استمرار الحرب على قطاع غزة والتي دخلت يومها الـ38 ردا على هجوم "طوفان الأقصى" الذي شنته حركة "حماس" على بلدات غلاف غزة، يُنذر بكارثة حقيقية من كل النواحي، حيث تسببت الحرب الإسرائيلية المستمرة بلا هوادة، بتكدّس جثث الفلسطينيّين تحت الأنقاض، نتيجة عدم قدرة جهاز الدفاع المدني المحليّ أو أجهزة الإنقاذ الأخرى على انتشالهم، بسبب عدم توافر الإمكانات اللازمة، وكثافة القصف المدفعيّ والجويّ والأحزمة النارية على أرجاء القطاع المحاصر.تقول الفرق العاملة مع الدفاع المدني وأهالي غزة، الذين يهبّون لانتشال الضحايا والمفقودين من تحت المناطق التي تعرضت للقصف: "في كثير من الأماكن، نقف عاجزين عن القيام بواجبنا الإنساني، وهذا سيفاقم الأزمة ويرفع أعداد الضحايا بشكل كبير"، ووفق هؤلاء فإنهم يحتاجون مركبات إنقاذ وإطفاء، وأجهزة كشف عن الأحياء وأقنعة تنفّس أسوة بما يحدث خلال الكوارث في العالم، لكنهم محرومون من ذلك بفعل الحرب المستعرة. وفي ظلّ الظروف الصعبة خلال الحرب الحالية التي تعصف بالغزّيين وانعدام أبسط المستلزمات الحياتية، فإنّ قلة فرق الإنقاذ، واضطرارها إلى الانتقال بين موقع وآخر جعل جزءًا كبيرًا من عمليات الإنقاذ والانتشال يتمّ من قبل أهالي الضحايا والمتطوعين والجيران، وهم غير مؤهلين أو مدرّبين لمهمات معقّدة وخطرة كهذه. فيما حذرت وزارة الداخلية في غزة من كارثة إنسانية وبيئية في القطاع؛ بسبب وجود جثامين أكثر من ألف قتيل تحت أنقاض المنازل المدمرة، بفعل الغارات والقصف الإسرائيلي المستمر، وبهذا الصدد تقول منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر والاتحاد الدولي، إنّ الكثير من الناس يلقون حتفهم في الكوارث الطبيعية أو النزاعات المسلحة، ولذلك فإنّ "انتشار هذه الجثث أمر مؤلم ومفجع للمجتمعات المتضررة". 2700 بلاغ عن مفقودين تحت الركام يقول وكيل وزارة الصحة د.يوسف أبو الريش لمنصة "المشهد"، بأنّ وزارة الصحة تلقّت قرابة 1700 بلاغ عن مفقودين لا يزالون تحت الأنقاض منذ بداية الحرب على غزة، وأنّ إجماليّ عدد المفقودين قد وصل إلى نحو 2700 من بينهم 940 طفلًا، ويظل احتمال وجود أحياء من بين العالقين تحت الردم والركام قائما، لكنّ الفرق تواجه صعوبات جمّة في إخراجهم، ونقص كبير في المستلزمات. وحذر أبو الريش "من مغبة وقوع مكاره صحية وانتشار للأوبئة من جرّاء بدء تحلّل الجثامين، خصوصا أنّ الفترة الحالية تشهد ذروة انتشار الفيروسات والأمراض المعدية، ما سيزيد من مخاطر الوضع الصحي، مشيرًا إلى أنّ العدد الأكبر من المفقودين يتركز في مناطق شمال وغرب مدينة غزة". ويصف النازح عبد الله حسونة لمنصة "المشهد" الوضع من حوله قائلا: "شممت رائحة تدل على تحلّل الجثث الكثيرة تحت الركام، وذلك خلال نزوحي أنا وعائلتي والأقارب والجيران سيرًا على الأقدام من شمال غزة إلى جنوبها، حيث مررنا بالقرب من مئات المباني المدمّرة والمقصوفة بالطيران والمدافع الإسرائيلية والتي باتت كومة من الدمار، لا أعلم كيف سيستخرجون من بقي حيًا، المشاهد صعبة ومرعبة ولا يمكن للعقل البشري أن يتخيّل ما آلت إليه حارات ومناطق غزة السكنية.. دمار، دمار هائل".ظروف تعرقل انتشال الجثثويتزايد وجع ومعاناة سكان غزة بفعل الحرب حيث اضطرت عائلات إلى الهروب من مناطق سكنها بفعل القصف الإسرائيليّ العنيف، من دون أن تتمكن من إخلاء مفقوديها من تحت منازلهم، ومن بينها عائلة أحمد الجمل التي نزحت من شمال غزة إلى رفح، وذلك بعد ساعات فقط من تدمير منزل العائلة، تاركة 4 مفقودين تحت ركام المنزل الذي صار البقاء بالقرب منه وفي محيطه أمرًا شديد الخطورة على حياتهم وأطفالهم.ويقول أبو خالد الجمل لـ"المشهد": "ناشدنا وزارة الصحة والدفاع المدنيّ والجهات المسؤولة عن وضع أفراد عائلتنا الذين تركناهم تحت الأنقاض، الوضع الميدانيّ أرغمنا على النزوح في تلك اللحظة، ونحن الآن لا نملك أيّ شيء لحياتنا اليومية، والوضع بات عصيبًا علينا وعلى الجميع.. أما لهذه الحرب القاسية أن تنتهي؟". الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل يقول لـ"المشهد" إنه "مع استمرار الأحزمة النارية والقصف المستمر، تتعامل طواقم الدفاع المدنيّ في الدقيقة الواحدة مع نحو 20 استهدافًا، وفي المقابل وصلنا لمرحلة لا نستطيع تلبية النداءات كافة، وبتنا نحتاج لمعدات أكبر وقادرة على انتشال المفقودين من بين الكمّ الهائل من الركام، فإسرائيل دمرت 4 مقرات للدفاع المدني، من بين 15 مقرًا، وقتلت 12 من أفراده البالغ عددهم 100 عنصر، وبسبب تعاقب الغارات الإسرائيلية وآثارها المدمرة، يواجه العناصر صعوبات جمّة في عمليات الإنقاذ". وناشد بصل من خلال "المشهد" ضرورة "إدخال فرق إنقاذ دولية مع آليات ثقيلة للمساعدة في عمليات الإنقاذ، حيث وصلتهم مئات المناشدات من المواطنين الذين ما زالوا يسمعون أصواتًا تحت البنى والمنازل التي دُمّرت في بعض المواقع، وهذا دليل على وجود أحياء بحاجة للمساعدة".(المشهد - القدس)