ينظر قضاة المحكمة الأميركية العليا الـ9 الخميس في قضية تسعى لاستبعاد دونالد ترامب من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل ردًا على سلوكه خلال هجوم أنصاره على مبنى الكابيتول في 2021. ومنعت المحكمة العليا في كولورادو ترامب في ديسمبر الماضي من خوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولاية على خلفية دوره في أحداث الكابيتول عام 2021. وطعن ترامب في الحكم الصادر في هذه الولاية، ومن المقرر أن تستمع المحكمة العليا ذات الأغلبية المحافظة التي تشمل 3 قضاة عيّنهم الرئيس السابق، الخميس إلى المرافعات الشفهية في القضية.المحكمة قد تتجنب إثارة شبهات تدخلها في الانتخاباتويتجادل الخبراء القانونيون حول صحة مثل هذا الإجراء ومدى ملاءمته السياسية، غير أنهم يجمعون على أن المحكمة التي اتخذت قرارًا في العام 2000 بمنح الفوز في الانتخابات الرئاسية للجمهوري جورج دبليو بوش على حساب الديموقراطي آل غور، ترغب في تجنب إثارة الشبهات المتعلقة بالتدخل في الانتخابات. ومن بين الولايات الـ20 التي قُدمت فيها طعون بشأن عدم أهلية ترامب، لم يصدر القرار سوى في 2 منها (كولورادو وماين)، فيما تنتظر العديد من الولايات حكم المحكمة العليا قبل البتّ في القضايا المرفوعة أمامها. وفي قرارين تاريخين اتخذا نهاية ديسمبر، اعتبرت محكمة كولورادو العليا ومن ثم وزيرة خارجية ماين أن ترامب لا يتمتع بالأهلية لخوض الانتخابات التمهيدية الجمهورية. وفي الولايتين، اعتبر مسؤولون أن الملياردير الجمهوري لا يمكنه العودة إلى البيت الأبيض لأنه أقدم خلال الهجوم على الكابيتول في 2021 على أعمال "تمرد" وهو تاليا "ليس أهلا لتولي منصب الرئيس" بموجب المادة 14 من الدستور. وتمنع هذه المادة أي شخص سبق أن أقسم على الولاء لدستور الولايات المتحدة من أن يشغل أي منصب منتخب إذا ما نكث بقسم اليمين عبر مشاركته في تمرد. وينبغي على المحكمة العليا الآن الإجابة على سؤال جدلي هو: هل تنطبق هذه المادة على الرئيس السابق؟واعتبر محامو ترامب قرار محكمة كولورادو معيبًا ودعوا المحكمة العليا للولايات المتحدة إلى إلغائه "لحماية حقوق عشرات الملايين من الأميركيين الذين يرغبون في التصويت للرئيس ترامب". وخصصوا معظم الدفوع المكتوبة النهائية لقضية تبدو ثانوية، إذ إنهم يسعون جاهدين لإثبات أن رئاسة الولايات المتحدة ليست إحدى الوظائف التي تشملها المادة 14 من الدستور. وكانت محكمة كولورادو قد اعتبرت أن أفعال ترامب في 6 يناير 2021 تشملها هذه المادة. يومها، هاجم مئات من أنصار ترامب الذين غذّى غضبهم الرئيس السابق بتصريحاته عن تزوير انتخابي أدّى إلى خسارته، مقرّ الكونغرس الأميركي لمحاولة منع التصديق على فوز خصمه الديموقراطي جو بايدن. ويؤكد محامو ترامب أن تلك الأحداث لم تشكّل تمردًا وأن موكلهم لم يشارك فيها بأي شكل من الأشكال. توقعات ببقاء اسم ترامب على بطاقات الاقتراع تُعقّد الطبيعة غير المسبوقة للقضية إلى حد كبير إمكان توقّع ما ستخلص إليه المحكمة العليا الخميس، غير أن العديد من الخبراء يعتقدون أن القضاة قد يجدون "مهربا" لإبقاء اسم ترامب على بطاقات الاقتراع دون أن يغامروا بالتوصيف الشائك لأفعاله خلال الهجوم على الكابيتول. ويقول الأستاذ في القانون الدستوري في جامعة إيلينوي في شيكاغو ستيفن شوين "في مثل هذه القضية الساخنة سياسيًا، تريد المحكمة أن تبدو غير سياسية قدر الإمكان"، معتبرًا أنها لا "تزال تحمل وصمة انتخابات العام 2000". وخلال حملة 2000 كانت النتائج بين جورج بوش وآل غور متقاربة جدا في ولاية فلوريدا الحاسمة. وقد طلب الديمقراطي إعادة فرز آلاف البطاقات التي تجاهلتها آلات التصويت. لكن المحكمة العليا أوقفت ذلك بسبب نقص الوقت، وأصبح جورج دبليو بوش الرئيس الـ43 للولايات المتحدة رغم عدم كسبه التصويت الشعبي على المستوى الوطني. ويرى شوين أن "المهرب الأكثر ترجيحًا بالنسبة للمحكمة سيكون التأكيد أن الكونغرس وحده يتمتع بسلطة إزالة مرشح من الاقتراع للانتخابات الرئاسية". وهي حجة استخدمها كذلك محامو ترامب لكن اعترض عليها خبراء حقوقيون يقولون إنه لا يلزم أي تدخل من الكونغرس لتطبيق شروط الأهلية الأخرى مثل الحدّ الأدنى لسنّ المرشحين أو مكان ولادتهم. وكتب إدوارد فولي وبنجامن غينسبرغ وريتشارد هاسن، وهم 3 خبراء حقوقيين معروفون ومن توجهات سياسية مختلفة، "نحن نفهم تمامًا أن أعضاء المحكمة يفضلون ألا يجدوا أنفسهم عالقين في انتخابات رئاسية بهذه الطريقة. لكن لا مفرّ من ذلك". ودعا هؤلاء الخبراء قضاة المحكمة العليا إلى الحكم على أساس الموضوع وليس على الأسس الشكلية، وذلك من أجل حسم المسألة بشكل نهائي قبل انتخابات 5 من نوفمبر.(أ ف ب)