سقوط نظام بشار الأسد في الـ8 من ديسمبر الماضي، كشف عن الآلاف من الانتهاكات التي قامت بها الأجهزة الأمنية السابقة بحق السوريين، فلا يكاد يمضي يوم من دون خروج تقارير تتحدث عن مقابر جماعية مكتشفة على كامل الرقعة السورية أو أن يتم تسجيل مقابلات مع معتقلين سابقين يتحدثون عن فظائع وقعت بحقهم في أقبية السجون السورية. كل ذلك بدأ يُلقي على روسيا عبئًا ثقيلا أمام المجتمع الدولي ويوجه لها أصابع الاتهام بمحاولتها التستر على جرائم عائلة الأسد، عبر الحؤول دون تقديم الرئيس السوري السابق للعدالة الدولية تنفيذًا مذكرات اعتقال صادرة بحقه. أول إجراء نفذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد سقوط نظام بشار الأسد هو منحه حق اللجوء الإنساني في خطوة توّجت الدعم العسكري والدبلوماسي اللامحدود الذي قدمته موسكو للنظام السابق طيلة السنوات الـ10 السابقة.هل تتخلى روسيا عن الأسد؟لكن انكشاف المزيد من الانتهاكات ضد الإنسانية قد يدفع روسيا، بحسب محللين، إلى أن تتبرأ من جرائم النظام السوري عبر اللجوء إلى واحد من 3 خيارات: يتمثل الأول في اغتيال الأسد وهو ما تحدثت عنه صحيفة بريطانية استنادا لما وصفتها بمصادر موثوقة من موسكو.في حين قد تلجأ موسكو لتسليمه إلى الجنائية الدولية إلى المحاكمة في خطوة قد تخلي ساحة موسكو من التورط في الاتهامات الموجهة إلى بشار الأسد خصوصا وسط أحاديث عن إمكانية إعادة روسيا كدولة فاعلة دوليا بعد تسلم ترامب منصبه في البيت الأبيض.الخيار الثالث هو تسليم بشار الأسد إلى الحكومة السورية باعتبار أن اللجوء الإنساني يسقط مباشرة عن الضالعين في الجرائم وهو ما رجّحه محللون باعتبار أن روسيا حال تسليمها الأسد ستتمكن من فتح صفحة جديدة مع دمشق أو أن يكون تسليمه جزءا من صفقة بشأن قاعدة طرطوس البحرية خصوصا أن روسيا قد غسلت يديها من نظام الأسد قبل أيام من سقوطه.أمر مستحيلوتعليقا على هذه التقارير، قال الدبلوماسي الروسي السابق، فيتشسلاف ماتوزوف، إنّ وسائل الإعلام الغربية هي أحد أسلحة دولها في حربها المتصارعة مع روسيا، لافتا إلى أن موسكو تخوض حربا ضد ما يقرب من 50 دولة غربية بسبب الحرب الأوكرانية. وأضاف في مقابلة مع قناة "المشهد"، أنّ الغرب يُساعد أوكرانيا بأحدث الأسلحة فضلًا عن المساعدات المالية وكل هذا يرسم شكل موسكو مع هذه الدول، مبينًا أن هذا الصراع يتم استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل تحقيق الأهداف. وأشار إلى أن قضية علاقات روسيا مع سوريا ليست قضية بسيطة، مستبعدًا أن تقوم روسيا بتسليم بشار الأسد إلى الجنائية الدولية أو حتى إلى النظام السوري القائم حاليا. وقال "أرى أن إمكانية تسليم الأسد إلى السلطة الحالية في سوريا أمر يبدو مستحيلا"، لافتا إلى أن قدوم موسكو على مثل هذه الخطوة سيكون له انعكاسات سلبية للغاية حول صورة روسيا في المجتمع الدولي وعن احتمالية قيام روسيا بتسليم الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية كجزء من صفقة تسوية مع الغرب، قال الدبلوماسي الروسي "موقف روسيا في حربها من أوكرانيا جيد وهي تحقق نجاحات وبالتالي ليست في حاجة إلى مثل هذه الصفقات". وأشار الدبلوماسي الروسي، إلى أن الملف السوري يختلف تماما عن ملف الحرب الروسية الأوكرانية وعلاقة موسكو بالدول الغربية وأميركا. وقال إنّ موسكو تنظر إلى تنصيب ترامب في البيت الأبيض باهتمام، مشيرا إلى أن علاقة روسيا بأميركا خلال فترة ترامب لن تكون أسهل من علاقتها خلال حقبة جو بايدن.(المشهد)