في الوقت الذي تحتدم فيه المعارك العسكرية، بين الأطراف المُتصارعة في السودان، قام قائد قوات التدخل السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بزيارات لدول إفريقية عدة، وذلك لبحث إمكانية حدوث حل سياسيّ للصراع في السودان.ومنذ منتصف أبريل من العام الماضي، اندلع صراع عسكريّ بين الجيش السوداني، وقوات التدخل السريع، راح ضحيته آلاف المواطنين السودانيّين.الزيارات التي قام بها حميدتي شملت كلًا من إثيوبيا وأوغندا، وجنوب إفريقيا وجيبوتي وكينيا، في المُقابل عبّرت الحكومة السودانية عن رفضها لتلك الزيارات واعتبرتها " حملة دعائية كاذبة".ورأى محللون سياسيون، في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ زيارات حميدتي لعدد من الدول الإفريقية، هي محاولة لشرعنة وجوده، باعتباره القوة الأكثر سيطرة في السودان، فضلًا عن تقديم نفسه كرئيس مُقبل للدولة السودانية.الحل السياسيّ في السودان أمر مُستبعد حاليًا، خصوصًا في ظل الشروط الصعبة التي يفرضها كل طرف على الآخر، وهو ما يُرجّح استمرار المعارك العسكرية، بحسب المحللين.حميدتي يسعى لشرعنة وجودهواعتبرت الباحثة في المركز المصريّ للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية رحمة حسن، أنّ تحركات حميدتي، هدفها في الأساس هو شرعنة وجوده باعتباره القوة الأكثر سيطرة على الوضع في السودان خصوصا بعد سيطرته على إقليم ود مدني الذي يربط العاصمة الخرطوم بباقي الولايات الأخرى.وقالت في حديث لـ"المشهد" إنّ حميدتي يتحرك دوليًا الآن، لتقديم نفسه كشخص يسعى لتقديم حل سياسيّ للوضع في السودان، وذلك أيضًا من خلال التفاوض مع قوى الحرية والتغيير في السودان، وهذا الأمر يرفضه عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السياديّ السوداني.الحل السياسي مُستبعد في السودانهل هذه التحركات قد تؤدي إلى حل سياسيّ للصراع في السودان؟، ترى حسن أنّ الحل السياسيّ في السودان أمر مُستبعد حاليًا، لأنّ ذلك يتطلب أولًا اتفاقًا بين القوى المتصارعة على ضرورة تجنيب السودان لويلات الحروب، فضلًا عن جلوس كلّ من حميدتي والبرهان على طاولة التفاوض.وأشارت الباحثة في المركز المصريّ للفكر، إلى أنّ الشروط المُعقّدة التي تفرضها الأطراف المُتصارعة في السودان، من أجل الجلوس على طاولة التفاوض تُعرقل حدوث ذلك، وبالتالي من المتوّقع أن يستمر الصراع العسكريّ المسلح لفترة، حتى تحدث تنازلات من الطرفين، ويضم التفاوض جميع الفصائل السودانية.وأوضحت حسن أنّ حميدتي يتعامل مع عبد الفتاح البرهان كقائد للجيش السوداني فقط، وليس رئيسًا للمجلس السيادي، ويشترط ذلك قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، وهو ما يرفضه البرهان.ومع اندلاع الحرب في السودان، قدمت دول عربية وإقليمية، مُبادرات من أجل إنهاء الصراع في السودان، منها مؤتمر قمة دول الجوار السوداني، والتي عُقدت في القاهرة، كما استضافت المملكة العربية السعودية مباحثات جدة بين طرفَي الصراع، ولكنّ المعارك العسكرية لم تتوقف حتى الوقت الحالي.حميداتي يقدّم نفسه كرئيس مُقبل للسودانوفي قراءة ثانية لمجريات جولة حميدتي، اعتبر مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، السفير حسين هريدي، إنّ الزيارات الأخيرة لقائد قوات الدعم السريع حميدتي، هي محاولة لتقديم نفسه كرئيس قادم للسوادن، من خلال توطيد علاقاته مع الدول الإفريقية.وأوضح في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ هذه التحركات تهدف في الأساس لاختراق الدول الإفريقية، وتوطيد علاقاته بالدول مثل إثيوبيا وأوغندا، لافتًا إلى أنّ حميدتي صرح مؤخرًا أنّ حل أزمة السودان تنتهي برحيل قائد الجيش السودانيّ عبد الفتاح البرهان.وأشار هريدي، إلى أنّ هذا التصريح خطير ويشير إلى أنّ ما يحدث في السودان، هو صراع بين جنرالين عسكريّين للوصول إلى الحكم، مُضيفًا: "كلا الطرفان يرى أنّ الخيار العسكريّ هو الحل المناسب في الوقت الراهن، لحسم الصراع في السودان، وأن لا مكان للحل السياسي".مخاطر تمزيق السودانوتطرّق مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، إلى تداعيات هذا التوجه على الشعب السوداني، قائلًا:" الحل العسكريّ بين الأطراف المتصارعة على الحكم، تأتي على حساب الشعب السودانيّ الذي يعيش في ظروف إنسانية صعبة، ويتعرض كل يوم للقتل".ورأى هريدي أنّ الحل العسكريّ حتى وإن رجّح كفّة أحد الأطراف على الآخر في الوقت الراهن، إلا أنه لن يؤدي إلى استقرار دائم في الأراضي السودانية على المدى الطويل، لأنّ الطرف الثاني سوف يعود مرة أخرى وتتكرر المأساة هناك.وتحدث الدبلوماسي المصريّ عن خطورة الأوضاع الحالية، والتي من المؤكد أنها لن تؤدي إلّا إلى تمزيق وتفتيت الدولة السودانية.واختتم هريدي الحديث بقوله: "الوضع في السودان على المدى الطويل، يتطلّب حلًا سياسيًا يحظى بتوافق دوليّ وإجماع سوداني".(المشهد)