قد يجبر نقص القوات والإرهاق بوتين وزيلينسكي المترددين، إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات. من سيتخذ الخطوة الأولى، يتساءل مارك أوربان المحرر الدبلوماسيّ لبرنامج "BBC Newsnight "لمدة 29 عامًا، في مقابلة مع صحيفة "صنداي تايمز". كيف تنتهي هذه الأزمة؟ هذا سؤال أطرحه غالبًا على الناس في أوكرانيا. في الآونة الأخيرة، تلقينا مؤشرات على أنّ الصراع ربما يصل إلى مرحلة أخيرة محفوفة بالمخاطر. لقد حدثت بعض التغييرات الدقيقة ولكن المهمة، بما في ذلك علامات الإرهاق على كلا الجانبين. يمكن اعتبار التحذير الصارم الذي وجهه الرئيس بوتين يوم الخميس، ضد السماح للغرب بشن ضربات عميقة في روسيا باستخدام أسلحة غربية الصنع بمثابة تأكيد على أنه متوتر، من أنّ الأمور قد تصل إلى نقطة تحوّل، ولكن ليس لصالحه. على نحو مماثل، فإنّ تصريح السير كير ستارمر في طريقه إلى واشنطن يوم الجمعة، بأنّ "هناك تطورات مهمة حقًا من المرجح أن تحدث في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة"، يؤكد الإحباط من الجمود المستمر والرغبة في إيصال الأمور إلى ذروتها قريبًا.إنّ الديناميكيات العسكرية والسياسية معقّدة للغاية، لدرجة أنّ إيجاد طريقة لإنهاء هذا الصراع، سواء في شكل وقف إطلاق النار أو شيء أكثر شمولًا، يمكن تشبيهه بالشطرنج ثلاثيّ الأبعاد. ومع ذلك، من الواضح أنّ كلا الجانبين يكافحان لجمع عدد كافٍ من الجنود لمواصلة القتال، ويشعران بالألم من ضربات الصواريخ بعيدة المدى التي تدمر البنية التحتية الوطنية. والواقع أن محاولة قطر الشهر الماضي للتوسط في حظر ضرب إمدادات الطاقة لبعضهما البعض، دفعت روسيا وأوكرانيا إلى أول مشاركة دبلوماسية ذات مغزى بينهما منذ أشهر عدة. وقد وصف الرئيس زيلينسكي، الذي أدرك أهمية هذه اللحظة، وحاول تشكيل اللعبة النهائية، التوغل الأوكرانيّ واسع النطاق في روسيا، والذي بدأ الشهر الماضي، بأنه "جزء من خطتنا للنصر". لكنّ النجاح بعيد كل البعد عن أن يكون مضمونًا وربما يواجه خيارات صعبة قريبًا.إنهاك وتعبفي مايو، دخل قانون جديد للتعبئة حيز التنفيذ استجابة لطلبات الجيش بتعبئة ما يصل إلى 500 ألف جنديّ جديد، ليحلوا محل الضحايا. ولم يجمع القانون حتى الآن حتى جزء صغير من هذا الرقم. وكانت هناك شكاوى من وحدات الخطوط الأمامية من أنّ المجندين الجدد يفتقرون إلى الدافع أو حتى رفضوا القتال.كل هذا أدى إلى صيف كئيب للجيش الأوكرانيّ في معظم أنحاء منطقة دونباس، ساحة المعركة الرئيسية في الشرق، مع اقتراب الجيش الروسيّ الآن من مركز النقل المهمّ في بوكروفسك. وفي العديد من الوحدات، انخفضت القوة الفعالة إلى الثلث أو حتى الربع. إنّ هجوم أوكرانيا على كورسك، الذي فاجأ الروس عندما بدأ في أوائل أغسطس، هو جزء من استراتيجية زيلينسكي لتقديم شيء يمكن أن نطلق عليه الفوز قبل أن يعترف بأنه سيكون شتاءً قاسيًا للغاية. أما بالنسبة لروسيا، فقد حققت مكاسب في أماكن، ولكن بتكلفة هائلة: تقدر الاستخبارات الدفاعية البريطانية خسائر روسيا خلال شهري يوليو وأغسطس بنحو 65000.السؤال الحاسم، كما هو الحال دائمًا عند وقف الصراع، هو ما إذا كان الطرفان المتحاربان قد توصلا إلى استنتاج مفاده أنهما لا يستطيعان كسب المزيد من خلال الاستمرار في القتال. عندما ناقشت النهايات المحتملة قبل بضعة أشهر مع دميترو كوليبا، وزير الخارجية الأوكرانية، كرر أنّ عدم رغبة روسيا في التخلي عن مواقفها المتشددة، لم يترك لها أيّ خيار. قال لي: "ما دام شعب أوكرانيا يعتقد أنّ هذا البلد بحاجة إلى الدفاع عنه، فسوف نستمر في القتال". لقد تضررت البنية التحتية في أوكرانيا بشدة. في وقت سابق من هذا العام، استغلت روسيا التأخير في توريد أنظمة الدفاع الجوّي الغربية، وقصفت شبكة الكهرباء في أوكرانيا، ما أدى إلى تدمير منشأة تخزين غاز مهمة، وفي مرحلة ما خفّضت قدرتها على توليد الكهرباء إلى النصف. قد تشتد حالات انقطاع التيار الكهربائي، التي تعدّ بالفعل لعنة على الحياة في أوكرانيا، مع تزايد برودة الطقس. من الواضح أنّ الروس أرجأوا المحادثات، التي كان من المقرر عقدها في 22 أغسطس، بسبب التقدم الأوكرانيّ في كورسك. لكنّ صحيفة "واشنطن بوست"، التي كشفت لأول مرة عن القناة الخلفية القطرية، أشارت إلى أنّ "بعض المشاركين في المفاوضات يأملون أن تؤدي إلى اتفاق أكثر شمولًا لإنهاء الحرب".(ترجمات)