة إسرائيل، ويقول: "جهاز الموساد الإسرائيلي يقوم على تقييم الموقف الاقتصاديّ والسياسيّ للدول العربية، وبناءً على ذلك يقدم توصيات من خلال المعلومات المتاحة والتي يستشعر أهميتها". ويتابع عليما: "يقوم الموساد على تجميع البيانات والمعلومات في العديد من النواحي العسكرية والأمنية والاجتماعية والسياسية من مختلف المصادر حول العالم، ويعمل على حماية المصالح الإسرائيلية والأمن وسلامة المواطنين، من خلال القيام بعمليات دبلوماسية وأمنية خاصة بشكل دقيق وسرّي، كما أنّ جهاز الموساد الإسرائيليّ يستهدف أهدافًا تشكّل تهديدًا لإسرائيل، ويحبطها، داخل أو خارج أراضيها، على حدّ سواء إذا كانت عسكرية أم مدنية، من خلال طرق معينة للحصول على المعلومات، ومتابعة مصادر المعلومات العلنية مثل الدراسات الأكاديمية ووسائل الإعلام في أرجاء العالم". وختم عليما قائلًا، "إسرائيل من خلال جهاز الموساد، تحقق هدفين، هما الردع والعقاب، وتغييب شخصيات تشكل خطرًا على أمن إسرائيل، حاضرًا ومستقبلًا".لماذا لا تُعلن إسرائيل مسؤوليّتها عن الاغتيالات؟وعن النهج الإسرائيليّ في عدم الإعلان عن الاغتيالات بشكل صريح، يقول المحلل في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور لمنصة "المشهد"، إنّ عمليات الاغتيال التي يقوم بها حهاز الموساد ينفذها في دول عربية وأجنبية، ويستخدم جوازات مزورة، وأحيانًا قد تكون هناك علاقة بين هذه الدول وإسرائيل، وعمليات الاغتيال تكون مخالفة للقانون، وبالتالي تبنّي الموساد سيوقعه في مساءلة، ربما تتسبب في أزمات دبلوماسية، لذلك إسرائيل تلمّح وتعطي إشارات عن مسؤوليتها، لكنها لا تتبنّى بشكل رسميّ تهربًا من أيّ مسؤولية أو محاسبة أو تداعيات سياسية ودبلوماسية للموضوع".ويرى منصور بأنّ محاسبة الموساد أمر متعذّر، قائلًا: "الموساد يُفترض بأنه تابع لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولا يوجد قانون لمساءلة أو محاسبة الموساد في إسرائيل، يضبط عمله، هو يخضع لتعليمات رئيس الوزراء، ولذلك المحاسبة شبه غائبة، ولا يوجد رقابة على عمله في السر، خارج إسرائيل، كل ذلك يجعل محاسبة جهاز الموساد السرّي داخل وخارج إسرائيل غير ممكن".(المشهد)